الرئيسيةالراي

رأي- دعوة إلى التفكير والنقاش: العودة إلى الشرعية

*كتب/ علي البشير،

في فبراير اتحدت الجموع التي خرجت تطالب بحرّيتها وكرامتها وقد رفعت راية الاستقلال، التي عادت عالية خفّاقة بشكل عفويّ، دونما تخطيط تنظيميّ، أو قرار رسميّ، بل ظهرت بأيدي الثائرين وعلى مقرّات الدولة، في البيضاء وبنغازي ومصراتة، وبقية المدن.

وإنني أعرف أنّ أوّل الأعلام التي رفعت، كان أصحابها يحتفظون بها مدّة 42 سنة، مما يؤكد مدى العلاقة بين هذه الراية التي صنعتها إرادة وطنية حقيقية، وقلوب الناس ومشاعرهم.

وكذلك ردّدت جموع المتظاهرين الثائرة؛ نشيد الاستقلال، بشكل عفويّ، فانتشر في البلاد بسرعة عجيبة، وعادت الراية والنشيد، إلى مكانتهما التي اغتصبت بفعل عسكريّ قاهر.

ولولا وجود راية ونشيد الاستقلال، لربما كانت فوضى ونزاع وصراع، حول البديل عن خرقة ومعزوفة عهد الطغيان.

وفي هذا الاستئناف العفويّ الشعبيّ، لون من ألوان العودة إلى الشرعية، وإلى يوم 31 أغسطس آب 69م ماذا لو اكتملت عناصر العودة، إلى الشرعية، فأعيد العمل بدستور 63م؟ وأعيد الاعتبار لبقية عناصر الشرعية؟ مؤسسات ورجال وتسميات؟

هل غفل الليبيون عن هذا؟ وسط زحام الصراع؟ أم أصبحوا من حيث يدرون ولا يدرون في حالة قطيعة مع مدلول الشرعية، بفعل ثقافة وركام 42 سنة، من الجحود والعقوق لدولة الاستقلال ورجالها وتاريخها؟ أم أن هناك إرادة ويدا سوداء، لا يمكن مغالبتهما، كانتا تعملان عملهما، حتى لا يكون وفاق واستقرار؟ أم هي إرادة دولية لا يمكننا مغالبتها؟

إنني ومن واقع لمسته، وقناعة أطمئن إليها، ووفاء يليق بكل ليبيّ أصيل، ولجوءٍ إلى حالة تستلّ غلّ الصدور، وتضمن وحدة وسلامة الوطن المفدّى، وتُعزّز أواصر المودّة والثقة بين أبناء الأمّة الليبية، وبعد تجربة هي أوضح ما تكون أمامنا، أصبحت أوقن بأن الخروج مما نحن فيه، هو العودة ليوم 31 أغسطس 69م لأنه كان آخر يوم في استقرار الليبيين، ولم يكن بعده إلا عبث فئة سطت على الحكم، والناس نيام، ثم الصراع بين هؤلاء الذين قوّضوا مؤسسات الدولة الليبية، حتى انتهت المنافسة بينهم بتفرّد أحدهم، ليقود البلاد نحو هاوية التفكير والممارسة، وينصّب نفسه ملكا لـ (الجماهيرية الشعبية خذ نفس) تحت مسمّى (القائد) ويعدّ أبناءه من بعده، لوراثة عرش القيادة التاريخية، من خلال برامج لا يزال يذكرها الليبيون بجميع أصنافهم.

ماذا لو ناقشنا بهدوء، واستقراء لبعض تجارب الأمم، وإمعان نظر في واقعنا، وما يناسبه من حلول قد تكون مجدية ونافعة، تختصر الطريق إلى ما نريد العودة إلى: نظام ملكيّ دستوريّ، يتولاه وريث شرعيّ؛ حسب نصّ الدستور؟ لعله يُحقق الاستقرار، ويحسم الجدل والخلاف، الجهويّ والفكريّ والعبثيّ، ويكون تحت قبّـة هذا النظام، تداول سلميّ انتخابيّ، لمن يحكم، مجلس الأمة بشقيه: الشيوخ والنواب، ورئيس حكومة منتخب؟ ويبقى القرار والاختيار للإرادة الوطنية الحرّة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى