الرئيسيةالراي

رأي- الإجابات الكسولة لا تصنع المعرفة

*كتب/ خالد الهنشيري،

واحدة من العادات التي أقوم بها أحيانا هي تصفح الكتب المدرسية، وكثيراً ما أجد فيها ما يشبه التضليل، ناهيك عن الأخطاء الصريحة.

في هذه الليلة وقع بين يدي بالصدفة كتاب اللغة العربية للصف الثامن لهذا العام الدراسي، بمجرد أن فتحت أولى الصفحات لفت انتباهي عبارتي أن اللغة العربية (من أقدم اللغات الساميَّة) و (يتحدث بها أكثر من 467 مليون نسمة) وُضعت في بداية الكتاب كتعريف باللغة العربية.

 

الشخص الذي وضع هاتين العبارتين بكل بساطة أخذ المعلومة من موقع “ويكيبيديا” الشهير مستعيناً بمحرك البحث قوقل، ولم يكلف نفسه جهد البحث، وحتى في نقله عن ويكيبيديا لم يقرأ كل ما جاء في هذا الموضوع، ولنبدأ بالعبارة الثانية (يتحدث بها 467 مليون نسمة) هذا خطأ فادح، فلو أنه تابع قراءة ما جاء في الصفحة من تفصيل للأعداد التقديرية للمتحدثين باللغة العربية حاليا لوجد أن العدد الصحيح المذكور هو 422 مليون نسمة والعدد 467 مليون هو إجمالي متحدثي اللغات السامية ككل مثل (العبرية والآرامية والسريانية وغيرها بالإضافة للعربية)، بالطبع واضع العبارة شخص “منّا وفينا” مثل ما يقولون شخص كسول يريد إجابة سهلة وسريعة بدون أن يكلف نفسه قراءة مقالة أو فصل من كتاب أكاديمي موثوق.

ثم لفظ (أقدم اللغات السامية) ببساطة وضع حكمه الخاص (و روَّح) وأغلق النقاش العلمي الذي خاضه علماء اللغة حول العالم ولهم صولات وجولات، ولكل مجموعة من العلماء نظرياتهم وقرائنهم ودلالاتهم، وأن مثل هذه المسائل لم يكن فيها فصل نهائي حول الأقدمية، ومن ناحية أخرى أن العربية التي نعرفها الآن لم تكن هي نفسها، وإنما مرت بمراحل تطور على مدى سنين طويلة حتى تشكلت بالهيئة التي نعرفها الآن.

ما أقصده هو أن عبارة (أقدم) لا تصح أن نؤسس عليها، لو ابتعد واضع العبارات عن الكلاشيهات الجاهزة والعبارات المكررة بدون سند معرفي حقيقي لكان أفضل من أن يُدخل عبارات ستُصبح مسلمات للأولاد لا لشيء إلا لأنها موجودة في الكتاب، كان من الممكن أن يكتب تلخيص بسيط حول اللغة العربية بطريقة سليمة مستنداً لحقائق علمية، أو لا يكتب أصلاً ويتجنب الشبهات ويدخل في صُلب الدروس.

هذا الموضوع يحتاج لمتخصصي علوم اللغة (Linguistics) وهو موضوع غني وممتع في نفس الوقت لو تم تناوله بتجرد من العاطفة، وعلى الصعيد الشخصي أحب أن أقرأ وأسمع عنه.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى