اخبارالرئيسيةعيون

عائلات مهجرة من شرق ليبيا تنتظر العودة إلى الديار

العربي الجديد-

ينتظر نحو ربع مليون مواطن ليبي الجهود الحكوميّة في ملف المصالحة الاجتماعية للعودة إلى منازلهم في مدن بنغازي واجدابيا ودرنة، شرق البلاد، في وقت ما زالت السلطات عاجزة عن البدء في تنفيذ استحقاق المصالحة الوطنية والاجتماعية على الرغم من مرور أكثر من أربعة أشهر على إطلاق المصالحة.

واضطرت أكثر من 13 ألف أسرة، وعدد آخر من الأفراد، للنزوح من مدن عدة في شرق البلاد، أبرزها بنغازي واجدابيا ودرنة، بسبب الحرب التي شنتها مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على خصومه، لا سيما بعد وصمهم بالإرهاب أو دعمه، على خلفية انتماء المقاتلين الرافضين لحكمه وسيطرته العسكرية لهذه الأسر.

يقول عضو رابطة مهجري بنغازي مصباح الورفلي إن المهجرين الذين يتجاوز عددهم ربع مليون مواطن بعضهم أفراد وغالبيتهم أسر، يعيشون منذ أكثر من أربع سنوات موزعين بين مدن طرابلس وزليتن ومصراته ومدن أخرى في غرب البلاد، بالإضافة إلى آخرين يعيشون في تركيا ودول أخرى خارج البلاد.

وعلى الرغم من إنشاء المهجرين رابطة تتحدث باسمهم أمام السلطات والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية، إلا أن الورفلي يؤكد، خلال حديثه لـ”العربي الجديد”، أن السلطات ما زالت عاجزة عن إجبار مليشيات حفتر بالقبول بحق المهجرين بالعودة إلى منازلهم.

وعلى الرغم من قرارات العفو العام التي أصدرتها المؤسسات الرسمية في البلاد على امتداد السنوات الماضية، إلا أن مليشيات حفتر ترفض عودة المهجرين إلى منازلهم. وأقدمت إحدى تلك المليشيات، وتعرف باسم “كتيبة أولياء الدم”، على هدم منازل المهجرين وتسويتها بالأرض.

وإزاء الصعوبات التي يواجهها مهجرو المنطقة الشرقية، إلا أنهم تمكنوا من فرض واقعهم على السلطات التي أعلنت، منتصف أغسطس الماضي، تشكيل لجنة لشؤون مهجري مدينة بنغازي. ووفقاً لقرار رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، فإن اللجنة ستتولى متابعة وحل المشاكل الإدارية والمالية للمهجرين مع الوزارات والمؤسسات. وعلى اعتبار أنّ العدد الأكبر من المهجرين يتحدرون من مدينة بنغازي، فقد تمّ ضم المهجرين من مناطق شرق ليبيا الأخرى إلى اللجنة نفسها، بحسب الورفلي، الذي أكد على استمرار العراقيل أمام تهيئة الظروف المعيشية المناسبة للمهجرين في مناطق نزوحهم. ويقول: “الأسبوع الماضي، أوقفت وزارة التعليم رواتب أكثر من 1400 معلم ومعلمة من المهجرين بسبب العمل على توحيد المنظومة المالية للدولة”. أضاف: “ننتظر تدخل الحكومة حالياً. هناك 1400 أسرة يمكن أن تعيش في العراء في حال استمرار الإجراء”.

ويوضح الورفلي أنه “تم تشكيل لجنة شؤون المهجرين رسمياً من الحكومة، لكنها ما زالت تواجه صعوبات كبيرة. من هنا، فإن رابطة المهجرين تملك قوة ضغط أكبر، وكثيراً ما نظمت وقفات احتجاجية وتظاهرات وتواصلت مع منظمات دولية لإيصال صوت المهجرين”.

وتؤكد منظمات حقوقية دولية، من بينها “هيومن رايتس ووتش”، تعرض أفراد من أسر المهجرين للاعتقال والإخفاء القسري والتصفيات من قبل مليشيات حفتر، والاعتداء على منازلهم بالجرف والهدم، معتبرة أنها انتهاكات ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية.
وإثر إطلاق السلطة التنفيذية في البلاد جهوداً من أجل إنشاء المفوضية العليا للمصالحة الوطنية، مطلع إبريل الماضي، أوفدت الحكومة وزير الدولة لشؤون المُهجرين وحقوق الإنسان أحمد أبو خزام للقاء المجلس البلدي لمدينة بنغازي، وبحث “الترتيبات والإجراءات المتعلقة بالمهجرين والنازحين وتعزيز ملف حقوق الإنسان”.

ووفقاً لبيان أصدرته الحكومة، فقد ناقش أبو خزام كيفية تعويض المهجرين لـ”تحقيق المصالحة الوطنية ومعالجة أوضاع النازحين والتنسيق مع البلدية في هذا الصدد”. لكن ناصر الطيب، وهو عضو في الهيئة البنغازية (هيئة أهلية تمثّل النازحين من بنغازي)، يؤكد أن شيئاً من هذا لم يتحقق.

وبحسب متابعته لإجراءات الحكومة والمجلس الرئاسي في ملف مهجري المناطق الشرقية، يؤكد الطيب، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن سلطة حفتر هي التي تملك قرار إرجاع المهجرين من عدمه، ولا تملك سلطات المجلس البلدي أي شيء في ذلك.
ويتابع الطيب حديثه قائلاً: “مجلس النواب وسلطات أخرى لا تزال متواطئة مع حقوقنا، وقد طالبنا بعرض اتهامات مليشيات حفتر على القضاء. ويمكن التحقق منها، لكن حفتر لا يريد الصدام مع قادة مليشياته الذين يعتبروننا مسؤولين عن مقتل أبنائهم في تلك الحروب”.

وحول أوضاع المهجرين المعيشية، يقول الطيب إن “التجاوب الحكومي يكون كردة فعل على أي احتجاج أو تظاهرة وسريعاً ما يختفي. وما زالت هناك مئات العائلات التي تعاني من جراء انقطاع رواتبها والعوز، ويعيش بعضها تحت خط الفقر”، لافتاً إلى أن معظم الأسر تعيش على ما تنفقه عليها المنظمات الدولية أو الجمعيات الخيرية المحلية.

ومع تراجع سلطة حفتر على بعض مدن الشرق الليبي، يأمل الطيب بعودة مهجري درنة واجدابيا، لكنه يستبعد تسوية أوضاع مهجري بنغازي مع استمرار سلطة حفتر. ويتفق الطيب مع الورفلي في أن أوضاع مهجري المنطقة الشرقية باتت ورقة للضغط والمساومة في سياق الصراعات السياسية، مشيراً إلى أنها تظهر في خطابات القادة إذا استدعت الحاجة إليها لإظهار مكامن الضعف أو القوة عند أي طرف من أطراف الصراع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى