اخبارالرئيسيةثقافة

المسرح الليبي يعود بعد غياب نافضاً غبار الخلافات السياسية

العربي الجديد-

في حدث فني افتقدته ليبيا مدة 15 عاما، عادت فعاليات المهرجان الوطني للفنون المسرحية لتنفض غبار الصراعات السياسية التي ألقت بثقلها على المسرح والفنانين في البلاد.

نظمت الدورة الثانية عشرة للمهرجان على خشبة ثلاثة مسارح في طرابلس ومصراتة (على بعد 200 كيلومتر شرق طرابلس)، وجمعت رواد المسرح وممثلين من 11 مدينة من كل أنحاء ليبيا على مدى عشرة أيام، واختتمت هذا الأسبوع.

حرص معظم الفنانين على تقديم عروض مسرحية تتناول الجانب الإنساني والحالة الاجتماعية التي يعاني منها الليبيون، خصوصا منذ اندلاع الثورة التي أطاحت بالقذافي وما تلاها من انفلات أمني ومعاناة وصراعات وتراجع الحالة الاقتصادية والمستوى المعيشي في البلاد.

مسرحية “حسيتوها

مسرحية “حسيتوها”، قدمتها فرقة مسرح المرج (شرق) من تأليف يوسف مالاس وإخراج علي القديري، واحدة من العروض التي نالت استحسان الجمهور بشكل لافت، إذ حضرها أكثر من ألف شخص، وتناولت مشاهدها أوجاع الوطن بطريقة صامتة في معظم فقراتها.

قال محمد الخيتوني، بعد عرض المسرحية، لوكالة فرانس برس: “تفاعل معظم الجمهور الحاضر معها، انهمر البعض بالبكاء للتعبير النقي الذي قدمه الفنانون”، ورغم أنهم “كانوا يقدمون عرضهم بالإيماءات والأصوات، لكنها أوصلت كل المعاني بسرعة لنا”.

من جهته، حضر محمد الموظف (57 عاماً) مع أبنائه الثلاثة المسرحية التي أقيمت على مسرح الكشاف في طرابلس، وقال: “سألت ابني خالد الأصغر (14 عاما) بعد نهاية العرض عن ملخص المسرحية، فأبلغني أن الفنانين شرحوا معاناة ليبيا من فوضى وفقر وفساد سياسي نعاني منه”.

ومنذ سقوط القذافي في 2011، تشهد ليبيا نزاعات وانقسامات وتدير شؤونها حكومتان متنافستان: الأولى في طرابلس (غرب) برئاسة عبدالحميد الدبيبة وتعترف بها الأمم المتحدة، والثانية في الشرق وتحظى بدعم حفتر.

ورأى مخرج مسرحية “حسيتوها”، علي القديري، أن العرض كان “لافتاً لأنه يمس حالة اجتماعية تتعلق بأوضاع معظم الناس، تلك المرتبطة بالفقر وصراع السياسيين وانعدام الفرص والركود الاقتصادي الذي تعاني منه معظم مدن ليبيا”.

وأقيمت آخر دورة لهذا المهرجان في العام 2008.

إيقاد شعلة” المسرح الليبي من جديد

أكد المدير العام للمهرجان الوطني للفنون المسرحية، أنور التير، أن انعدام الاستقرار في ليبيا حال دون انتظام عقد الدورات.

وقال التير لوكالة فرانس برس: “المسرح يتأثر بالواقع السياسي والاجتماعي في البلاد، ونحن اليوم نريد إيقاد الشعلة مجدداً، والاحتفاء بقامات فنية كبيرة يجب ألا يحرم منها الجمهور(…) لا لتهميش المسرح الليبي”.

شارك في المهرجان أكثر من 60 مسرحياً وفناناً، إلى جانب تسجيل مشاركة العشرات من المخرجين والمؤلفين الليبيين.

من جهته، اعتبر رئيس الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، عبد الباسط بوقندة، أن الهدف هو إعادة إطلاق الحركة المسرحية من دون توقف وتجاوز الصراعات. وقال لوكالة فرانس برس: “عجلة المسرح ابتداء من اليوم لن تتوقف، وسيواصل الفنانون من مختلف البلاد تقديم عروضهم”. وأضاف أن الانقطاع في المسرح كان “سببه الإهمال وخلاف السياسة الذي أضر بكافة الفنون وعلى رأسها المسرح، واليوم مجتمعون مع كل فناني ليبيا لتجاوز الصراع”.

بدورها، عبرت سلوى المقصبي، المسرحية والممثلة التي جاءت من بنغازي للمشاركة في العمل المسرحي “ناجي لم ينج”، عن سعادتها بالمشاركة في المهرجان قائلة: “المسرح يجمع ولا يفرق، وسينجح في ما فشل فيه الساسة”.

مأساة درنة حاضرة 

حضرت مدينة درنة التي ضربتها فيضانات مدمرة راح ضحيتها آلاف الأشخاص في المهرجان، من خلال عرض مسرحي واحد بعنوان “الأكاديمية” لفرقة أجيال للمسرح والفنون في المدينة.

ووصف مدير المسرح الوطني في درنة، ميلاد الحصادي، مشاركتهم، بالرغم من كونها “خجولة ومحدودة”، بأنها “بادرة ولفتة طيبة” من قبل القائمين على المهرجان.

وقال الحصادي لوكالة فرانس برس: “نحن لا نزال في جرح لم يندمل جراء ضحايا الفيضانات التي ضربت درنة (…)، نحن هنا اليوم مثقلون بالجروح والألم والفقدان، لكننا مستبشرون خيراً بالوطن وفنانيه الذين نجحوا في إحياء المسرح الوطني”.

وأضاف أن “الصراع في ليبيا تسبب في عزل المسرح عن الفنانين، واليوم نحن بحاجة لتشجيع ودعم كل مسرحي ليبي، لأن دورهم كبير في نبذ الفرقة وتوحيد الليبيين وزرع البسمة والأمل في محيانا”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى