* كتب/ د. حسام درويش،
رغم أني أحد مؤسسي علم التسويق الرقمي والتجارة الإلكترونية بالوطن العربي، وحبي لعملي جدا ورغبتي في استمرار نشر علم وثقافة واحتراف التجارة الإلكترونية والسياحة الالكترونية والتسويق عبر الانترنت؛ إلا أنني مقتنع تماما بهذا الرأي الهام عن الميتا كالتالي :
ما حدث ليس مجرد تغيير اسم الفيسبوك. بل ما حدث أكبر..
“مارك زوكربيرج” قرر أن يضم كل تطبيقات التواصل الاجتماعي “فيسبوك، وواتساب، وانستجرام، وغيرها” في شركة واحدة اسمها “Meta” ستتغير شكل الحياة قريبا.. كيف ذلك؟!
تخيل أنك جالس في بيتك تستطيع أن تذهب إلى عملك وتدخل مكتبك وبعدها تتسوق مع أصدقائك وفي نهاية اليوم تحضر حفلة في أفخم الفنادق تم تعود في سيارة ليموزين.. فهل تخيلت ذلك …!!
هذا ما سيحدث في الأيام القادمة.. “مارك” أعلن أن شركته الجديدة ستغير شكل الانترنت تماما.. سيتم تطوير برامج ال 3D والنظارات الخاصة بها وإصدار “مقبض” سيكون معك في بيتك..
هذا يعني.. عندما ترغب في مقابلة أصدقائك مثلا ستدخل إلى مكان افتراضي تختاره.. حديقة أو مقهى أو حتى قصر تم تقوم باختيار اللباس الذي تحبه والشكل الذي ترغبه.. النظارات التي سترتديها ستأخذك من بيتك إلى المكان الافتراضي الجديد بتقنيات تكنولوجية مرعبة ستجعلك تعيش الحالة الافتراضية وكأنها حقيقة بنسبة مليون بالمائة..
أما المقبض أو القفاز الذي في يديك سيجعلك تلمس الأشياء حولك والشعور بها..
الموضوع يبدو للوهلة الأولى رائع وجديد وممتع..
لكن الشيء المخيف أنك ستعيش في عالم افتراضي لن تستطع مغادرته أو الخروج منه لأنه يلبي غرورك ويشبع رغباتك..
وسيزداد الإنسان عزلة وسيصاب الجميع بالتوحد.
الأمر أصبح أكبر من مجرد موبايل نمسكه في أيدينا ونفتح التطبيق تم حين نكتفي نغلقه.. بل سنكون نحن داخل التطبيق وجزءا منه، سنقابل اناسا ونزور أماكن بعيدة ونفعل ما نرغب به دون رقيب أو حسيب، كل ذلك وأنت مستلق على ظهرك في سريرك ودون أن تغادر بيتك ….
سيطرة التكنولوجيا على البشر ستكون أضخم وأشمل، وبالذات في الخصوصية والرغبات والموضوع بالتأكيد يحوي تفاصيل عديدة سنعرفها الأيام القادمة.. ولكن الحقيقة الواضحة أن العالم كله يتحكم فيه شخص واحد اسمه “مارك زوكربيرج”..
الميتا… السحر الأخير!!
كان لابد أن يكون هناك تدرج حتى تقبل الناس العقد الاجتماعي الجديد دون معارضة للشروط المجحفة لهذا العقد، بل أنهم لم يمنحوا الفرصة لانتقاد كل ما يحيكونه للبشرية!!!
لم يبخل حكام هذا العالم بربطه بشبكة عنكبوتية من الكابلات والخيوط وصولا للواقط ومراكز البث، حتى يصلوا بكل ذلك لهاتفك الصغير المحمول لتشتريه بأبخس الأثمان، كما وفروا لك النت بصورة شبه مجانية، ولم يتوقف كرمهم معك عند هذا الحد بل انشأوا مواقع سموها مواقع تواصل اجتماعي بالمجان، فيكفي ان تشترك باسمك ولقبك ورقم هاتفك لتصبح مستفيدا من هذه المنظومة بل يمكنك أن تجني الأرباح من خلال متابعيك أو بالمشاهدة فقط، وزادوا عن كل ذلك برامج ترفيهية وألعاب ومباريات مباشرة وبيع وشراء من دون أن تدفع مليما واحدا… فيال كرمهم!!!
فأصبحت الناس تتنافس على الاشتراك في هذه المواقع وتحقيق المتعة والاستفادة وكل ذلك بالمجان لكن لا يعلمون أنهم في الأخير هم السلعة!!!
حكام العالم عطلوا هذه المواقع لبضع ساعات فغضب الناس لأنهم أصبحوا لا يستطيعون العيش من دونها!!!
إنها فقط اإشارة ليبدأ العهد الجديد من العبودية المطلقة ويكون فيه البشر مجرد رقم إلكتروني!!!!
الميتا والتي أعلنها كفكرة “مارك” ليست وليدة اليوم وإنما هي مخطط طويل منذ سنوات، بل هو التتويج الكبير لخطتهم!!!
سيستمر كرمهم وسخاؤهم وسيوفروا أجهزة تطبيق الميتا من نظارات وساعات وغيرها بسعر التكلفة كما صرح مارك؛ لأن استفادتهم ليس ببيع الأجهزة وإنما باشتراك وانخراط البشرية في مشروعهم الدولي!!!
هذا المشروع الذي سيجلس الشخص فيه في مكانه فقط يلبس تلك الشاشة ثلاثية الأبعاد ليعيش عالم من السحر يعيش فيها من أجل إسعاد شخصيته الرقمية، فيبحث عن المطعم الذي سيأكل فيه، وعن المرأة التي سيعاشرها، وعن الفندق الذي سيبيت فيه، وربما ستكون له عمارة من عشرة طوابق وموظفين وسيارات فارهة ويقضي عطلته في جزر الكاريبي ويركب أغلى اليخوت… و….!!!!
لكن في الحقيقة أنه لم يغادر بيته، وربما هو في حالة جوع رهيبة، وربما هو يعيش كل ذلك السحر وهو يبيت في الشارع!!!
الأمر خطير ولن يخضع مشروعهم الاستعبادي الحديث للقوانين الوطنية، وإنما سيخضع فقط لمعاييرهم الخاصة!!!
المشروع هو متاهة ومالانهاية من الأفكار، فيمكن أن يدخلوا أي شيء فيه كالصلاة مثلا، أو الذهاب للحج وأنت لم تغادر منزلك، وستكون الحرية الجنسية هي عنوانه، وسيفرضون به المثلية، وسيحاربون كل القيم وسيصبح معه كل شيء مباحا!!!
إنه الجنون بكل ما تعني الكلمة، وسيربطون جنونهم بكل شيء من صحة وتعليم وكل جوانب الحياة حتى يرغموا الناس للانضمام إلى العالم السحري!!!