الرئيسيةالراي

رأي- صراعات سياسية.. أم.. عركة شارع..!

* كتب/ عطية الأوجلي،

في الأعوام القليلة الماضية شاهدنا العديد من الأزمات السياسية بين العديد من الدول والحكومات.. بريطانيا مثلا دخلت في أزمة مع الاتحاد الأوروبي اعتبرت أخطر ما واجه الاتحاد من أزمات حتى الآن وهددت وجوده وبقاءه..

تم التعاطي مع الأزمة بعقلانية، ومن خلال المؤسسات والقوانين.. لم نسمع بحملات في ألمانيا مثلا لإغلاق السفارة البريطانية.. أو جهود بفرنسا لإغلاق الحدود وإيقاف الرحلات الجوية.. أو توجه لطرد الزوار الإنجليز من اسبانيا…. أو تذكير للإنجليز بأصلهم الوضيع …!!

كما شاهدنا أزمة خطيرة بين سكوتلاندا.. وبين الحكومة البريطانية على إثر قيام حكومة اسكوتلاندا على طرح مشروع الانفصال والاستقلال للاستفتاء.. ورغم ما يعنيه هذا المشروع من خطورة على مصير بريطانيا وما يثيره من مشاعر في النفوس.. فقد تم طرح المشروع بطريقة قانونية.. وتم إجراء محاورات في وسائل الإعلام مع وضد المشروع.. وكان من الملفت للنظر أن الذين مع المشروع والذين ضده تعاملوا بصورة راقية خلت من التشنج والتخوين والبيانات الساخنة.. وعندما تم الاستفتاء الذي كان لمصلحة وحدة البلاد وبقاء اسكوتلاندا ضمن دولة بريطانيا.. احترم الجميع النتيجة.. ولم تقع حادثة شغب واحدة.

فالعلاقات بين “الدول” تقوم على أسس عقلانية وعلى مصالح مشتركة، وعلى “تفاهمات” لا تهزها “الأزمات العابرة” وعلى تعاملات لا يجوز الانحدار بها إلى مستويات “لا تليق” بالدول.

أما العلاقات بين “الدول” الشقيقة فهي أمر أخر … !!!!

فلقد رأينا على مر السنين.. أنه ما إن تتحسن العلاقات بين بلدين عربيين حتى نرى خيام الفرح تٌنصب والزغاريد تملأ الأرجاء، والأحلام تُباع، والأحاديث لا تنقطع، عن أخوّة وحكمة الزعماء، وعن الوحدة التي لا يغلبها غلاب..!!.

وما أن تمر هذه العلاقات بأزمة حتى ينقلب الفرح إلى مأثم وبنفس الحماس والقوة.. وتنصب شوادر العزاء وأحيانا تُدق طبول الحرب.. وفي كل الحالات من نفس الأشخاص تقريبا!.. فتكشف الأزمات عن هشاشة العلاقات “الأخوية” فيما بينها، وعن تردي وسائل الإعلام وانحدارها لمستويات مخجلة من الردح والشتائم والألفاظ الشوارعية. كما تُبين بشكل واضح وجلي غياب العقلانية في التعاطي مع هذه العلاقات.

فغياب الثوابت الوطنية…. والقيم الأخلاقية.. يجعل من الخصومات السياسية.. مجرد “عركة شارع” بكل أبعادها ومعانيها.. فعركة الشارع تقوم على الفزعة والحشد والعنف.. وكميات هائلة من الشتائم والإهانات.. وعدم الاكتراث بمصير المارة وممتلكاتهم.. وكثيرا ما تبدأ لأسباب غير معلومة.. وتنتهي لأسباب غير مفهومة … !!!

تبقى بعض الأسئلة الحائرة تبحث عن إجابات …

لماذا تستطيع هذه الدول والشعوب والحكومات التعاطي مع الأزمات بهذا الشكل الحضاري المميز؟ ولماذا نعجز نحن عن ذلك؟ ..

لماذا يتحول أي خلاف من أي نوع وبين أي مجموعات لدينا أو حتى داخل العائلة الواحدة إلى قضية مقدسة؟…

ولماذا يكون العنف اللفظي والمادي دائما هو سيد الموقف..؟ …

ولماذا هذا الإسهاب في استخدام مفردات التخوين والعمالة بهذا الشكل المخجل..؟ ثم التنازل عنها ونسيانها عند أول تغيير في اتجاه الرياح السياسية..؟.

وإلى متى ستبقى العلاقات بين “دول” منطقتنا يسيطر عليها المزاج السياسي.. وإلى متى سيبقى المزاج السياسي مسيطرا على كافة مناحي حياة شعوبها…؟؟؟

في الإجابة على هذه التساؤلات تكمن معرفة أسباب أحد أكبر العلل لدينا.. وتكمن أيضا فرص العلاج والتغيير.. ما لم نختلف على الإجابات ونحولها هي الأخرى كالعادة.. إلى قضية صراع مقدس وأزلي تراق على جوانبه البيانات الساخنة، والتهم الجاهزة، والشتائم الخلاقة….!!!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى