الرئيسيةفي الذاكرة

بيت القنصل البريطاني في طرابلس في القرن التاسع عشر

(بيت القنصل البريطاني) جورج وارنغتون George Warrington في سواني المنشية ضواحي طرابلس القديمة/ (زاوية الدهماني حاليا)

* كتب/ أسامة اوريث،

هي واحدة من أقدم الصور لطرابلس سنة 1869م

العقيد جورج هامر وارنغتون George Hammer Warrington هو القنصل العام البريطاني في طرابلس بين عامي 1814م و1846م، الشهير بنفوذه الذي لم يكد يبلغه أحد قبله ولا بعده من قناصل بريطانيا، ولا من قناصل الدول الأوروبية في إيالة طرابلس الغرب قاطبة.

كان (لسياسته وخططه الماكرة) أثر كبير فيما آلت إليه البلاد الطرابلسية في ثلاثينيات القرن التاسع عشر من الحرب الأهلية، ثم زوال الدولة القرمانلية وخسارة طرابلس لاستقلالها العملي، وفشل الدستور الوطني الذي كان يحاول صناعته مينيسترو القناصل/وزير القناصل: حسونة الدغيس، وبالتالي عودة بلادنا إلى الحكم العثماني المباشر بعد نحو قرن وربع من الاستقلال الذاتي عن الباب العالي.

(بحسب القنصل الفرنسي): شارل فيغو Charles Feraud صاحب كتاب “الحوليات الطرابلسية” مترجم باسم الحوليات الليبية، فإن Warrington كان يتقن اللغة العربية إتقانا تاما! وأنه أظهر بذخا وتبذيرا لم يكونا معروفين حتى ذلك الوقت، الأمر الذي دفع الأهالي إلى تبجيله، وكما يظهر فإن وارنغتون لم يكن منسجما في بيته التقليدي بمبنى القنصلية الإنجليزية بالمدينة، الأمر الذى أشعره بالضجر نتيجة لكونه مقام وسط مدينة طرابلس/المدينة القديمة حاليا.

مما جعله يبادر إلى شراء (بستان واسع قبالة شاطئ البحر)، ومطل على المرسى – مرسى اصقالة الحلفة قبالة سوق الثلاثاء القديم – حيث بني فيه (قصرا فخما وفق مقاييس ذاك العصر)، غطى جدرانه بالمرمر والخزف المطلي المجلوب من إيطاليا بأغلى التكاليف، وأصبحت القنصلية الإنجليزية في أيامه تستعمل كل يوم عربات فخمة كانت تذرع الطريق بين ناحية سواني وبساتين المنشية – الظهرة وميزران وزاوية الدهماني وشارع الزاوية – وبين مدينة طرابلس ذهابا وإيابا.

في سنة 1820م، فرغ وارنجتون من بناء هذه الفيلا وأرسل (تقريرا إلى لندن) يفيد فيه بأنه بنى لأسرته الكبيرة -كان له عشرة أبناء- بيتا ريفيا على البحر قرب المدينة، بخلاف المبنى المقام داخل أسوار المدينة أي المبنى المعروف بشارع الأكواش المسمى اليوم بدار نويجي للثقافة.

وقد روى وارنجتون في تقريره (تفاصيل زيارة يوسف باشا وأبنائه) يرافقهم خمسمائة فارس إلى المنزل الجديد، وقال إن الباشا سُر بطراز البناء الأوروبي وأعجب بالسلم الفسيح المريح الذي سهل عليه الصعود! كما علق بأن الباشا قد صرّح بأنه لم ير شيئا شبيها لهذا من قبل!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*باحث وأكاديمي ليبي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى