اخبارالرئيسيةعربي ودولي

الصراع الدموي في السودان.. ماذا سيفعل بجيرانه؟

الحرة-

يهدد النزاع الحالي في السودان جيرانه في منطقة مليئة بالصراعات، حيث يبدو أن أي تطور دراماتيكي داخل السودان سيؤثر بشكل قاطع على الدول المجاورة، نظرا للوضع المتشابك بينها، وفق خبراء.

ويحد السودان دول من بينها مصر وليبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وإريتريا وجنوب السودان وإثيوبيا.

ويقول رئيس مركز القرن العربي للدراسات في الرياض، سعد بن عمر، في تصريحات لموقع الحرة إن السودان “بات الآن نقطة كبيرة في شرق القارة الأفريقية تؤثر على المنطقة اقتصاديا وأمنيا بالدرجة الأولى”.

ويشير إلى أن تشاد وإثيوبيا المجاورتين هما دولتان قاريتان، أي ليست لهما سواحل، وتعتمدان بشكل كبير على الموانئ السودانية، وأهمها بورتسودان، والاختلالات الأمنية في السودان تؤثر على الطرق الحيوية التي تعبر إلى تشاد وأثيوبيا وأوغندا.

وتقول أسوشيتد برس إن للصراع في السودان تداعيات يمكن أن تتجاوز حدوده بكثير، وقد يشهد نوعا من الصراع المطول، الذي عصف ببلدان أخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا، من لبنان وسوريا إلى ليبيا وإثيوبيا، ويهدد باندلاع حرب أهلية طويلة الأمد أو تقسيم الدولة إلى أقاليم متنافسة.

وجاء في مقال عن الصراع الحالي على موقع مجلس العلاقات الخارجية أن البلد الأفريقي “يقع بالفعل في جوار صعب، وسيؤدي انزلاقه في حرب أهلية إلى صعوبة تحقيق السلام بين جيرانه”.

وتشير رويترز إلى أن السودان ليس غريبا على الصراعات، لكن القتال هذه المرة يمزق العاصمة، الخرطوم، وليس مناطق نائية لدولة تقع في منطقة غير مستقرة على حدود البحر الأحمر والساحل والقرن الأفريقي.

وواجهت خمس دول من جيران السودان السبعة، إثيوبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا وجنوب السودان، اضطرابات سياسية وصراعات في السنوات الأخيرة.

وتقول أسوشيتد برس إن الدول المجاورة للسودان غارقة في صراعاتها الداخلية، مع نشاط مجموعات متمردة مختلفة على طول الحدود.

ويوضح رئيس مركز القرن العربي للدراسات في الرياض، سعد بن عمر، أن الاضطرابات الأمنية السابقة في السودان كانت لها ارتدادات، والصراعات في المنطقة عموما تمتد للدول الأخرى، وعلى سبيل المثال، انبثقت عن الحركة الشعبية لتحرير السودان، بزعامة جون قرنق، حركات مماثلة في شمال أوغندا وإريتريا وإثيوبيا وتشاد، وحتى في ليبيا، التي انتقل إليها أفراد لتشكيل مجموعات وجدت أرضا خصبة للنمو.

ويقول آلان بوسويل، من مجموعة الأزمات الدولية لأسوشيتد برس: “ما يحدث في السودان لن يبقى في السودان”، مشيرا إلى أن تشاد وجنوب السودان معرضان لخطر هذه التداعيات على الفور.

وتقول واشنطن بوست إن الصراع الطويل، في بلد شهد حركات تمرد لا حصر لها خلال عقود من الاستقلال يمكن أن ينتقل إلى جيران السودان، سواء بشكل مباشر أو من خلال دعم قوات بالوكالة” وهو ما ستكون “له تداعيات خطيرة محتملة على الأمن الإقليمي ويعرض حياة الملايين للخطر”.

وترتبط مصر بعلاقات وثيقة مع الجيش السوداني، الذي تعتبره حليفا ضد إثيوبيا، وتتواصل مع طرفي النزاع الحالي من أجل وقف إطلاق النار، “لكن من غير المرجح أن تقف مكتوفة الأيدي إذا واجه الجيش السودانية الهزيمة”، وفق أسوشيتد برس.

وبينما يتشابك تاريخ مصر والسودان بالسياسة والتجارة والثقافة ومياه النيل المشتركة، تشعر القاهرة بالقلق من الاضطرابات السياسية في جنوبها منذ الاحتجاجات العارمة ضد عمر البشير في 2019.

وتعيش في مصر جالية سودانية كبيرة، يقدرها عددها بنحو 4 ملايين شخص، من بينهم حوالي 60 ألف لاجئ وطالب لجوء.

وتشعر مصر والسودان بالقلق من تهديدات مشروع سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على نهر النيل، وقد نسق البلدان المواقف معا ضد هذا السد “وأي توتر في العلاقات بين الخرطوم والقاهرة قد يعرقل جهودهما للتوصل إلى اتفاق” وفق أسوشيتد برس.

وتشير واشنطن بوست إلى أن الوضع الحالي قد يؤدي إلى تعقيد المحادثات بشأن السد.

ويرى سعد بن عمر في تصريحاته لموقع الحرة أن الحكومة الإثيوبية قد تستغل أي خلافات وعدم وجود حكومة قوية في الخرطوم لصالحها في هذا الملف.

ويلفت مقال مجلس العلاقات الخارجية إلى أن أي دور مصري بارز في السودان “سوف يدق أجراس الإنذار في إثيوبيا، نظرا لاعتراض مصر الكبير على إقامة السد”.

وبالنسبة إلى ليبيا، تشير رويترز إلى أن ميليشيات سودانية قاتلت بالفعل مع أطراف الصراع في ليبيا بعد عام 2011. وفي السنوات الأخيرة، عاد العديد من المقاتلين السودانيين إلى السودان، حيث ساهموا في زيادة التوترات بإقليم دارفور بغرب السودان.

وكان السودان أيضا نقطة انطلاق وطريق عبور للمهاجرين الذين يسعون للتوجه إلى أوروبا عبر ليبيا، حيث استغل المهربون الصراع والاضطرابات السياسية.

ويقول مجلس العلاقات الخارجية إن التوترات في دارفور والانقسامات العرقية بين أطراف النزاع في السودان تمثل تهديدات أمنية حقيقية لتشاد.

وتستضيف تشاد حوالي 400 ألف نازح سوداني من الصراعات السابقة، وبعد انطلاق النزاع الأخير، شهدت وصول نحو 20 ألف لاجئ إضافي.

وتشاد قلقة من امتداد الأزمة عبر الحدود إلى المناطق التي تستضيف فيها اللاجئين ومعظمهم من دارفور. وخلال نزاع دارفور، شنت ميليشيات “الجنجويد” (أصبحت لاحقا قوات الدعم السريع) هجمات عبر الحدود مستهدفة اللاجئين والقرويين التشاديين، وفق رويترز.

وتشاد أيضا قلقة من أن مسلحي مجموعة “فاغنر” الروسية في جمهورية أفريقيا الوسطى المجاورة (تورد تقارير أنهم يتعاونون مع قوات الدعم السريع) قد يدعمون المتمردين التشاديين الذين يهددون حكومة نجامينا. بحسب “رويترز”، بينما تنفي “فاغنر” أي وجود لها في السودان.

ويصدر جنوب السودان، الذي انفصل عن السودان في 2011 بعد حرب أهلية استمرت لعقود، إنتاجه النفطي البالغ 170 ألف برميل يوميا عبر خط أنابيب تمر عبر السودان.

ويقول محللون إن أيا من الطرفين في الصراع السوداني ليس له مصلحة في تعطيل تدفقات النفط، لكن حكومة جنوب السودان قالت إن القتال أعاق بالفعل الروابط اللوجستية وطرق النقل بين حقول النفط وميناء بورتسودان.

ويستضيف السودان 800 ألف لاجئ من جنوب السودان. ويمكن لأي عودة جماعية للاجئين أن تزيد الضغط على الجهود المبذولة لتوفير المساعدات لأكثر من مليوني نازح في جنوب السودان فروا من ديارهم داخل البلاد بسبب الحرب الأهلية.

ويهدد الصراع في السودان أيضا بأن يستغل أي من الجانبين الاضطرابات لتعزيز أهدافهما المتعلقة بالحدود مع إثيوبيا، التي تشهد مناوشات مستمرة على طول المناطق المتنازع عليها.

وعندما اندلعت الاضطرابات في منطقة تيغراي في شمال إثيوبيا، في عام 2020، ظهرت التوترات على حدود الفشقة الخصبة، المتنازع عليها بين البلدين، ودفعت أكثر من 50 ألف لاجئ إثيوبي إلى المناطق الفقيرة بالفعل في شرق السودان.

وقد يواجه اللاجئون الإريتريون في السودان محنة مماثلة إذا تصاعد النزاع خارج الخرطوم، فالسودان يستضيف أكثر من 134 ألف لاجئ وطالب لجوء من إريتريا فروا من التجنيد الإجباري الذي تفرضه حكومة أسمرة.

وقد فر العديد من اللاجئين الإريتريين في شمال إثيوبيا من مخيماتهم خلال حرب تيغراي بين عامي 2020 و2022.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى