الرئيسيةالراي

رأي- بشير الوزير

 *كتب/ أنس أبوشعالة،

بشير شخصية عادية جداً، متعلم تعليم مقبول، ويعمل في مصلحة رسمية لسنوات ضوئية، مرؤوس طول حياته ولم يكن رئيساً يوماً في حياته، قاطعٌ لأمه وأخواته بتعليمات عليا من زوجته؛ بسبب عراك حصل يوم العيد الكبيرة على غسل الكرشة وتحضير العصبان..

بشير ضعيف جداً ولا يستطيع أن يقول آه في وجه أحد، بقدرة قادر صارت مشكلة في ليلة من ليالي الكولسة السياسية في أحد الفنادق، فلم يتم التفاهم على اسم بعينه لتعيينه في وزارة مهمة، فما كان من أحد الحضور إلا المبادرة بالدفع بهذا الاسم اعتباطاً، أو كما يقال من حرارة الروح وضيق الوقت قال لهم عندي ليكم بشير، وقد أجمع الحضور على تسميته وزيراً لسبب أساسي ورئيسي ومهم، ألا وهو (ما حد يعرفه وما عنداش أجندة) أو كما يحب الليبيون تسميته: شخصية غير جدلية.

رن هاتف بشير، وحين رد سمع المتكلم يقول مساء الخير معالي الوزير، قفل بشير الهاتف فوراً ظناً منه أن شخصا ما مخبول أو متصاب مكسد ويبي يقرقز بيه، رن الهاتف للمرة الثانية فقام بشير بحظر الرقم ودار له بلوك!

دخل أحد أبناء بشير يجري، يلتقط أنفاسه، بوي بوي حوشنا مطوق كله سيارات مسلحة، صاح بشير بأعلى صوته شنو مدايرين من عمله قولوا لي؟؟ العيلة كلها وجهها أصفر (متخزرطين) خرج بشير لابساً بيجامته لمن يطوق منزله، وفور خروجه أدى ضابط رفيع الرتبة التحية ضارباً قدمه على الأرض بكل قوة، قائلاً بأعلى صوت (معاك المقدم للاتدببرللتتد.. كلام سريع مش مفهوم مسؤول حراسات معاليك سيدي) كاد بشير أن يغمى عليه وأصابته حمى وعرق جبينه وجسمه يرتعد برداً وعرقاً في ذات الوقت، وأحس برغبة شديدة جداً في التبول من فرط الصدمة التي لم يستطع استيعابها إطلاقاً.

بشير الوزير حار، وشعر بالدوار، وقال في نفسه (نهارك الأحرف يا بشير صار منك وولليت وزير، كيف بدير يا بشير وانت ما تفهم في السياسة وإدارة الدولة حاجة؟!) رن هاتف بشير فإذا برقم مميز جداً، رد على الاتصال فإذا بصوت شخص يضحك ويهلل ويكبر قائلاً مبروك مبروك مبروك معالي الوزير اختيار في محله والله، توا نقدروا نقولوا البلاد صار منها وجوها هلها، معاك ميلود معالي الوزير وجنبي الأستاذ مخلوف الحلوف يبي يسلم عليك، منو ميلود ومنو مخلوف، أخد مخلوف الهاتف وقال للوزير بشير، معاليك، معاليك، صدق أو لا تصدق، ليلة الجمعة حلمت بيك وجاني هاتف من السماء يقول بشر بشير حيكون وزير، والله دموعي فرطت من عيوني معاليك،، بشير الوزير مش فاهم شن قاعد يصير،،،

في لحظات بسيطة رن جرس المنزل، فإذا بسيارات دفع رباعي مصفحة كل سيارة بسواقها، وصناديق من البدلات الرجالية الراقية بنفس مقاس بشير الوزير، وطقم حراسات جاهزين مستعدين مرتبين كل شيء،، تم إرسالهم من ميلود ومخلوف، والوزير بشير طار من السعادة لأنه حس بأن أزمة محرجة انتهت في لحظات بفضل مخلوف وميلود..

اتصل بشير بمخلوف وميلود شاكراً لهم مبادرتهم الطيبة، فقالوا له معالي الوزير الرتل سيوصلك للاستراحة الخاصة بك،، أي استراحة يا مخلوف؟؟ معاليك جهزنا لك مقر متكامل فيه كل احتياجاتك اللوجستية والنفسية والسيكولوجية والبيولوجية والحسية، وكل ما يلزم لحسن أدائك لأعمالك،، كان الله في عون معاليك معالي الوزير.

توجه بشير الوزير للاستراحة، مدخل فسيح وأشجار نخيل تصطف على جنبات الطريق، وخدم منتشرون في كل مكان وروائح الشواء تفوح في الهواء الطلق، وروائح البخور تفوح في الصالة المغلقة، وجبال الفواكه، والأرقيلة بجميع أنواع المعسل متسلسلة مترابطة في مجلس فخم و فاخر، وإذا بشخص يرتدي سورية عربية وبدعية وطاقية بيضاء، يبدو عليه الوقار والمكر في نفس الوقت، لا ينفك عن القهقهة أثناء الكلام،، ها ها ها الله يبارك الله يبارك ماشاء الله ماشاء الله، منور معاليك الدنيا كلها نورت والبلاد هذا وين حالها تصلح يا والله نهار مبروك يا و الله نهار مبروك،، بشير يتساءل منو حضرتك،، أنا مخلوف الحلوف معالي الوزير، فما كان من بشير الوزير إلا أن يحضن مخلوف الحلوف بكل تلقائية، كيف لا ومخلوف استطاع اصطياد بشير الوزير من أول لحظة من التكليف، أثناء الحضن الحار كان ميلود واقفاً يراقب من وراء الوزير وإذا بمخلوف يشير خلسة من وراء ظهر الوزير لميلود بإبهامه. بمعنى أن العصفور دخل القفص الذهبي لمخلوف و ميلود،،

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى