الرئيسيةالراي

رأي- غسان سلامة المترع ثقافة وسياسة

* كتب/ هشام الشلوي،

ليس مستغربا على رجل كغسان سلامة شغل منصب وزير الثقافة في بلده لبنان لمدة ثلاث سنوات، أن يكون مهموما بالثقافة، إضافة إلى انشغالاته السياسية كمبعوث أممي من الأمم المتحدة في ليبيا. طرحنا عليه -ثلاثتنا- أسئلة عديدة عن الديمقراطية والمعضلة العربية معها طوال عقود وعقود.

تنهد قليلا ورفع رأسه، أطرق وكأنه ينتشل سجلات قديمة، من وعيه الداخلي، مضى عليها زمن ليس بالقصير. مهد لوجهة نظره، بأن الديمقراطية هي مثال غير مطبق في أرجاء الكون كله، وأن غالبية الدول التي تدمقرطت، كانت محدثة النعمة في الانتقال السلس للسلطة، بينما دول أخرى عريقة لم تقطع أي مشوار صوبها كروسيا والصين، وأخرى دخلته مؤخرا إما بعد الحرب العالمية الثانية أو انهيار جدار برلين.

يعتقد سلامة المثقف أن المشروع الديمقراطي في الوقت الراهن لا حامل له، سواء من النخب أو حتى الشعوب، فهي كطفل يتيم لم يؤويه أحد لينمو ويكبر ويرشد، إلا أن هذا لا يمنع أبدا من ضرورة أن يُلح في طلبها دوما، لأنها هي الطريق الأقوم والأقل تكلفة لفض الاشتباك الراهن.

يضرب غسان السياسي والمثقف مكامن العلل بمعول ثاقب، فمنها إجمالا لا تفصيلا مثلا، استقواء العرب بالخارج، رغم الشوفينية المفرطة والتظاهر بغير ذلك، فكلما نشبت أزمة أو اندلع حريق، استنجد العرب بالقوى الخارجية على بعضهم البعض. والنفط الذي حوله حكامنا إلى أداة لشراء الذمم والضمائر معا، بدل استخدامه في تنمية المجتمعات، أو بناء مؤسسات متماسكة وقوية تبقى بمنأى عن تضارب المصالح السياسي الوقتي والظرفي.

ثم هزيمة القوى المدنية أمام المشروع العسكري الذي استولى على غالبية الدول العربية في مرحلة ما بعد الكولونيالية، أي الاستعمار، وتماهي بعضها مع هذا المشروع الضيق الأفق بكل من حوله.

لم ييأس الرجل بعد من إمكانية تحول أقسى سنوات عجافنا الديمقراطي، رغم أنه ليس ببعيد من عقده السابع، مع اعترافي أن الاحباط وفقدان الأمل خيما على عقلي وعواطفي معا، رغم أنني تجاوزت عقدي الرابع ببضع سنوات. إيمانه نابع من دراساته السياسية النظرية والثقافية، وأخرى عملية في عدة مواقع لبنانية عربية ودولية.

وعلى مستوى ليبيا، قاعدة سلامة بسيطة سهلة، ظاهرا، إلا أنها معقدة متشابكة باطنا، حيث يرى أن المجتمع الدولي لن يعترض على أي خطة سلام يتوافق عليها الليبيون، وأنه سيدعمها.

لكن أقول، ولا قول لي، أن دون ذلك خرط القتاد، كما يظن أسلافنا العجاف.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى