اخبارالرئيسيةعيون

مواقف دولية جديدة تجاه ليبيا: هل ترسم ملامح الخارطة السياسية المقبلة؟

العربي الجديد-

عاد المشهد الليبي والحلول المطروحة بشأن أزمته للارتهان لمواقف وخيارات الأطراف الإقليمية والدولية المتصلة به مجدداً، فيما يبدو أن تأثيراتها تسير باتجاه الوضوح نحو رسم ملامح خارطة ليبيا السياسية الجديدة.

وفي وقت تراجعت فيه حدة التصعيد العسكري، التي أبرزتها تصريحات وبيانات من كلا طرفي الصراع مؤخراً، نبّهت رئيسة البعثة الأممية في ليبيا بالإنابة، ستيفاني ويليامز، إلى “وجود تأخير في التقدم نحو تحقيق مستوى مقبول من الإجماع على آلية لاختيار السلطة التنفيذية، وهو ما يحتم عليها بصفتها وسيطة في الحوار ومن باب التمسك بالواجب الأخلاقي والمهني معالجة هذه العقبات والمساعدة في إرشاد الليبيين لتوافق مقبول يساهم في إجراء الانتخابات التي تمثل الهدف الأسمى”، وفق قولها في بيان للبعثة صدر في وقت متأخر من ليل الأربعاء.

وإثر مطالبة رئيس مجلس النواب في طبرق، عقيلة صالح، أمس الأربعاء، باعتماد مبادرته السياسية، التي أعلن عنها مطلع إبريل الماضي، أساساً لحل سياسي في البلاد بتقاسم السلطة السياسية وفق منطق التوزيع بين أقاليم ليبيا الثلاثة، قالت ويليامز، إنّ “نجاح العملية السياسية لن يتحقق إذا كان النهج المتبع في المداولات مبنيا على حسابات الربح والخسارة، وما تحتاجه ليبيا ليس معادلة لتقاسم السلطة بل معادلة لتحمل المسؤولية بشكل تشاركي يقود نحو الانتخابات”، في رد ضمني على مطالب صالح.

وجاءت كلمة ويليامز، بعد يوم من دعوتها للجنة القانونية المنبثقة من ملتقى الحوار السياسي للاجتماع، ودون أن تدلي بتفاصيل عن مستجدات أعمال اللجنة، دعت إلى ضرورة تشكيل لجنة استشارية مكونة من 15 مشاركاً في ملتقى الحوار للتوافق بشأن القضايا الخلافية بين أعضاء الملتقى.

وقالت إنّ “العد العكسي بدأ في 21 ديسمبر مع جداول زمنية واضحة بحسب خارطة الطريق، فموعد الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل ولن نتراجع عنها”، داعية أعضاء الملتقى لتقديم التنازلات، قائلة: “أنا أطلب ذلك منكم الآن لأن الوقت رفاهية لم تعد متاحة في هذه العملية، خاصة إذا كنتم تريدون التوصل إلى حل مصنوع فعليًا في ليبيا، فما لا تريدون المجازفة به هو الحصول على حل مصنوع خارج ليبيا ومفروض عليكم بطريقة أو بأخرى”.

وحول مستجدات أعمال الملتقى، قالت مصادر ليبية مقربة من أعضاء الملتقى، لـ”العربي الجديد”، اليوم الخميس، إنّ البعثة ستعلن قريباً عن لجنة استشارية مكونة من 15 عضواً من أعضاء الملتقى تعمل على تحقيق إجماع بشأن آليات اختيار شاغلي السلطة التنفيذية الجديدة، مرجحة أن تنعقد جولة جديدة “مباشرة” بين أعضاء الملتقى الأسبوع المقبل في تونس، يعلن في نهايتها عن شكل السلطة الجديدة، فيما ستعلن اللجنة القانونية عن الشكل الأولي المقترح للقاعدة الدستورية، التي ستجرى وفقها الانتخابات، يوم 11 يناير المقبل من مدينة جنيف السويسرية.

صراع الرجلين البارزين في الشرق

وتحدث تلك الخطوات برعاية البعثة الأممية، التي تؤكد ذات المصادر التي تحدثت لـ”العربي الجديد” أنها عازمة على تنفيذها بإصرار وثقة في مواعيدها، تزامناً مع حراك آخر يجري في خلفيات الصراع الليبي الداخلي، فحتى الآن لا يزال يعيش المشهد في معسكر شرق البلاد، خلافات عميقة بين أبزر رجلين فيها، اللواء خليفة حفتر وعقيلة صالح.

فبعد تصعيد عسكري كبير من جانب حفتر، بل الدعوة لتجديد حروبه بدعوى مواجهة “الغزو التركي”، التي جاء الرد عليها سريعاً من جانب أنقرة على لسان وزير دفاعها، خلوصي أكار، بأنّ مليشيات حفتر ستكون “هدفاً مباشراً” إذا هددت المصالح التركية في ليبيا، ذهب صالح إلى عكس اتجاه حفتر، مشدداً على ضرورة “وقف إطلاق النار” وتنفيذ الاتفاق العسكري، بل و”السير نحو التوافق على توحيد المؤسسة العسكرية”، التي لا يزال يصر حفتر على أنه القائد العام لها.

وبموازاة مساع حثيثة للبعثة الأممية من أجل تشكيل لجنة استشارية من أعضاء ملتقى الحوار السياسي للخروج بموقف موحد حيال آليات اختيار شاغلي السلطة التنفيذية الجديدة، عبّر صالح عن رفضه لما وصفه بـ”محاولات خلق مسارات موازية والقفز على ثوابت المساواة والعدالة بين الليبيين، وأهمها حقوق سكان الأقاليم الثلاثة في التعبير عن إرادتهم الحرة في خدمة إقليمهم، واختيار ممثليهم وصياغة دستور للبلاد، وتحقيق المصالحة الوطنية”.

وفيما يبدو شعوراً من جانب صالح بفقدان حظوظه في تولي منصب هام في السلطة الجديدة تزامناً مع سعي للإطاحة به من منصبه كرئيس لمجلس النواب، دعا إلى “احترام إرادة سكان كل إقليم في اختيار ممثليهم في المجلس الرئاسي، ورئاسة الوزراء، ودون خضوع لإرادة إقليم آخر، ودون وقوع الإقليم وسكانه ضحية لمؤامرات تتجاوز حدود الإقليم، وتصادر حقهم في اختيار من يمثلهم وهو الخيار الثالث في قائمة الآليات المقترحة في منتدى الحوار السياسي برعاية بعثة الدعم التابعة للأمم المتحدة في ليبيا”، وهي إشارة واضحة  تؤكد ذهاب ملتقى الحوار السياسي إلى استبعاد الآليات التي سبق أن صوت عليها، بحسب المحلل السياسي الليبي خميس الرابطي، الذي يرى أن بيان صالح يحث الملتقى للعودة لاعتماد تلك الآليات التي تضمن تقاسم السلطة وفق مبدأ الأقاليم الثلاثة.

وبشكل أوضح يضيف صالح: “اخترنا مسارات محددة للوصول إلى تسوية سياسية شاملة مرضية لكل الليبيين، مسارا سياسيا ينتهي إلى تشكيل مجلس رئاسي من رئيس ونائبين يمثلون الأقاليم الثلاثة وحكومة وحدة وطنية ومقرهما المؤقت مدينة سرت، التي اخترناها كجسر يربط بين الليبيين من الأقاليم الثلاثة بهدف إعادة الثقة وتحقيق التواصل بين مؤسسات الدولة فور توحيدها”.

لكن اللافت في بيان صالح بحسب الرابطي في حديثه لـ”العربي الجديد” إشارته إلى توافق مبادرته السياسية مع المبادرة التي أعلنت عنها القاهرة مطلع يونيو، معتبراً أنها تضمين لرضاه عن المساعي المصرية الأخيرة للتقارب مع طرابلس، وبمعنى آخر مغازلة لقادة طرابلس بعد تسريبات تفيد بوجود وساطة إيطالية بين حفتر ورئيس المجلس الرئاسي فائز السراج.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى