الحرة-
عام 2020، كان استثنائيا على أكثر من صعيد، بحكم الوضع الخاص الذي فرضته جائحة كورونا على مختلف مناحي الحياة، ففي 2020 أصبحت بعض أكثر المدن ازدحاما في العالم شبه مهجورة، إثر الحجر الصحي وتدابير الإغلاق.
السياحة والتظاهرات الثقافية والرياضية توقفت، وانعكس ذلك على قطاع المال والاقتصاد بشكل كبير.
ولعل قطاع النفط كان من بين القطاعات الأكثر تأثرا خلال السنة التي تشرف على الانقضاء، إذ حافظت الأسواق على سعر متدن لبرميل النفط على مدى أشهر عديدة، وقد أثار ذلك خلافات حول طريقة التعامل مع الأزمة بين أكبر الدول المنتجة للنفط، خاصة السعودية وروسيا.
فهل كان 2020 أسوء عام على قطاع النفط؟
مجلة “فوربيس” قارنت بين عامي 1985 و2020 بالقول إن المقارنة بين السنتين تبدو مناسبة، لأن الانهيار في أسعار النفط الذي حدث في كلا العامين “نشأ في البداية لنفس السبب وهو رغبة السعودية في إغراق السوق العالمية بالنفط بدافع الرغبة في استعادة حصتها المفقودة”.
صحيح أن جائحة فيروس كورونا المستجد، أثرت في أسعار النفط، لكن بحسب “فوربيس” فإنه لا ينبغي لأحد أن يستبعد حرب الأسعار بين السعودية وروسيا التي اندلعت في 4 مارس بسبب انهيار اتفاقية “أوبك +” كعامل كبير في أزمة النفط الحالية.
استمر انهيار “أوبك +” لبضعة أسابيع فقط، لكنه أدى مباشرة إلى ذلك اليوم الذي لن يُنسى في أبريل عندما تحول سعر غرب تكساس الوسيط إلى سالب 37.63 دولارًا للبرميل – بطريقة غير مسبوقة.
كان السبب، مخاوف التجار من امتلاء مخزون الخام الأميركي بالكامل في وقت ما خلال مايو وسط تقارير عن وجود أسطول من ناقلات النفط تحتوي على 50 مليون برميل من الخام السعودي متجه إلى مصافي التكرير الأميركية.
تبين لاحقًا أن هذه التقارير لم تكن دقيقة جدًا، لكن الضرر كان قد حدث، وكان كل ذلك بمثابة صدمة كبيرة للنظام العالمي.
خفض إنتاج تاريخي
قامت شركات النفط والغاز في أميركا الشمالية وأوروبا بتخفيض ما يقرب من 145 مليار دولار مجتمعة في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2020، وهو أكبر عدد خلال فترة التسعة أشهر تلك منذ عام 2010 على الأقل.
ووفقًا لتحليل “وول ستريت جورنال” تجاوز هذا الإجمالي بشكل كبير عمليات التخفيض التي تم إجراؤها خلال نفس الفترات في 2015 و2016، خلال الكساد الأخير للنفط.
وبلغت نسبة التخفيض تلك ما يقرب من 10 في المائة من القيمة السوقية الجماعية للشركات.
كانت شركات النفط الأوروبية الكبرى من بين أكثر شركات النفط قوة، حيث شكلت أكثر من ثلث عمليات التخفيض في الصناعة هذا العام.
وسجل منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة، انخفاضًا أكبر مما كان عليه في السنوات الأربع الماضية معًا.
واستبعدت البيانات، التي شملت الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2020، خطة شركة إكسون موبيل التي أعلنت عنها مؤخرًا لشطب ما يصل إلى 20 مليار دولار في الربع الرابع وخفضت شركة شيفرون التي تبلغ قيمتها 10 مليارات دولار في أواخر عام 2019.
زيادة الاهتمام بموارد الطاقة البديلة
وفقا لتحليل بيانات من (S&P Global Market Intelligence) سجل الطلب العالمي على الطاقة انهيارا غير مسبوق، حيث تضاءلت التدفقات النقدية من النفط والغاز.
وقالت الشركة في مقدمة تحليليها إن “انهيار عام 2020 ربما تجاوزهم جميعًا (الأعوام السابقة)، لا سيما بالنظر إلى سرعته وشدته”.
وفي غضون أسابيع، خفض المنتجون المستقلون في الولايات المتحدة مثلا إنتاجهم بمقدار الثلث أو أكثر وسرحوا عشرات الآلاف من الموظفين.
كما واجهت شركات النفط أيضًا حالة من عدم اليقين على المدى الطويل بشأن الطلب المستقبلي على منتجاتها الرئيسية وسط صعود السيارات الكهربائية وانتشار الطاقة المتجددة والقلق المتزايد بشأن التأثير الدائم لتغير المناخ.