الراي

رأي- بين الثورة والبناء !!

 

* كتب/ يوسف أبوراوي

 

تبدأ ثورة لتكون دولة ديمقراطية حرة تبني بثروتها مستقبلا لأجيالها … ثم تتحول الى حرب أهلية يكون فيها الهدف حقن الدماء وتقليص الشرخ الاجتماعي … تتغول المليشيات فيصبح الهدف انهاء وجودها وارجاع الاجهزة الأمنية … ثم تدخل في ضائقة اقتصادية يكون الهدف فيها توفير السيولة والحصول على لقمة العيش … وهكذا سيقول الكثيرون يا ليتنا نرجع فقط لما قبل هذه الثورة.
.
هنا لن ادخل في تقييم ما ينبغي أن يكون لأننا سنختلف جدا في اطلاق الأحكام التي هي فرع عن تصوراتنا للأمور وتأويلنا لها بطرق متنوعة … ما سردته سابقا هي أمور حصلت على الأرض … والرجوع ايضا لحاله سابقة أمر مستحيل تماما لأن الزمن بطبيعته يتقدم الى الأمام ولا يرجع القهقرى … كما أن كامل شبكة العلاقات والتحالفات ومراكز القوى أعيد تركيبها وفق مصالح جديدة حتى لدى الذين لازالوا يطالبون برجوع الذي مضى.
.
هنا لابد اذا أن ننتهج ونفهم هندسة التغيير كما تفعل باقي الكائنات العاقلة في هذا الكوكب والتي ترتكز على دراسة الواقع كما هو (لا كما نرغب) AS IS ثم رسم رؤية واضحة لما نرغب أن نكون (بغض النظر عن الموجود) AS TO BE … ثم تجسير الفجوة بين الواقع والطموح بخطط تخضع لمعيار .S.M.A.R.T والذي يرمز كل حرف فيه لأحد مواصفات الخطة لتكون ذات جدوى … واليك شرحها :

S (Specific) :  ذات أهداف محددة منضبطة وليست غامضة وهلامية.
M (Measurable) :  القابلية للقياس لنعرف كم المنجر وكم المتبقى من الخطة.
A (Assignable ) :  تحديد المسؤوليات واسناد كل مهمة لمن سيقوم بها.
R (Realistic ) :  كون الخطة حقيقية وقابلة للتنفيذ بما نمتلك من موارد مختلفة.
T (Timed ) : يجب أن تكون الخطة منضبطة بالزمن وتحدد بدقة متى سننجز الهدف.
.

سيقول كثيرون أن الثورات لا تخضع لذلك لأنها عفوية وغير منضبطة … وذلك يمكن أن يكون صحيحا في البداية … ولكن يجب أن نكون دقيقين في تعريفاتنا … اذا كانت الثورة هدفها التغيير للوصول الى أهداف فيجب أن تمر بهذا التسلسل المنطقي وتلتزم بذلك … اما اذا كان الهدف النهائي هو الثورة ثم نجمد الزمن عندها فذلك ما فعله القذافي طيلة فترة حكمه وفعله من أتى بعده لمدة ثمان سنوات حتى الآن … ففي 69 كان القذافي يصف نفسه بالثائر وفي 2011 كان يصف نفسه كذلك … وكان كل ما يقوم به منسجما تماما مع طرحه … فالثورة لحظات انفعالية ردكالية تهدم ولا تبني … ان الاستمرار على هذا النهج لن يغير شيئا إلا بعض الفتات الذي يتركز في يد قلة قليلة تستفيد من حالة الفوضى وضياع المسؤوليات والمحاسبة … ولنقدس هذه اللفظة ونحولها الى صنم غير محدد الملامح ، لنراكم سنوات أخرى من التيه والصراع الصفري على أوهام في بعض الرؤوس التي تنتعل أحذية العسكر تارة أو تلتحف عمائم التطرف الديني ، أو تتلبس أوهام التنوير الذي لا تفهم … أما البناء فيحتاج لفكر مغايير تماما يتسم بالدقة والوضوح والعمل !!!!!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى