اجتماعيالرئيسيةعيون

عراقيل المساواة بين الجنسين في ليبيا

العربي الجديد-

تجدد الجدل في ليبيا بشأن مذكرة تفاهم للمساواة بين الجنسين وقعتها سلطات حكومة الوحدة الوطنية مع هيئة الأمم المتحدة، بعدما أصدر القضاء حكماً بإلغاء المذكرة لمخالفتها أحكام الشريعة الإسلامية.
وثار الجدل حول مذكرة التفاهم لتنفيذ اتفاق “سيداو” في ليبيا، منذ أن وقعتها وزيرة الدولة لشؤون المرأة بحكومة الوحدة الوطنية، حورية الطرمان، مع هيئة الأمم المتحدة، في أكتوبر 2021، إذ هاجم عدد من النشطاء الليبيين الوزيرة، واتهموها بمحاولة تنفيذ اتفاق دولي يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وأعراف وتقاليد المجتمع.

والسبت الماضي، قضت محكمة الاستئناف في طرابلس بإلغاء مذكرة التفاهم الموقعة مع الأمم المتحدة بحجة معارضة بعض بنودها “أحكام الشريعة الإسلامية”. وجاء قرار المحكمة بناء على دعوى قضائية رفعها عدد من النشطاء والحقوقيين الليبيين في يونيو الماضي ضد إجراء الوزيرة.

وكان مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية قرر، وسط الجدل الذي أثاره خبر توقيع المذكرة، تجميد إجراء الوزيرة، وتشكيل لجنة للتحقيق في أي مخالفات قد تكون شابت توقيع المذكرة. ثم أكد في بيان سلامة إجراء الوزيرة على الصعيد الإداري.
ومع إقرار مجلس وزراء أن الدولة الليبية متحفظة على بنود في اتفاق “سيداو” يشتبه في أنها تخالف أحكام الدين الإسلامي، دافعت الطرمان عن الإجراء بالقول إن “مذكرة التفاهم لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية والقوانين الوطنية للدولة، وجاءت لتفعيل قرار مجلس الأمن الدولي للمرأة والسلام في إطار التعاون والتنسيق”.
ومقابل الدعوى القضائية التي رفعت ضد المذكرة أمام محكمة الاستئناف في طرابلس، دافعت جهات حقوقية محلية عن المذكرة، منها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا التي اعتبرت أن “المذكرة لا تلغي القوانين المحلية، ولا تتعدى على أعراف وتقاليد المجتمع، وتندرج في إطار الجهود المبذولة لرفع مستوى المرأة الليبية ودورها وحضورها في كل المجالات، خصوصا العمل، وحماية وصون حقوقها”.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرّت عام 1979 اتفاقاً دولياً للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والذي دعت بنوده إلى المساواة بين المرأة والرجل، لكن بعض تفاصيله الخاصة بالزواج والعلاقات العائلية والأحوال الشخصية لقيت معارضة من دول إسلامية، بحجة أنها “لا تراعي ثوابت الدين الإسلامي وأعراف وتقاليد مجتمعاته”.
ويخبر المحامي الليبي بلقاسم القمودي “العربي الجديد” أن “قرار محكمة الاستئناف في طرابلس إلغاء مذكرة التفاهم التي وقعتها الوزيرة مع هيئة الأمم المتحدة استعان برأي شرعي من دار الإفتاء الليبية، في حين أن إصرار الوزيرة على توقيع مذكرة تثير جدلاً معروفاً في أوساط الدول الإسلامية غير مفهوم على صعيد الظروف السائدة والتوقيت، علماً أن أوضاع المرأة في ليبيا تعاني من ظروف أسوأ من مطلب المساواة يجب أن تهتم الوزيرة بها”.

ويؤيد الناشط المدني مالك هراسة، في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن “ملف المرأة في ليبيا متخم بالمشاكل والأزمات، مثلاً وضعها الأمني والنساء المغيّبات قسراً. وهناك قضية الليبيات المتزوجات من أجانب وأزمة جنسية أولادهن، وقضايا أخرى تؤكد واقع أن المرأة الليبية لا تبحث عن حق المساواة فقط وسط كم كبير من المشاكل”.
ويسأل: “هل استطلعت الحكومة رأي الليبيات حول هذا المطلب؟ فأنا أعتقد أن كثيرات منهن لن يوافقن على بنود هذا الاتفاق الدولي الذي يتعارض مع ثقافتنا، وأن الوزيرة سعت بالتالي إلى تحقيق مكسب أو نفذت خطوة بلا دراسة”.
أما الناشطة الحقوقية بدرية الحاسي فترى في حديثها لـ”العربي الجديد” أن “قرار المحكمة سيجدد الجدل حول مذكرة التفاهم الموقعة مع الأمم المتحدة، وهو دليل على عدم جهوزية المجتمع الليبي لتقبل أي تغيير في شأن وضع النساء”.
تتابع: “أعتقد أن غالبية معارضي توقيع الاتفاق تابعوا تفاصيله عبر وسائل الاعلام، في حين لم يطلبوا نشر بنوده لقراءتها وتحديد تلك التي تعارض أحكام الدين الإسلامي، علماً أنها تخلو من أي منها، ومن أي بند يمكن أن يؤسس للانحلال، أو تجاوز ثوابت المجتمع والدين، أو يدعو للإباحية او المثلية او إهانة للقيمة البشرية للإنسان”.

وتوضح الحاسي أن مذكرة التفاهم التي وقعتها الحكومة مع الأمم المتحدة تهدف إلى إشراك المنظمة الدولية في إعداد خطة عمل وطنية لدعم المرأة وحقها في المشاركة في مختلف المجالات، أما اتفاق “سيداو” فانضمت ليبيا إليه عام 1989 مع تحفظها على بنود يمكن أن تمس ثواب الدين الإسلامي، فلماذا هذا الجدل؟”.