الرئيسيةالراي

رأي- البطاقة الشخصية … والحصان الميت … !!!

* كتب/ عطية الأوجلي،

ذات مرة ذهبت إلى مركز للشرطة بغرض تجديد بطاقتي الشخصية… دخلت للمركز فوجدت اثنين من رجال الشرطة يجلسان وراء مكتب يبدو أنه مخصص للاستقبال… وبعد السلام… قلت لهم إنني أريد تجديد البطاقة … فأشار أحدهم إلى الجدار المقابل وقال… الطلبات مكتوبة غادي جيبها وتعال… ذهبت إلى الجدار المقابل الذي لصقت عليه ورقة بيضاء كبيرة مقسمة إلى جزئين… كتب عليها وبخط رديء المستندات المطلوبة في حالتين: الاستخراج والتجديد..

تطلعت إلى قائمة التجديد وأصابني الذهول من كثرة المستندات المطلوبة… فرجعت لرجل الشرطة وسألته بأدب وهدوء :

– معليش يا أفندي تحملني شوية… نبي نسأل

فقال… تفضل …

فقلت له… معليش من عطاني هذه البطاقة… وأشرت لبطاقتي الشخصية

نظر إلي بتعجب ثم قال… نحنا …

قلت له وبنفس الأدب والهدوء… باهي معليش… عليش عطيتوها لي …

نظر بحيرة ولكنه رد… لأنك جبت المستندات المطلوبة …

فقلت… باهي وين هذه المستندات

فرد بفارغ الصبر… في ملفك ياسيد… قاعدات عندنا..

فقلت وقد وصلت إلى بيت القصيد… باهي مادام قاعدات عندكم… عليش تطلبوا فيهن مني؟

وقبل أن يرد علي… وقف زميله الذي كان جالسا بجواره… وقال بصوت عال ونبرة تحد… هيا هكي

تبي بطاقة جديدة… هات أوراق جدد. .

أحسست بأن التوتر قد ساد الجو… فأردت أن أنهي الموضوع… فقلت متبسما… ما عنديش مشكلة غير حبيت نسأل… امتى نقدر نرجع لكم …

قال العسكري الأول… تعال يوم الأربعاء انقولو لك جت المادة الخام وإلا مازال .

***

شكرت الاثنين… وخرجت من مركز الشرطة وفي ذهني قصة ركوب الحصان الميت… التي حكاها لنا ذات يوم أحد الأساتذة ليدلل على أن للبيروقراطية منطقها الخاص بها ولها عاداتها وأعرافها وثقافتها… بحيث لو اكتشفت أنها تركب حصانًا ميتًا… فإنها لن تقوم بالنزول أو استبدال الحصان… بل ستقوم بإحدى الخطوات التالية:

شراء سوط أقوى

تغيير الفارس .

قول أشياء مثل إن هذه الطريقة هي التي نتبعها دائماً في ركوب هذا الحصان .

تشكيل لجنة لدراسة الحصان .

الترتيب لزيارات ميدانية لشركات أخرى لمعرفة كيف تقوم هذه الشركات بركوب الحصان الميت .

التعاقد مع جهات خارجية لركوب الحصان الميت .

ربط عدة خيول ميتة مع بعضها بعضاً من أجل زيادة سرعتها .

تقديم مخصصات مالية إضافية لزيادة أداء الحصان .

القيام بدراسة جدوى اقتصادية لمعرفة ما إذا كان التعاقد مع جهات خارجية سوف يكون أقل كلفة في ركوب الحصان .

شراء أدوات تستطيع أن تجعل من الحصان الميت يجري بسرعة أكبر.

رفع شعار أن الحصان يكون “أفضل وأسرع وأرخص” إذا كان ميتاً .

وهكذا هي الحال… كثرة إجراءات… تزيد من الإنفاق العام… وتهدر الوقت… وتضيع جهد ومال المواطن… وتحرق أعصابه… ولا تقدم أي حل.. فالحصان قد مات… دون أن يهتم أحد لموته … !!!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى