العربي الجديد-
لا تزال حقول النفط وموانئه في ليبيا مغلقة حتى الآن، منذ أن توالت منتصف شهر إبريل الحالي إعلانات شيوخ وأعيان قبائل الشرق والجنوب الليبي عن إغلاقها، مشترطين لإعادة تدفق النفط “خروج حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة من المشهد وتسليمها السلطة للحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا”.
لكن يبدو أن تلك الشروط ذرّ للرماد في العيون. فأولى شرارات مطالب الإغلاق الجديد بدأت مع بيان لممثلي حفتر في لجنة “5 + 5” العسكرية المشتركة، أعلنوا فيه تعليق عملهم في اللجنة العسكرية، في 10 إبريل الحالي.
وطالبوا في بيانهم إغلاق حقول النفط وموانئه حتى تسليم حكومة الوحدة الوطنية السلطة للحكومة المكلفة من مجلس النواب. ولم تمرّ خمسة أيام حتى خرج أعيان القبائل وشيوخها لإعلان تنفيذ تلك المطالب.
وقد يبدو الحدث عادياً، فكثيراً ما شهدت البلاد حوادث مماثلة في السابق، أُغلقت خلالها حقول النفط وموانئه لأسابيع، وأحياناً لأشهر، لكن اللافت هذه المرة أنها جاءت بالتزامن مع متغيرات دولية كبرى مرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية، التي يشكل ملف النفط والغاز أحد أهم تداعياتها الخطيرة.
وتسعى روسيا والغرب لمحاصرة كل منهما الآخر بهذا الملف، ما يضع خطوة إغلاق موانئ النفط الليبي وحقوله في دائرة الشكوك، ويزيد من احتمالات وقوف طرف دولي وراءها، خصوصاً أنه لم يصدر أي رد فعل دولي حيال قرار الإغلاق. ولم تصدر عواصم الغرب الدولي أي بيان يدعو إلى العدول عن القرار، على الرغم من تدخلها في الإغلاقات السابقة.
لكن يظهر أن هذه المرة مختلفة عن المرات السابقة، فلم يعد كافياً أن يتخفى صاحب قرارات إغلاق النفط وراء أكذوبة الأعيان وشيوخ القبائل، الذين ظهروا في بيانات مرئية، في الأيام الماضية، من دون أن يكون من بينهم أي شخصية قبلية معروفة.
كذلك إن عددهم القليل لا يمكنه وقف الحقول عن ضخ النفط ولا منع الموانئ عن تصديره في كل هذه الرقعة الواسعة من صحراء البلاد، من دون أن تتعاون معهم مليشيات ما يُعرف بحرس المنشآت النفطية، وإضافة إلى كل هذا، فإن الإغلاقات طاولت مواقع النفط في الشرق والجنوب، حيث تسيطر قوة واحدة عليها.
كل الخيوط من بيان ممثلي حفتر في لجنة “5 + 5” إلى إعلان الإغلاق تقود إلى حفتر الذي لا يمكنه إنكار علاقته بموسكو، فلماذا الصمت الدولي إذاً؟ تبدو الإجابة في أن الحسابات الدولية مغايرة هذه المرة، وقد يكون وراء هذا الصمت حسم قريب وانكشاف لموقع حفتر في الصدام الدولي وتشعّباته في دول عدة، ومنها ليبيا التي تمتلك فيها روسيا ذراعاً عسكرية تقاتل إلى جانب مسلحي حفتر، ممثلة بمرتزقة “فاغنر”.