الرئيسيةالراي

رأي- ديناميكا الفوضى واستاتيكا السياسة

* كتب/ أنس أبوشعالة،

من يهتف بسقوط الحكومة ورجمها باللعنة ووصفها بالفساد نسى أن رئيسها رفقة ثلاثي المجلس الرئاسي تم اختيارهم علناً وبإشراف الأمم المتحدة، وفق عملية شفافة حد العُري، وتم التسليم بالنتيجة حتى من القوائم المنافسة، فلا يمكن لأحد أن يدعي الملكية أكثر من الملك.. و هذه نقطة منسية.

الحكومة برمتها و بكامل أعضائها ليست رُجوماً شيطانية سقطت من سماء جهنم، بل هي منبثقة من رحم مجلس النواب السلطة التشريعية التي لا تُدركها الشرعية، وهي تُدرك الشرعية، وهي من أسبغت بهذه السلطة اللاهوتية النشأة والوجود والشرعية والمشروعية لحكومة الوحدة الوطنية، التي ظفرت بإجماع الحاضرين من نواب الشعب في جلسة منح الثقة، وهذه المشاهد التي لازالت طرية في الذاكرة لم يلتهمها النسيان بفعل الزمان و الصيام.. و هذه نقطة منسية.

على نحو منفصم تماماً عن هذه المعطيات أجد أزمات شديدة تواجه الحكومة، أولها الرجم بالغيب بالفساد، وإن لم يتحقق، فإن الحكومة متهمة بأنها ستمارس الفساد حتماً فور توافر “السيولة”، وهي حكومة “فاسدة بحكم مسبق” وحكومة عاجزة، ولن تنجح، ولن تفلح، و لن تصدق، وربما يتهم رئيسها وبعض وزرائها بعدم التزامهم بصيام رمضان، مما سيضطر الدبيبة ووزراءه لإظهار ألسنتهم كل صباح لإثبات صيامهم..

هذه الظواهر أعطتني انطباعا أن السلطات الحاكمة مصابة بالزهايمر، إذ أنها تمنح الثقة للحكومة بالإجماع في مارس، وترجمها بجرم الكفر والردة في أبريل!!

كلامي قد يفهمه البعض دفاعاً عن الحكومة التي حُكم عليها قبل أن تحكُم.. كلامي موجه للمتنطعين و المتطلعين للانتخابات في موعدها في 24 ديسمبر، والذين يتوقون لنيل السلطة الرسمية بالطرق الديمقراطية المنبثقة من الإرادة المباشرة للشعب مصدر كل السلطات..

أقول لهؤلاء إن عدم اعتماد الميزانية وتعليقها على شرط توحيد المناصب السيادية سيعطي الحجة والمبرر للحكومة لعدم الوفاء بالتزاماتها، فحين يُسأل الدبيبة ماذا عن الكهرباء؟.. سيقول في انتظار الميزانية، وماذا عن الانتخابات؟.. في انتظار الميزانية ماذا عن السيولة والخدمات؟.. في انتظار الميزانية، وماذا عن الديمقراطية؟.. هي أيضاً في انتظار الميزانية.. و ماذا عن الميزانية؟.. في انتظار المناصب السيادية.. وماذا عن المناصب السيادية؟.. في انتظار توافق مجلس النواب ومجلس الدولة، وهذا التوافق أصعب بقليل من توافق إيران والسعودية على مذهب واحد !!!!

السؤال الأهم، هل هناك تنافر من التوافق أم أن هناك توافق على التنافر؟

ليكن معلوما للمهتمين والمتحمسين.. ليس من مصلحة (اللهو الخفي) استقرار الأوضاع، فنجاح حكومة الدبيبة حتى في تسليم السلطة في 24 ديسمبر مسألة محظورة.. وسيبقى الدبيبة أسيراً لأهواء الزهايمر السياسي الليبي ردحاً من الزمن، ومصير رؤساء الحكومات في ليبيا أنهم محكومون وليسوا حاكمين، والحاكم الفعلي هو “اللهو الخفي” الذي لا يحكم إلا بالفوضى …

الاستقرار يهدد الاستمرار، والانقسام أدعى للالتئام، غرض الالتهام من غنائم الدولة والسلطان حتى آخر الزمان …

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى