اخبارالرئيسيةعيون

أين تقف تونس من انتخابات ليبيا وبوادر حرب جزائرية-مغربية؟

 عربي 21-

نظمت مؤسسة “ابن رشد للدراسات الاستراتيجية” في تونس بالشراكة مع “جمعية الديمقراطيين في العالم العربي” ندوة لتسليط الأضواء على المستجدات في المنطقة بعد تصعيد النزاع المغربي-الجزائري والمؤتمر الدولي الذي نظم في باريس دعما لمسار التسوية السياسية في ليبيا والانتخابات المقرر تنظيمها موفى الشهر المقبل.

شارك في هذه الندوة حضوريا أو عبر تطبيق “الزوم” خبراء وحقوقيون عرب ومغاربيون بينهم الخبير الأردني محمد الجراح المدير التنفيذي لـ”جمعية الديمقراطيين في العالم العربي” ومنصف السليمي رئيس “المؤسسة الألمانية المغاربية للثقافة والإعلام” ومصطفى الساقزلي المدير العام لـ”البرنامج الليبي لإعادة الإدماج والتنمية”، والإعلاميان محمد آيت ياسين وبلال التليدي من المغرب الأقصى، وإدريس ربوح رئيس مجلس العلاقات الأفريقية بمجلس التعاون الأفرو-آسيوي والناشط السياسي الجزائري.

وشارك من تونس شكري الحيدري رئيس جمعية “كفاءات تونسية” وكمال بن يونس رئيس “جمعية الديمقراطيين في العالم العربي” ونائب رئيس مؤسسة “كفاءات تونسية” وعادل البرينصي عضو رئاسة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس وعبد الرحمان علالة الجامعي الخبير الاقتصادي ورئيس عدة جمعيات اقتصادية وتنموية تونسية ومغاربية والبشير الجويني الدبلوماسي السابق في ليبيا وشاكر الحوكي رئيس المنظمة العربية للعلوم القانونية والسياسية ومحمود غربال المراقب السابق لانتخابات 2011 و2014 في ليبيا الذي عاد مؤخرا من زيارة عمل في طرابلس والحسين بوشيبة من الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية..

تخوفات وحيرة

وكشفت الأوراق المقدمة والمداخلات حيرة في تشخيص المتغيرات في المنطقة المغاربية الأوروبية واختلافات في تقييم فرص نجاح الانتخابات ومسار التسوية السياسية في ليبيا وتفاعل “الرأي العام والمواطن العادي في ليبيا” مع المسار الانتخابي وتوصيات مؤتمرات التسوية السياسية التي تعقد منذ عامين في ألمانيا وفرنسا وتركيا وروسيا وسويسرا وفي مدن ليبية.

وكشفت الندوة تباين الخبراء والحقوقيين العربي في تقدير فهم نتائج المؤتمر الدولي عن ليبيا المنعقد قبل أيام في فرنسا.

وأبرزت المساهمات تخوفات من انفجار الوضع العسكري مجددا داخل ليبيا وعلى الحدود الجزائرية المغربية، بسبب “التشابك والتداخل” بين الأجندات الإقليمية والدولية في المنطقة العربية الأوروبية وصراعات صناع القرار السياسي الداخلي والدولي في تونس وليبيا من جهة والجزائر والمغرب من جهة ثانية.

واعتبر رئيس المؤسسة الألمانية المغاربية للثقافة والإعلام أن “تصعيد التوتر بين الجزائر والمغرب” وفتور العلاقات بين العواصم المغاربية أضعف فرص تأثير دول “الاتحاد المغاربي” في مسار التسويات السياسية والأمنية والعسكرية للحرب في ليبيا”، وقد يضعف دورها في مسار إعادة البناء بعد الانتخابات  القادمة وتركيز الدولة الجديدة.

وكشفت مداخلات المشاركين من الجزائر والمغرب أن “سوء التفاهم” سيطر مجددا وأن “الخلافات” التي انفجرت في 1975 حول مستقبل الصحراء “ما زالت تضغط بقوة على صناع القرار في البلدين وتوشك أن تتسبب في “حرب جديدة” قد تأخذ شكل مواجهات عسكرية محدودة أو “حرب باردة” فضلا عن مضاعفات قرارات الإغلاق للحدود البرية والجوية ووقف تصدير الغاز.

في المقابل دعت أغلب المداخلات إلى ضرورة “استبعاد كل سيناريوهات عودة الاقتتال في ليبيا أو على الحدود الجزائرية المغربية. وسجلوا أن “عودة الحرب” ستؤدي إلى مزيد إرهاق شعوب المنطقة وحكوماتها في مرحلة شهدت كذلك تصعيدا في علاقات الجزائر وفرنسا وبرزت فيها خلافات حادة على هامش مؤتمر باريس عن ليبيا بين روسيا وحلفائها وتركيا وحلفائها وفرنسا وبعض قيادات الحلف الأطلسي والصين..

وأكدت عدة أوراق على العلاقة بين جهود احتواء التصعيد السياسي والعسكري الجزائري المغربي وأطراف النزاع داخل ليبيا بالمتغيرات الأمنية والسياسية في كامل منطقة الساحل والصحراء من جهة وفي سوريا واليمن والخليج من جهة ثانية.

شروط الانتخابات غير متوفرة

في المقابل اعتبر الباحث الليبي مصطفى الساقزلي والدبلوماسي التونسي السابق في طرابلس البشير الجويني والباحث المغربي بلال التليدي أن “الشروط الدنيا اللازمة لتنظيم انتخابات تؤدي إلى تسوية شاملة في ليبيا وتحسين علاقاتها بدول المنطقة غير متوفرة”.

وتوقفت بعض الأوراق عند بعض الثغرات في المنظومة السياسية والقانونية الحالية في ليبيا، وبينها معارضة حوالي 20 من كبار الضباط العسكريين للمسار الانتخابي الحالي وتلويح عدد من أنصار اللواء المتقاعد خليفة حفتر ورئيس البرلمان عقلية صالح وقيادات من غرب ليبيا بتعطيل “العملية الانتخابية” أو بعدم الاعتراف بالنتائج.

وسجل الباحث والدبلوماسي البشير الجويني أن “من بين المعضلات التي تزيد تأزيم المناخ السياسي والانتخابي أن المادة 25 من القانون الانتخابي تسمح لمفوضية الانتخابات “بحجب النتائج”، فضلا عن تنصيص المادة 18 على أن التصويت سيجري على الأفراد وليس على القائمات بما يعني “تزايد مخاطر التشرذم والصدام وتشتيت المشهد السياسي المتأزم منذ مدة طويلة”.

لذلك أكد الحقوقي رئيس المنظمة العربية للعلوم القانونية والسياسية شاكر الحوكي والمدير التنفيذي لـ “جمعية الديمقراطيين في العالم العربي محمد الجراح” والحقوقي الليبي مصطفى الساقزلي، على ضرورة “إعطاء الأولوية لتنقية المناخ السياسي” في ليبيا وكل الدول المغاربية والعربية، كما طالبوا باعتماد سياسات استراتيجية “لنشر الثقافة الديمقراطية وقيم التعددية والرؤيا الكونية لحقوق الإنسان” بهدف ضمان نجاح مسارات التنمية البشرية والاقتصادية والسياسية والانتخابية .

انهيار حكومات وانهيار دول

وأورد الخبير والحقوقي الأردني محمد الجراح وعدد من المتدخلين أن المنطقة تشهد منذ مدة طولية ظاهرتي انهيار الدولة المركزية، مثلما حصل في ليبيا واليمن وسوريا، مقابل انهيار الحكومات والمنظومات السياسية الحاكمة في دول عربية أخرى مثلما حصل في تونس خلال العشرية الماضية.

لذلك حذر الخبيران الليبي مصطفى الساقزلي والمغربي بلال التليدي والدبلوماسي التونسي بشير الجويني من سيناريو فشل تنظيم الانتخابات الليبية في موعدها المقرر، أي 24 (ديسمبر) المقبل، أو من “خيبة الأمل” التي قد تسود كل الاطراف بسبب ضعف المشاركة فيها أو عدم موافقتهم على نتائجها .

وتوقع البعض أن تندلع بعد الانتخابات الليبية مواجهات مسلحة جديدة بين أنصار اللواء خليفة حفتر ورموز الحكم في عهد معمر القذافي شرقي ليبيا وخصومهم الذين يسيطرون على وسط البلاد وغربا وفي العاصمة طرابلس.

ومن بين ما يزيد الأوضاع خطورة أن قوى دولية وإقليمية تقف وراء المعسكرين المتحاربين من بينها تركيا وروسيا وفرنسا وأمريكا وايطاليا وبريطانيا ومصر والامارات والسعودية وقطر ..

مصير تونس وليبيا

كيف ستنعكس كل هذه المتغيرات على تونس التي اتهمها مشاركون من المغرب الأقصى بـ “الانحياز  إلى الموقف الرسمي الجزائري” ضد المغرب الأقصى عند التصويت في مجلس الأمن مع روسيا ضد المشروع الأمريكي الدولي؟

بل ذهب الخبراء المغاربة إلى حد اتهام “الموقف التونسي الجديد” بالمساس بـ “الحقوق الوطنية المغربية “وبحقه في “توحيد كل أقاليمه بما فيها الإقليم الصحراوي منذ تحريره من الاحتلال الإسباني في 1975″؟

وكيف ستتعامل تونس مع الفرقاء في ليبيا في صورة نجاح مسار التسوية السياسية والانتخابات أو عودة الاقتتال والنزاعات المسلحة المدعومة من قبل تركيا وقطر من جهة وروسيا وفرنسا والامارات وفرنسا من جهة أخرى؟

كل المداخلات أجمعت على كون “التوازنات” القادمة سوف تكون لها أبعاد إقليمية ودولية بما في ذلك في علاقة بالتنافس الفرنسي الأطلسي-الإسرائيلي-التركي-السوري على غاز شرق البحر الأبيض المتوسط وعلى مشاريع إعادة البناء العملاقة القادمة في ليبيا.. بما يزيد من تعميق تنافض مصالح كبار الفاعلين الأجانب في ليبيا والدول المغاربية والعربية والإفريقية ..

لكن دراسة معمقة قدمها الدبلوماسي السابق البشير الجويني كشفت أن نسب النمو الاقتصادي والتجاري والمالي في تونس سوف تتضاعف في صورة نجاح الانتخابات ومسار التسوية السياسية في ليبيا.

في نفس السياق أوصى الخبير الألماني المغاربي المصنف السليمي تونس الدولة والمجتمع المدني ومراكز الدراسات إلى المساهمة في احتواء التوترات الأمنية والسياسية بين المغرب والجزائر من جهة، وداخل ليبيا من جهة ثانية، مع “التزام قدر كبير من الحياد مهما كانت نتيجة الانتخابات الليبية” في الصراعات الجديدة بين ساسة شرق ليبيا وغربها وحلفائهم الإقليميين والدوليين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى