اخبارالرئيسيةعيون

مطالب جديدة لحفتر تعرقل إرسال مراقبين دوليين لوقف إطلاق النار في ليبيا

العربي الجديد-

تستعد البعثة الأممية في ليبيا وسط تقارب إقليمي ودولي في الملف الليبي لقفل ملف الحوار السياسي في البلاد، في وقت تواجه فيه جهودها، من أجل نشر مراقبين دوليين لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، معارضة من معسكر شرق ليبيا، ومخاوف ليبية من شكل مقترح المراقبين الدوليين.

وكشفت مصادر ليبية متطابقة عن معارضة اللواء خليفة حفتر لمقترح أممي بشأن إرسال مراقبين دوليين لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أن الأسباب التي أبداها حفتر تعكس رغبته في عرقلة تنفيذ الاتفاق العسكري لأكثر وقت ممكن.

وبحسب ذات المصادر التي تحدثت لـ”العربي الجديد”، فإن حفتر طالب بضرورة مشاركة مراقبين من دول حليفة له، موعزا لممثليه في اللجنة العسكرية المشتركة بتقديم اقتراح يقضي بتثبت وجود قواته في مدينة سرت وقاعدة الجفرة، بالإضافة لمشاركة مراقبين من دول حليفة له، مضيفة أن مقترح حفتر عبر ممثليه في اللجنة العسكرية جاء بإيعاز من حلفائه في باريس وأبوظبي.

وجاء الرفض من جانب حفتر بعد اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، أن يدعم مراقبون دوليون وقف إطلاق النار في ليبيا، مضيفاً في رسالة وجهها لمجلس الأمن الدولي أن مقترحه جاء بناء على طلب من أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة بشأن تنفيذ آلية فعالة لمراقبة وقف إطلاق النار بمشاركة دولية.

وإلى جانب محاولة عرقلة حفتر للمضي في تنفيذ الاتفاق العسكري، الموقع في 23 أكتوبر الماضي، نقلت المصادر ذاتها مخاوف من جانب أعضاء باللجنة العسكرية بشأن إمكانية دفع واشنطن بمقترح يقضي بإرسال قوات دولية للمراقبة بدلا من إرسال مراقبين.

 

تهميش” لعواصم كبرى

ورغم التفاؤل الذي أحدثته زيارة الوفدين التركي والمصري لطرابلس، الأسبوع الماضي، في الأوساط الليبية بشأن إمكانية حدوث انفراجة في أزمة البلاد بفعل التقارب المصري التركي، إلا أن هذا التقارب أشعر عواصم كبرى بـ”التهميش” بحسب قراءة الباحث السياسي الليبي بلقاسم كشادة، للخطوة الأخيرة من جانب حفتر.

ويرى كشادة خلال حديثه لـ”العربي الجديد”، أن “حفتر لا يزال يسعى لكسب أوراق أكثر في مشهد البلاد المقبل، ووجود مواقف مساندة له من بعض حلفائه يسهل له التشغيب والعرقلة”، مؤكدا أن حفتر يدرك جيدا أن وضعه العسكري بات في مهب الريح.

ووسط مخاوف في أوساط اللجنة العسكرية من تحوير مطلبها من الأمم المتحدة بشأن ضرورة مراقبة دولية لتنفيذ اتفاقها العسكري، قالت المصادر الليبية المتطابقة، إن الكواليس في مباحثات اللجنة العسكرية المشتركة تشير إلى أن التجاوب مع مقترحها حتى الآن يتجه إلى أن أغلب المراقبين من دول أوروبية، موضحة أن اللجان الفنية المنبثقة عن اللجنة العسكرية اقترحت أن تشرف لجنة المراقبة الدولية على مغادرة المقاتلين الأجانب لمناطق التماس في مرحلة أولى خلال أسبوعين من وصول اللجنة الدولية وبدء أعمالها.

وفي تفاصيل المقترح الليبي، قالت إن المرحلة الثانية ستتولى فيها اللجنة الدولية الإشراف على إبعاد القوات الليبية من الطرفين إلى نقاط بعد، وتحديدا معسكرات مدينة هون لجانب مليشيات حفتر، ومنطقة أبوقرين، شرق مصراته، لجانب قوات “الوفاق”، تزامنا مع دخول قوات شرطية مؤلفة من وزارتي داخلية حكومة الوفاق والحكومة الموازية لمدينة سرت، للإشراف على تأمينها بقيادة إحدى اللجان الفرعية المنبثقة عن اللجنة العسكرية المشتركة.

وليست هذه التفاصيل التي تضمن الاتفاق العسكري الليبي إطارها العام محل اعتراض حفتر وحلفائه، بحسب كشادة، وإنما السعي إلى عرقلة وتأجيل تنفيذها يأتي بمثابة ضغط تقف وراءه باريس للرجوع كطرف سياسي في صناعة أي حل ليبي.

ولا يرجح كشادة أن تتحرك باريس بشكل مباشر لجانب حفتر بقدر ما تستخدم أبوظبي، الذي تعد ذارعها الطولى في ليبيا، خصوصا فيما يتعلق بدعم حفتر بالمقاتلين الأفارقة الذين باتوا هدفا مباشرا لحراك دولي يهدف لإخراجهم من البلاد ومطالب محلية أيضا.

في سياق متصل، وفي مدينة هون، جنوب الجفرة، لا تزال الأوضاع محتقنة، بحسب شهود عيان، بعد اقتحام مجموعات من الأهالي معسكرا تابعا لحفتر، الخميس الماضي، وتنظيم مظاهرة تطالب بضرورة إخراج مسلحي “الجنجويد”، الذين جلبتهم مليشيات حفتر للقتال في صفوفها، من مدينتهم بعد تزايد اعتداءاتهم على المدنيين.

وأكد شهود عيان من المدينة، لـ”العربي الجديد” أن مليشيات حفتر تحاول نزع فتيل الاحتقان بالمدينة، وقامت بإخلاء المعسكر ونقل مقاتلي الجنجويد منه إلى مقرات أخرى بعيدة عن المدينة.

ويعود كشادة للتأكيد على أن السياسة المصرية الجديدة في الملف الليبي أضعفت بشكل كبير الدور الإماراتي والفرنسي، بانخراطها في اتصالات مباشرة مع طرابلس، التي تحفل في الوقت الحالي بنشاط دولي كبير لدفع الأوضاع إلى تسويات سياسية قريبة.

ويضيف الباحث الليبي أن التفاهمات الإقليمية والدولية في الملف الليبي صنعتها عدة عوامل ومصالح مشتركة خارج الملف الليبي، معتبرا أن تصريحات وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، مؤخرا، عكست تفهما كبيرا للموقف المصري حيال ليبيا، ويعتبر أيضا أن امتلاك أنقرة والقاهرة لعلاقات مباشرة مع موسكو ساعدت في بناء رؤية لتقارب محتمل.

وتابع “المجتمع الدولي بات يدرك أن القاهرة لديها القدرة على ضبط الإيقاع السياسي والعسكري في جانب معسكر شرق ليبيا، ولذا فهي الضامن الحقيقي لتنفيذ أي تفاهمات في ليبيا لتكون أساسا لتفاهمات في ملفات أخرى أكثر توترا في المنطقة”، مؤكدا أن باريس كانت على طول خط أزمة ليبيا تستخدم الإمارات كذراع لتنفيذ سياساتها في ليبيا، وهي من تسعى لعرقلة التفاهمات بشأن الإشراف الدولي على تنفيذ وقف إطلاق النار، لفرض وجودها في أي معادلة سياسية أو أمنية يمكن أن يصنعها التقارب المصري التركي، وقريبا منهما موسكو أيضا.

وفي خطوة فرنسية أقرب من الملف الليبي نقلت وسائل إعلام فرنسية أن رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس، قضى أول أيام العام الجديد، أمس الجمعة، مع الوحدات العسكرية الفرنسية المتواجدة في شمالي تشاد، المتاخمة للحدود مع ليبيا.

وبحسب ذات وسائل الإعلام فإن كاستيكس، زار مقرات لقوات “برخان” الفرنسية في منطقة “فايا لارجو”، المطلة على ليبيا، بعد لقائه بالرئيس التشادي، إدريس دبي، الذي قدم له دعوة لزيارة باريس.

ولا يتوقع كشادة أن تدفع باريس من خلال أبوظبي إلى تسخين الأوضاع العسكرية على مستوى الجبهات، لكنه يتوقع أن يمثل الملف الليبي بوابة لتقارب تركي فرنسي أيضا، مستشهدا بتصريحات رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا خوسيه ساباديل، التي أكد فيها أن “الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في ليبيا”.

وإثر تصريحات لحفتر هدد خلالها بتجديد الحرب ضد “الغزو التركي”، على حد وصفه، حذرت الأطراف الليبية من “تجديد الأعمال العدائية”، والانخراط بشكل أكثر في العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة لتسمية حكومة جديدة.

وقبلها قالت الرئاسة المصرية، إثر انتهاء زيارة رسمية للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لباريس، إن الجانبين المصري والفرنسي “توافقا حول تضافر الجهود المشتركة بين مصر وفرنسا سعياً لتسوية الأوضاع في ليبيا على نحو شامل ومتكامل”.

وعلى ضوء ذلك، يؤكد كشادة أن مطالب حفتر ببقاء مليشياته في مناطق سرت والجفرة، وعرقلة تشكيل لجنة مراقبة دولية “ما هي إلا ظل لموقف فرنسي ضاغط لحجز مكان فاعل في مشهد ليبيا المقبل”، مؤكدا أن فرنسا لن ترسم سياساتها في ليبيا وفق المتغيرات التي فرضت نفسها، لكن في ذات الوقت لن تعول على حفتر بشكل كبير.

وجاءت تغريدة خوسيه ساباديل، التي أكد فيها على تكثيف الموقف الأوروبي الداعم لتحقيق السلام في ليبيا، وأن “الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في ليبيا”، متزامنة مع سعي أممي لإنهاء أعمال مسار الحوار السياسي، حيث تعتزم الإعلان عن تشكيل لجنة استشارية لإنجاز الاستحقاقات العالقة في المسار السياسي خلال الأسبوع الجاري.

وكانت رئيسة البعثة الأممية في ليبيا بالإنابة، ستيفاني ويليامز، قد أعلنت منح اللجنة الاستشارية أسبوعين لإنجاز عملها بتقريب وجهات النظر المختلفة بين أعضاء ملتقى الحوار السياسي، والانتهاء لرؤية موحدة بشأن شاغلي السلطة التنفيذية الجديدة، في وقت توقعت فيه أوساط ليبية أن يعيد الملتقى ترميم المجلس الرئاسي الحالي والإعلان عن حكومة موحدة منفصلة.

وعبر كلمتها لأعضاء الملتقى، الخميس الماضي، قالت “العد التنازلي لإنهاء المرحلة الانتقالية في ليبيا، وكل الأجسام التي تديرها بدأ في 21 ديسمبر الجاري حين جرى تحديد أطر زمنية واضحة في خريطة الطريق التي اعتمدت في تونس”، وهو ما تراه الناشطة السياسية الليبية مروة الفاخري، تلميحا ضمنيا يوضح بقاء المجلس الرئاسي الحالي، متسائلا “كيف يمكن أن تبدأ هذه المرحلة وسط فراع سياسي إن لم يكن هناك توافق دولي على بقاء السراج ومجلسه كقيادة سياسية مقبلة”.

ولم ترشح أي معلومات جديدة بشأن مستجدات ملتقى الحوار السياسي، لكن الفاخري ترى في حديثها لـ”العربي الجديد”، أن التقدم الكبير في علاقات الأطراف المتخاصمة في الملف الليبي مهد الطريق أمام البعثة الأممية للسير قدما لــ”قفل ملف الحوار السياسي”، لافتا إلى أن الخلافات الأوروبية يبدو أنها في طريق التسوية أيضا.

وتشير الفاخري إلى أن الموقف الأوروبي في الملف الليبي قائم على رؤية متضاربة لدى باريس وروما، اللذين طالما تنافسا بشكل كبير على قيادة الملف الليبي، لكنها تؤكد أن الانخراط التركي القوي في ليبيا غير الكثير من قواعد اللعبة السياسية خارج الملف الليبي.

وتحذر الناشطة السياسية من أن تكون تلك التفاهمات الجارية في هامش الجهود الأممية بين الأطراف المتنافسة بوابة لتكريس التقسيم في ليبيا، معبرة عن مخاوفها من صحة المعلومات التي تشير إلى تحوير في مطالب اللجنة العسكرية المشتركة بشأن المراقبة الدولية.

وتضيف في هذا السياق “التوصيفات والتعبيرات التي بدأت تطغى على صيغ التفاهم الليبي السياسي مثل المجمعات الانتخابية وفق الأقاليم التاريخية الثلاثة، والحديث الآن عن تفريغ منطقة سرت من السلاح وتحويلها لمنطقة بإشراف دولي كلها مؤشرات لا تبعث على الراحة”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى