الرئيسيةالراي

رأي- ما الذي يجري؟

* كتب/ عبدالرزاق العرادي،

البداية كانت رغبة من تركيا في تخفيف التوتر بينها وبين مصر، لكن الأمر تجاوز هذا الحد إلى عقد لقاءات متوالية بين دول الخليج ذات الحضور في الشأن الليبي، ثم اللقاء بين ابن زايد وأردوغان… الإشارة كانت واضحة للأطراف الليبية المدعومة من هذه الدول بضرورة كسر الحواجز وفتح الخطوط.

وظهرت مؤشرات ذلك في الصور التي تم تداولها على شبكة التواصل لمحمد الحصان وعمر مراجع، ثم انتشرت بعد ذلك صور الحصان مع صدام حفتر.. ثم اللقاء بين محمد الحداد وعبدالرزاق الناظوري في سرت، واجتماع باشاغا ومعيتيق مع خليفة حفتر في بنغازي، ولقاء مجموعة من القادة الميدانيين وصدام في ايطاليا، وزيارة وفد رسمي من مجلس النواب برئاسة رئيسه بالإنابة فوزي النويري إلى أنقرة… هذه لقاءات علنية، وبالطبع كانت هناك لقاءات أخرى سرية تمت في مصر والإمارات والدوحة وأنقرة.

يبدو لي بأن نجاح الدوحة في ملف أفغانستان قد فتح شهيتها لقيادة ملف ليبيا بضوء أخضر نحو الاستقرار، وهذا يتطلب كسر الحواجز وفتح الخطوط بطريقة تسمح بالتوصل إلى الحل، وهذا ما نراه يجري بشكل فاجأ كثيرين من المتابعين للملف الليبي..

هنالك ملفات شائكة جعلت بعض من لم يستوعب طبيعة التأثير الإقليمي في ليبيا يتهم الذين قادوا المعارك ضد الإرهاب والتمرد بالخيانة، دون أن يدرك أن الدول الإقليمية المتصارعة في ليبيا هي التي تملك قرار الحرب وقرار السلم، وهي التي أشعلت الحرب مرات عديدة في ليبيا، وهي التي قررت إيقافها الآن، وتجريب الحل السياسي، بعد أن أصابها الإعياء والتعب، واتضح لها أن الرهان على الحسم العسكري رهان على المستحيل.

ملف المهجرين والمفقودين والسجناء والمتضررين من الحروب؛ ملفات شائكة هي الأخرى، لم يتم تناولها من الساسة بشكل يجعل ضحاياها يستوعبون ما يجري ويتعاطون معه بشكل إيجابي. وأي حل لا يراعي هذه الملفات لن يحقق اختراقا لهؤلاء الضحايا بحيث يستوعبون أن العدالة الأرضية ستكون دائما قاصرة في إنصافهم، وأنه لا مفر من نقل المظلمة إلى عدالة السماء، ولذلك لابد من المساهمة في دفع ليبيا نحو الاستقرار والمظلمة التي لا تجد من ينصفها هنا ستنصف هناك.

أهم ما يمكن رصده من إيجابيات فيما يجري؛ هو أن شبح الحرب قد أصبح بعيدا في الوقت الحاضر على أقل تقدير، وأن التحركات العسكرية الأخيرة هدفها تأمين العاصمة وإبعاد شبح تقاتل الأقران، فالقنطار إذا ووجه بعشرة أمثاله لا يرجح.

كيف سيكون الحل؟

المجلسان -وبالذات مجلس النواب- أسقطا الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي وخارطة الطريق ولم يبق لهما إلا الحل عبر تسوية سياسية جديدة لعلها تنفذ عبر التوجه نحو الانتخابات لتعزيز الشرعية، ويكون هناك اتفاق مسبق على تقاسم المسؤوليات للتأكد من قبول النتائج.

التوجه إلى الانتخابات استنادا على دستور دائم للبلاد هو الأفضل، ولكن للأسف التوجه إلى الانتخابات بدون سند دستوري هو في حقيقته قرار دولي وليس قرارا ليبيا. لذلك فإن التقارب ما بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في الغالب سيدفعهما للتوافق على القوانين المعيبة أو إجراء تعديلات طفيفة عليها والشروع في إجراء انتخابات على أساسها –إذا تم التحايل باستبعاد سيف والدبيبة من قائمة المرشحين- أما حفتر فسيتم استبعاده من خلال الصندوق، أو أن ينسحب مقابل وضع قانوني أو تسوية لبعض الملفات التي سيواجهها يوما ما.

المرحلة ستكون قصيرة جدا ولا تتطلب تغيير الحكومة، وخصوصا إذا تم الاتفاق على إجراء الانتخابات على أساس القوانين المعيبة بعد تعديلها، ولكن إذا تم الاتفاق على مسار جديد يبنى على مشروع الدستور بعد تعديله فإن ذلك سيغريهم لاختيار سلطة تنفيذية جديدة.

الأيام القادمة حبلى وكلها بشائر بإذن الله وليبيا تتجه نحو الاستقرار.. كلي أمل أن يكون عنوان المرحلة القادمة؛ مصالحة جادة ودستور دائم ومعالجة أضرار الحروب وتحريك عجلة الاقتصاد وهذا سيكون أجدى للشعب الليبي ولدول الجوار ولكل الدول التي لها مصالح في ليبيا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى