
* كتب/ طارق القزيري،
حين ترتدي الأطباق البراقة الأخرى حُلَّة الزيف، تبقى هي رصينةً بأصالتها لا تذبل، تهمس للعالم بأن الروعة الحقيقية تقاس بعمق معاني الذكريات وبساطتها وليس ببريق عابر.
لم ينجح “تيك-توك” و”إنستغرام” الغواني، وصحونهم الفاقعة في هزيمتها، فلم تكن تخوض حروبهم أصلا، لأن الأبدية لا تقاس بمسطرة العصرِ الطارئة، وقد تعالت على معايير المكونات وصنعت لذاتها معراجاً لا تشرحه السبورات الذكية.
صحن يختزن دموع جدتي وأمّي من البصل، وضحكاتنا وتململ طفولتنا في انتظار المغرب ومدفع الإذاعة وشكوى البسباسي الموسمية.
كاهنةِ الزمنِ السريَّةِ، شربة رمضان تلك النفحة السحرية التي تُعيد ترتيب أوراق الخاطر قبل المعدة.
سفر الذاكرة يتفتح على ملعقة واحدة: رشفة تنهل من تعالي الأذان، وتسكب نغم المئذنة في حناجر الأواني. ورائحة القهوة تتلصص عقب بياض حليب ناصع، وحلاوة رطب وتمر، حتى تلبسك الحيرة؛ أهذه لذة الطعام أم وخز الحنين؟
“زمنية هلبة” و”قديمة واجد”، عظمتها في عفويتها، ومكمن تألقها في مشاعرنا، كملكة متوجة لا تُهزم في معركة الأذواق.
حاربوها بفوضى الذوق، فتحصنت بالغياب حتى لقاء حبيبها رمضان، كحادي قافلة عتيقة يطربه إيلاف الصيف والشتاء. حداثة متجددة ومعراج روحي لممالك يهجرها السطحيون.
شربة رمضان: يكفي أنك هنا، لنعرف أننا لا زلنا هنا كذلك.