اخبارالرئيسيةعيون

غضب في الشارع الليبي وجدل حول “أزمة تشريعية مرتقبة”

الحرة-

احتجاجات متواصلة، وتظاهرات تطالب بإسقاط “كافة النخب السياسية”، واتهامات للسياسيين بالتمسك بالسلطة على حساب “المصلحة الشعبية”، هكذا تصاعدت الأحداث في ليبيا خلال الأيام الماضية، وسط مخاوف من انزلاق البلاد إلى مرحلة جديدة من عدم الاستقرار.

ومنذ يوم الجمعة، تشهد عدة مناطق في ليبيا مظاهرات مستمرة نتيجة الإحباط الناتج عن انقطاع الكهرباء، ومشكلات البنية الأساسية، في ظل إخفاقات مستمرة للمؤسسات السياسية في البلاد.

وفي أكبر احتجاج منذ سنوات في ليبيا، تظاهر مئات في ساحة الشهداء في طرابلس، وفي طبرق اقتحم محتجون مقر البرلمان وأضرموا النار في أجزاء منه، وأغلق المتظاهرون الطرق في بنغازي ومصراتة وأضرموا النار في مبان حكومية في سبها والقره بوللي، حسب “رويترز”.

وركزت الحكومة في طرابلس خلال اجتماعها الأسبوعي، الاثنين، على تهدئة الشارع عبر مناقشة أزمة انقطاع التيار الكهربائي، بينما أقر رئيس الوزراء، عبد الحميد الدبيبة، بأن السلطة التنفيذية “استخفت” بالمشكلة، حسب فرانس برس.

ولم يعقب رئيس الوزراء المنافس، فتحي باشاغا، رسميا على الاضطرابات الاجتماعية التي تستهدف الطبقة السياسية ككل، وفقا للوكالة.

ودعت حركة “بالتريس”، لإجراء انتخابات مبكرة، وحل الحكومتين المتنافستين والبرلمان في طبرق (شرق) والمجلس الأعلى للدولة (غرب).

وتندد الحركة أيضا بتدهور الأوضاع المعيشية في ليبيا والتي تتجسد بالانقطاع المزمن للتيار الكهربائي الذي يستمر ساعات طويلة يوميا في ظل الحرارة الشديدة.

وليل الأحد الاثنين، تم تنظيم مسيرات متفرقة في عدة أحياء بالعاصمة وأحرق شبان معظمهم ملثمون إطارات وأغلقوا عدة طرق، كما تم تنظيم مسيرات في مدن أخرى.

ما الذي يحدث في ليبيا؟

“تمر ليبيا بأزمة مستمرة منذ سنوات، ولا توجد حركة “سياسية حقيقية في البلاد، لعدم وجود خبرة في الشأن السياسي وعدم وجود استقرار أمني ومجتمعي”، حسب الكاتب والمحلل السياسي الليبي، حسن إنذار.

ويشير إنذار في حديثه لموقع “الحرة” إلى “صراع وجود ونفوذ مستمر في ليبيا”، مضيفا أن الأمم المتحدة لا تضع “حلولا مفصلية” حتى تعود ليبيا إلى وضع “شبة الدولة”، ولذلك تشهد البلاد فشلا واسعا على كافة الأصعدة.

وجاءت المظاهرات والتحركات في الشارع الليبي، رفضا للعملية السياسية برمتها، واعتراضا على “تعطيل” الانتخابات في ليبيا، وفقا للمحللة السياسية، هند العدوي.

وقالت العدوي في تصريحات لموقع “الحرة”، أن كل الأطراف السياسية في ليبيا تعمد إلى “تعطيل إجراء الانتخابات”، متى وجدت أن نتائج تلك الانتخابات لن تصب في “صالح سيطرتها على البلاد”.

وأخفقت ليبيا في إجراء الانتخابات في ديسمبر، بعد تحديات تتعلق بالخلافات القانونية، والمرشحين الرئاسيين المثيرين للجدل، ووجود ميليشيات ومقاتلين أجانب في البلاد.

كان الإخفاق في إجراء انتخابات ديسمبر بمثابة ضربة قوية للجهود الدولية لإحلال السلام في الدولة المتوسطية، وفتح ذلك فصلا جديدا في مأزق ليبيا السياسي الطويل الأمد، حيث تطالب حكومتان متنافستان بالسلطة الآن بعد خطوات مؤقتة نحو الوحدة في العام الماضي، وفقا لـ”واشنطن بوست”.

وبعد عام من الهدوء النسبي الذي أعقب اقتتال داخلي مستمر منذ سقوط نظام القذافي، يبدو أن المتظاهرين الليبيين فقدوا صبرهم مع “الطبقة السياسية”، في ظل توقعات باستمرار التظاهرات حتى تترك جميع “النخب الحاكمة” السلطة، وفقا لصحيفة “الغارديان” البريطانية.

مظاهرات “مسيسة”؟

وقد دفع الوضع السياسي والاقتصادي المتردي في البلاد وانعدام كافة الخدمات المقدمة للمواطن، وغلاء أسعار المواد الغذائية، الشارع الليبي للتظاهر وفقا للمحلل السياسي الليبي، حمد المالكي.

ورغم أن دعوات التظاهر التي أطلقها مؤسسي “حراك بالتريس الشبابي”، قد تبدو في ظاهرها مشروعة، لكنها “مسيسة”، حسب حديث المالكي لموقع “الحرة”.

وتساءل المالكي “كيف لحراك شارع أن يطالب بإسقاط كافة الأجسام السياسية بما فيها الحكومة، وفي الوقت ذاته يطالب تلك الحكومة بإعطائه الإذن للتظاهر”، معتبرا ذلك دليلا على “تسيس المظاهرات”.

ويعاني الشعب الليبي منذ سنوات من “سرقة أمواله”، وعدم “تقسيم الثروات على أقاليم البلاد بالتساوي”، فضلا عن تفشي الفساد في مؤسسات الدولة، ووجود أجندات خارجية تحرك جميع الأطراف السياسية، حسب العدوي.

ويتظاهر الشباب الليبي احتجاجا على “الوضع المعيشي المزري في البلاد”، لكن هناك أطرافا تتصدر المشهد السياسي وتحاول تسيس تلك التظاهرات لإظهار أن “ليبيا تشهد حراكا سياسيا وديمقراطيا”، وفقا لرأي إنذار.

أزمة تشريعية مرتقبة؟

وجاء خروج الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، ليعكس الإحباط المتزايد بين الليبيين من “الفصائل التي يدور بينها الاقتتال منذ سنوات في شرق البلاد وغربها”، حسب رويترز.

ويعد البرلمان في طبرق أحد رموز “تقسيم ليبيا”، بين معسكرين أحدهما مقره في “الشرق” ويقوده المشير خليفة حفتر، وحكومة مقرها في طرابلس في “الغرب” بقيادة دبيبة، وفقا لفرانس برس.

ويدعم معسكر حفتر حكومة باشاغا التي تشكلت في مارس الماضي بدعم من البرلمان، وفقا لفرانس برس.

وعن ذلك الانقسام يقول إنذار، إن الساسة يجتمعون للحديث عن إيجاد حلول قد تخرج ليبيا من “عنق الزجاجة”، لكنهم لا يفكرون في المصلحة العليا للبلاد، ويسعون فقط للبقاء في صدارة المشهد السياسي الليبي.

أما المالكي فيشير إلى أن هناك من يسعى لإفراغ إقليم برقة من كافة المؤسسات ومنها المؤسسة التشريعية ليسهل عليهم “ضرب المؤسسة العسكرية المتمثلة في قيادة الجيش الليبي”، على حد تعبيره.

وسيرجع البرلمان لعقد جلساته في طبرق أو بنغازي بعد عيد الأضحى مباشرة، “ولن يكون هناك أزمة تشريعية”، حسب رأي المالكي.

لكن هند العدوي تؤكد أن هناك “أزمة تشريعية قائمة بالفعل في ليبيا”، وتشير إلى عدم وجود “كيان واحد شرعي داخل البلاد”.

وترى العدوي أن “كل أطراف الأزمة مدعومة خارجيا من قوى إقليمية ودولية”، ولذلك يحافظ كل طرف على مصالح تلك القوى الخارجية والتي تدعمه في المقابل للوصول إلى كرسي الرئاسة.

أما إنذار فيؤكد أن “ليبيا لا تشهد أزمة تشريعية ولا سياسية”، فهي تعاني من “حالة اللا دولة”، مضيفا أن البلاد تحتضر وتفتقر وجود “الحلول المفصلية” لإخراجها من أزمتها المستمرة.

واعتبر أن الحل الكامل للأزمة في ليبيا في يد “المجتمع الدولي” الذي مازال يشاهد الحالة الليبية، ولا يتدخل لوضع حد لمعاناة الشعب الليبي الذي يتطلع إلى “أفق مستقر”.

وفي نهاية الأسبوع الماضي، فشلت جولة أخرى من المحادثات تحت مظلة الأمم المتحدة لمحاولة حل الخلافات بين المؤسسات الليبية المتنافسة.

وفي وقت سابق، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، “جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي عمل من شأنه الإضرار بالاستقرار”، وحض جميع الأطراف على “العمل معا للتغلب على الجمود السياسي المستمر”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى