الرئيسيةالراي

الحرب على الإسلام ما بين الحقيقة والأوهام….

* كتب/ حسين المرابط،

شهد العالم اليومين الماضيين، خطاب الرئيس الفرنسي ماكرون حول الإسلام، حيث قال: (الإسلام يعيش أزمة في جميع أنحاء العالم….)، كما شهدنا جميعا تلقف وسائل الإعلام العربية والإسلامية لهذا الخطاب، ووصفه بالخطاب المتطرف الذي يُشتم فيه رائحة القلق والخوف من الإسلام، الذي أصبح شبحه يخيم على فرنسا منذ مدة…

ومما لا يختلف عليه مسلم وآخر، أن علينا – كمسلمين – أن نغار على ديننا وهويتنا الإسلامية، وألا نسمح بالمساس بمعتقداتنا، لا من قريب ولا من بعيد. لكن من جهة أخرى، علينا أن نكون أكثر تعقلا، وألا نسمح -أيضا- بأن يستغلنا الآخرون؛ كبعض الدول الداعمة للإرهاب، كذلك وسائل الإعلام، لتستخدمنا كالثيران الهائجة، يلوح لها المصارع بالخرقة الحمراء ليثير غضبها، ف(تبرطع) خلف الخرقة حتى ينهكها التعب، ثم -ببساطه- يغرس المصارع سيفه بين أكتافها، ليفقأ قلبها، فتسقط الثيران قتيلة، ويرقص الجميع، وتقدم لحومها كوجبات في أشهر وأغلى المطاعم في العالم…

هنا، أريد أن أوضح أنني-ويشهد علي الله- أنني لست بصدد الدفاع عما قاله ماكرون، فخطابه لا يهمني بقدر ما يهمني الإسلام والحال الذي وصلت إليه أمة محمد صلى الله عليه وسلم اليوم؛ فأحببت أن أشير -من خلال هذا المنشور- لثلاث نقاط جوهرية، علينا -كمسلمين- أن نعيها ونتفهمها جيدا، قبل أن نقدم على اتخاذ أي موقف في مثل هذه الحالات:

أولا/ واضح من خلال كلام ماكرون، عندما قال: (أن الإسلام اليوم يعيش أزمة)، أنه لا يقصد الإسلام في حد ذاته، بل يقصد المسلمين واختلافاتهم في فهم الإسلام، والدليل على ذلك أنه ذيّل كلامه بذكر الفرق والطوائف الإسلامية المتصارعة والمتناحرة فيما بينها بالاسم، ثم تساءل: كيف سنتعايش مع هذه الطوائف الإسلامية ونحن كعلمانيين في بلادنا، في حين أنها لم تستطع التعايش فيما بينها حتى في البلدان المسلمة…؟ وهنا، أرى أن نكون منصفين وواقعيين بما يكفي، وأن نعترف بالأزمة التي نعيشها نحن المسلمون في كل بقاع الأرض؛ وليس أدل على ذلك ما نشهده، نحن في ليبيا، من تطاحن مابين وزارة الأوقاف، ومابين دار الإفتاء، وذلك لاختلافهما في المذاهب والانتماءات….

ثانيا/ علينا ألا ننسى أن فرنسا دولة علمانية تعترف بكل الأديان، وتحترم الخصوصيات، بشرط ألا يسبب ذلك خرقا في قانون الدولة. وبصراحه، أنا أعيش في فرنسا، وأشاهد كيف نخرج نحن كمسلمين عن القانون فيها، ونشكل شبه (دويلة) داخل دولة. ففي مدارسنا الليبية -على سبيل المثال- الموجودة في فرنسا وغيرها، نعلّم أبناءنا في مادة التربية الإسلامية: (إن أولئك الذين يفجرون انفسهم في تجمعات العدو ومعسكراته -دون أن نحدد من هو ذلك العدو- هم ليسوا قتلى؛ بل شهداء عند ربهم يرزقون..). فكيف، بالله عليكم، يحق لنا أن نحتج على أي خطاب يحذر من المراكز الإسلامية في العالم؟ أقول ذلك، ليس لأنني أرى ما يراه الغرب، لكنني أقوله لأنني أضع نفسي في مكانهم، وأتخيل ماذا لو استوطنت في ليبيا طوائف من اليهود، تتصارع فيما بينها، وتعلن الجهاد في بقية الليبيين، فهل سنقول هذه حرية أديان….؟

ثالثا/ بما أننا -كمسلمين- لا نختلف على (ديناميكية) الإسلام، وأنه صالح لكل زمان ومكان، علينا أن نتحرر من الكثير من الأفكار والتفسيرات الكلاسيكية للإسلام، التي هي في الواقع لا تمثل الإسلام في حد ذاته، بل تمثل وجهة نظر بشر عاديين، عاشوا في العصور الوسطى، وبنوا تفسيراتهم على ما توفر لهم من علم ومعرفة في ذلك الوقت. أليس ذلك أعف لنا، وأفضل بكثير من نظل (مطزة) لمن يسوى ولمن لا يسوى…..؟

وربي ينصر المسلمين في الحق وفي الخير لكل البشرية….

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى