اخبارالرئيسيةعيون

ليبيا: استمرار اجتماعات لجان الحوار السياسي على وقع عملية مرتقبة غرباً

العربي الجديد-

تستعد اللجان المنبثقة من ملتقى الحوار السياسي الليبي، أخيراً، لعقد مزيد من الاجتماعات، بهدف الإسراع في عقد جلسة مباشرة لموافقة نهائية على المقترحات التي يتوافق عليها أعضاء اللجان، في وقت أثارت فيه عودة التصريحات والمناكفات بين قادة طرابلس أسئلة عما تخفيه كواليس الأزمة.

وتهدف التوافقات بين أعضاء اللجنتين المنبثقتين من ملتقى الحوار، الاستشارية والقانونية، إلى التوصل إلى صيغ نهائية بشأن آليات اختيار شاغلي سلطة تنفيذية جديدة، وقاعدة دستورية تجري وفقها انتخابات وطنية نهاية العام الجاري.

وقالت البعثة الأممية في ليبيا، أمس الأحد، إن أعضاء اللجنة القانونية قدموا “مقترحاتهم بشأن القاعدة الدستورية المؤدية إلى الانتخابات الوطنية”، مشيرة إلى توافقهم على عقد جلسات مكثفة خلال هذا الأسبوع للوصول إلى التوافق على مقترح/ مقترحات.

وأكدت، في بيان، أن اللجنة الاستشارية تستعد لعقد جلسة مباشرة في جنيف السويسرية، نهاية الأسبوع الجاري.

ويأتي هذا في الوقت الذي كشفت فيه مصادر مقربة من عدة أعضاء بالملتقى النقاب عن اتفاق نهائي بين أعضاء اللجنة القانونية، يقضي بتأجيل النظر في مسودة الدستور الدائم والبحث عن بدائل دستورية لتشكل قاعدة للانتخابات المقبلة.

الاستفتاء الشعبي مؤجل

ومنذ أن انتهت الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور من وضع مسودة للدستور الدائم للبلاد، وقدمته لمجلس النواب في يوليو من عام 2017، لا تزال مسألة استفتاء الشعب عليه مؤجلة، بسبب الانقسام الكبير الذي شهده مجلس النواب.

وبحسب المصادر ذاتها التي تحدثت لـ”العربي الجديد”، فإن الاتفاق جرى على إنشاء قانون انتخابات وفق مقترحات عدّة قدمها أعضاء الملتقى، من بينها قانون يستند إلى مقررات “لجنة فبراير”، التي جرت وفقها انتخابات مجلس النواب الحالي، وآخر يستند إلى دستور ليبيا المقر عام 1951، مبينة أن أعمال اللجنة لا تواجه عراقيل كبيرة، وأن نتائجها من المرجح إعلانها قريباً.

لكن طريق عمل اللجنة الاستشارية لا يزال يواجه عقبة التوافق على آلية معنية لاختيار شاغلي السلطة الجديدة، والراجح أن تحمل حقائب أعضاء اللجنة للجلسة المباشرة للملتقى مقترحاً لا يتعارض مع الواقع الذي باتت الأطراف الليبية تفرضه على الأرض سياسياً وعسكرياً، بحسب رأي الصحافي الليبي سالم الورفلي.

عملية “صيد الأفاعي

وبعد إعلان وزير الداخلية بحكومة “الوفاق”، فتحي باشاغا، عزم وزارته على إطلاق عملية أمنية، في تصريحات لوكالة “أسوشييتد برس”، الأسبوع الماضي، عارض وزير الدفاع بالحكومة، صلاح النمروش، العملية وطالب بضرورة معرفته بتفاصيلها.

ونقل بيان لوزارة الدفاع عن النمروش عدم وجود تنسيق مسبق أو اطلاع من قبل وزارة دفاع الوفاق بخصوص عملية “صيد الأفاعي”، مطالباً الجهات ذات الاختصاصات الأمنية بالتنسيق المسبق مع الوزارة بمؤسساتها العسكرية والأمنية لتحقيق الأمن للمواطنين وحفظ سيادة الوطن ومؤسساته.

وبعد تصريحه لوكالة “أسوشييتد برس”، بشأن التحضير لعملية أمنية “ضد المسلحين الخارجين عن القانون ومهربي البشر والوقود” بالمنطقة الغربية، داعياً الولايات المتحدة إلى المساعدة في ملاحقة عناصر إرهابية جنوبي البلاد، أوضح باشاغا، في حديث لتلفزيون ليبيا الرسمي، أمس الأحد، أنّ هذه العملية الأمنية أُعدَّ لها من مدة طويلة، وستكون تحت إشراف وزارته وبالتعاون مع المنطقة العسكرية الغربية وطرابلس وبدعم دولي، مضيفاً: “ستبدأ عندما تكون كل الاستعدادات جاهزة”.

وعلى الرغم من تحفظ وزارة الدفاع، يبدو أنّ الداخلية ماضية في تنفيذ عمليتها. فقد أعلنت، الأحد، إجراء نشاط مكثف لدورات وحداتها الأمنية في العاصمة طرابلس “ومحيطها ومدن الساحل الغربي وجبل نفوسة”، مشيرة إلى أن وحداتها انتشرت داخل المدينة وضواحيها لـ”حفظ الأمن وضبط المجرمين والخارجين عن القانون”.

 

مناكفات بين باشاغا والنمروش
وتتوزع خريطة المجموعات المسلحة في طرابلس وغربي البلاد عموماً بين جهتين، وزارة الداخلية ووزارة الدفاع، فيما تبدو اختلافات واضحة بين باشاغا والنمروش.

وجاءت تصريحات النمروش بعد عودته من زيارة رسمية لأنقرة، التقى خلالها بنظيره التركي، خلوصي آكار، ورغم حديث تقارير إعلامية عدة عن موقف تركي غاضب من سياسات باشاغا وميلاً إلى النمروش، إلا أنّ الورفلي يرى أنّ المناكفات الجارية بين الشخصيتين الأبرز في معسكر غرب البلاد “قد يكون وراءها طموح شخصي إلى تولي مناصب بارزة في مشهد الحكم المقبل”.

وعكس المخاوف التي قد تشير إلى إمكانية وقوع صدام مسلح بين المجاميع المسلحة التابعة للوزارتين، يؤكد الورفلي أنه “تكهن بعيد عن المعطيات الموجودة على الأرض، حيث توزيع مواقع المجموعات المسلحة متداخل بشكل كبير، ما يمنع وقوع صدامات، وخصوصاً في طرابلس من جانب، ومن جانب آخر فالمجتمع الدولي حسم أمره بشأن وقف إطلاق النار وضرورة حصر المجموعات المسلحة في برامج دمج رسمية، سواء في المؤسسة العسكرية أو الأمنية”.

ويلفت الورفلي إلى أنّ “أنقرة تدرك أنّ باشاغا شخصية بات لها قبول داخلي وخارجي، وله قدرة على فرض رؤيته المتسقة مع الرغبة الدولية في حلحلة أزمات البلاد سلمياً”، ويضيف: “ومن جانب آخر، تبدو شخصية النمروش الأقدر على الاحتفاظ بقوة علاقة أنقرة بجبهات القتال والواقع الميداني في غرب البلاد”. ويبين أن الداخلية نقلت صوراً، الأسبوع قبل الماضي، عن استقبال باشاغا لممثلين عن شركة تركية في الصناعات الدفاعية بارزة، بهدف عقد شراكة معها.

تصفيات على الساحة الليبية

لكن قراءة الأكاديمي الليبي ياسين العريبي، المهتم بالشؤون الأمنية، للمواقف والتصريحات الجديدة، ترى أنها تسير في طريق التصفيات التي تشهدها الساحة الليبية لرسم ملامح للواقع الذي لن يتمكن قادة الحوار السياسي من تجاوزه، مرجحاً أن وزارة الداخلية تلقت موافقة دولية بشأن توسيع رقعة سيطرتها في غرب البلاد وجنوبها.

ويتابع العريبي رصده للأحداث، خلال حديثه، لـ”العربي الجديد”، بالقول إن “حديث باشاغا عن أطراف العملية المرتقبة يبيّن بوضوح رجوع التحالف بين مصراتة التي ينحدر منها وبين الزنتان التي ينحدر منها آمر المنطقة العسكرية الغربية أسامة الحويلي”، مؤكداً أن المنطقتين تشكلان ثقلاً عسكرياً وسياسياً ومناطقياً هو الأهم في غرب ليبيا.

ولا تستهدف عملية وزارة الداخلية السيطرة على طرابلس، بل تتجه إلى مناطق نفوذ هي الأهم ومحط أنظار الدول المتنافسة، ويقول العريبي “تحديداً منطقة وسط البلاد، فطلب باشاغا موافقة أميركية للذهاب للقضاء على مجموعات إرهابية في الجنوب وجدت فراغاً للتمركز مجدداً بسبب الفراغ الذي أحدثه اللواء المتقاعد خليفة حفتر في المنطقة، في أثناء عدوانه على طرابلس يشير إلى ذلك”.

وبمزيد من التفصيل، يؤكد أن باشاغا وحلفاءه كرئيس المجلس الرئاسي لحكومة “الوفاق” فائز السراج، ونائب رئيس المجلس أحمد معيتيق، “هدفهم تثبيت وجودهم في المنطقة الاستراتيجية المتاخمة لسرت وقريباً من مواقع النفط، وتحديداً مثلث الواقع جنوب سرت”.

ويتابع: “استباقاً لوصول مراقبين دوليين لمراقبة وقف إطلاق النار، يجب على الوفاق السيطرة على نصف المنطقة الاستراتيجية بين بن جواد القريبة من الهلال النفطي وجنوباً حتى سوكنة المشرفة على حقول النفط، بالإضافة إلى مواقعها الحالية في غرب سرت”.

ويبين العريبي أن “تصريحات باشاغا الجمعة الماضية أشارت إلى رسالة من حكومة الوفاق لموسكو بشأن تأجيل التفاوض الاقتصادي معها إلى حين سحب مقاتليها من المنطقة جاءت بمثابة رسالة ضغط تهيئ الأوضاع في المنطقة الاستراتيجية، وخصوصاً أن الوجود الروسي عبر مرتزقة (فاغنر) يتركز في هذه المنطقة”.

والمساعي هذه “لا تهدف إلى تثبيت بقاء الحكومة بقدر ما تهدف إلى فرض بعض قادتها لأنفسهم في المشهد المقبل كشخصيات قادرة على التغيير والتأثير والإمساك بزمام مصالح الدول المتدخلة والقوية في الملف الليبي”، بحسب الورفلي، الذي يتساءل “عن موقف حفتر الذي لا يزال يملك قوات في المنطقة، فالتقديرات قد تشير إلى وجود اتصالات غير مباشرة بين طرابلس وحفتر، أو أن حلفاء حفتر، وأبرزهم القاهرة، هم الذين أعطوا الضوء الأخضر للعملية المرتقبة”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى