الرئيسيةالراي

رأي- ماذا يريد المواطن الليبي من مذكرات التفاهم مع تركيا؟

* كتب/ أسامة وريث،

سألني أحد الإخوة في تعليق؛ عن رأيي حول مذكرة التفاهم ما بين ليبيا وتركيا

وطلب أن أسرد لكم تاريخ ليبيا البحري، وعلاقتها بشعوب المتوسط، وما مدي أهمية الاتفاقيات مع تركيا

شخصيات طرابلسية (ليبية بمفهوم اليوم) وشخصيات عثمانية (تركية بالمفهوم القديم) ضمن لجنة ترسيم الحدود الغربية ما بين الدولة التونسية ودولة طرابلس الغرب سنة 1910

من الصعب الحديث عن ليبيا ككيان واحد قبل العصر الحديث! ذلك أن البلد لم تكن وحدة واحدة قبل العصر الحديث، بل كانت بلد أطراف: أنطابلس Pentapolis /برقة Barcae شرقا، وأطرابلس Tripoleos/طرابلس Tripolis غربا، تابعة بدورها لبلدان المركز؛ وهي مصر شرقا وإفريقية/تونس غربا. أما فزان فقد كانت أرضا مشاع أكثر علاقاتها مع مجتمعات الطوق الصحراوي.

المجال الجيوسياسي geopolitical field والترابي الواحد لبلادنا كما نعرفها اليوم، تشكل مؤخرا خلال العصر الحديث وهو صناعة عثمانية، ثم قرمانلية تحت مسمى واحد وهو بلاد/ إيالة طرابلس الغرب.

قبل ذلك لم يكن لاسم ليبيا أي استعمال بين الأهالي ولا بقية الدول الإسلامية الحاكمة، على اعتبار أن اسم ليبيا أجنبي Λιβύης Livýis Lybies  أطلقه الإغريق Graeci وتداوله الرومان Romanus ثم الوندال Wandali ثم البيزنطيونByzantiis حتى زال مع زوالهم عقب هجمات وغارات القبائل البدوية والجبلية من الدواخل خلال ق 4-6م ثم تأكيد اندثاره نهائيا على يد الفاتحين العرب المسلمين بالقرن 7م، وبالتالي نهاية آخر بقايا الأجيال المتوسطية من ساكني المدن الساحلية التي صارت أثرية كما نشاهدها اليوم.

خلال العصر الحديث كان ثمة اتفاقيات شراكة تجارية وأحيانا احتكار تجاري تقوم به مملكة معينة مثل مملكة سردينيا أو غيرها، محتكرة سلعة ما مثل الملح أو غيره، كما احتكرت الولايات المتحدة حق تصدير الجلود الإفريقية الغدامسية. فيما احتكرت الأستانة حق إنتاج التبغ وتصديره

اليوم اتفاقات الشراكة الدولية مهمة مع أي دولة إقليمية، لكن الأهم هو أن تعود بالفائدة على المواطن نفسه وليس على الحكومة وخزانة الدولة فحسب!

منذ نحو 30 عاما كانت إيطاليا ولا تزال إلى اليوم؛ تحتكر إنتاج الغاز الليبي وتوصيله إلى صقلية عبر خط بحري، تشرف على استخراجه وتوصيله “الوكالة الوطنية للمحروقات” Ente Nazionale Idrocarburi عبر شركةENI  إيني العملاقة.

البترول أيضا كان منذ العهد الملكي فالجماهيري تحتكره شركة BP وهي شركة بريطانية كبرى تحت اسم British Petroleum بريتيش بتروليوم، تحمل محليا اسم شركة الخليج.

لكن ما الذي استفدناه من اتفاقات الشراكة التجارية مع إيطاليا وبريطانيا؟ لا شيء حتى تأشيرة دخول واحدة للمواطن لا توجد! لا توجد أي منفعة تعود بالفائدة على المواطن.

نفس الشيء اليوم، ما الذي سنستفيده من اتفاقات الطاقة والتدريب وخلافه مع تركيا؟ باستثناء المكاسب المادية والاقتصادية لصالح الخزانتين الليبية والتركية. لكن هل ثمة أية فوائد أخرى تمس المواطن في شيء؟

للعلم ورغم بساطة المنفعة التبادلية ما بين تركيا والعراق، إلا أن المواطن العراقي، وحيث أن الجالية العراقية بتركيا واحدة من أكبر الجاليات؛ فإن تكاليف إصدار بطاقة الإقامة للزائر/المواطن العراقي من دائرة الجوازات، تعد بسيطة ولا تتجاوز 50 الى 60 دولارا، بينما تُفرض على المواطن الليبي ما قيمته أكثر من 125 دولار. والسبب وكما أخبرني مواطن عراقي أن وزير داخلية العراق، حضر بنفسه الى أنقرة، وطلب أن تتساهل السلطات التركية مع دخول وخروج المواطنين العراقيين.

يريد المواطن الليبي اليوم؛ وفي ظل تواجد عدد كبير من أبناء الجالية الليبية ومن مختلف التوجهات بتركيا، وهي في هذه الـ10 سنوات الأخيرة، واحدة من أكبر البلدان الأجنبية من حيث حجم تواجد الجاليات الليبية بها بعد أمريكا وبريطانيا، فثمة: تجار، وطلبة وموفدين، ومرضى، وسواح وغيرهم يتقاطرون على مدائن تركيا فوج تلو الآخر ..

عليه ينبغي أن تكون هناك تسهيلات لدخول المواطنين الليبيين. يفترض إلغاء التأشيرة التركية على المسافرين الليبيين، ويفترض تخفيض قيمة تكاليف إصدار بطاقة الكمليك Gemlik وتسهيل مرور السلطات البحرية التركية لسفن الشحن التجارية الليبية التي تتزود أسواق الجملة الليبية بعدد كبير من سلعها التركية المنشأ أو تركية الترخيص في الإنتاج.

من جديد؛ الاتفاقات الدولية لليبيا مع دول الجوار والمتوسط وغيرها -سيما تركيا الدولة التي ساهمت في وقف تدفق القصف والنسف والتقتيل الجماعي عبر العدوان المحلي والخارجي بسنة 2021- وفي مجالات تعليمية وتقنية واقتصادية وعسكرية وخلافها؛ ستكون مهمة جدا مع تركيا أو أي دولة متقدمة؛ طالما أن بها فائدة تعود بالنفع على البلاد والعباد معا. ما خلا ذلك، الأمر قد لا يعنينا في شيء.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى