الرئيسيةالراي

الذكاء الصناعي والتعليم

* كتب/ يوسف أبوراوي،

من سنوات كنا نقول بضرورة تغيير نمط التعليم والتعلم، وتجاوز طريقة نقل المعلومات التي كانت نافعة في أزمان كان الحصول فيها على المعلومة من أصعب الأمور، إلى طريقة تناسب عصر المعلومات، حيث صارت هذه المعلومات متاحة للجميع بأيسر الطرق، وضرورة إثارة العقول وتحفيزها بدل تعبئتها بما هو متاح ومتوفر.

وبما أن الزمن لا ينتظر أحدا ولا يجامله، أتت التقنيات الجديدة على مستوى الذكاء الصناعي ومعالجة اللغة والتعلم من البيانات، ولعل أشهرها هذه الأيام GPT-3، لتستمر في نفس النهج وتعمقه، فيمكن لهذه الموديلات الصناعية الإجابة على أي سؤال عبر التعلم من كل ما كتبه ونشره البشر في الموضوع، بل تتجاوز ذلك إلى حل المسائل الرياضية وإيضاح خطواتها، وكتابة الأكواد البرمجية بكل رشاقة وفاعلية.

ببساطة، بعد أيام لن يكون مجديا سؤال الطلاب واختبارهم باستخدام الأسئلة المقالية، ولا الأسئلة متعددة الإجابات، ولا المسائل التقليدية التي يوجد حلها في الكتب، كل ذلك سيكون في متناول خوارزميات البحث والتنقيب والتعلم، وستجيب عن السؤال حتى لو استخرجته من كتاب ورثته عن أحد أجدادك، وتخبئه في غرفة سرية في بيتك، إننا في عصر هتك الأسرار أيها السادة !!!!

سينبري هنا أحد الدهاقنة ليؤكد أنه يعيش خارج الزمن تماما ليقول يجب قطع الانترنت على الطلبة حتى نجبرهم على الحفظ والإجابة، وهي طريقة مشابهة لمن يحاول التصدي للقنابل النووية بسيف عنترة، ثم يبرر هزيمته ليقول لو خرجوا لنا رجلا لرجل لهزمناهم !!!!!

مازلنا نترنح جراء صدمة اختراع المطبعة قبل 500 عام، ولم نستطع تطوير منهجيات تناسب الزمن

يجب على المؤسسات التعليمية تغيير كامل النمط القديم، واصطناع أساليب أخرى لا تعتمد التلقين والتكرار، وهنا لا يجب علينا حتى أن نخترع، فنحن مازلنا نترنح جراء صدمة اختراع المطبعة قبل 500 عام، ولم نستطع تطوير منهجيات تناسب الزمن، أعلم ذلك تماما، فقط علينا مراقبة الغير والاستفادة من تجاربهم لعلنا نخرج من الحالة الموميائية التي نحن فيها، كما يمكننا تجاهل كل ذلك، والإمعان في التشبث بالتراث واستدعاء الماضي، ووصم كل جديد بالبدعة والعدوان علينا وعلى قيمنا، وإشعال الدنيا بالصراخ كالعادة، ولن يهتم بنا أحد أيضا كالعادة، لنستمر في جولات من التيه لا نهاية لها، وربما يتم استخدامنا في بعض المتاحف للتدليل على تفوق الغباء البشري على الذكاء الاصطناعي !!!!

ملاحظة: ما أقوله ليس وهما، ولا انبهارا بالغرب، ولا أيدولوجية علمية، ولا تقديس للتكنولوجيا، هي مجرد حقائق بسيطة يمكنك التأكد منها بكل سهولة ويسر.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى