اخبارالرئيسيةعيون

هجرة الليبيين.. بحثا عن لقمة العيش أم طلبا للأمان؟ (تقرير)

الأناضول-

12 عاما كاملة عاشت ليبيا فيها أزمات أمنية وسياسية واقتصادية صعبة، إلا أن أزمتها الأخيرة جعلت شباب البلاد يهرب نحو الخارج.

هذا ما عبرت عنه دراسة أوروبية حديثة كشفت بالأرقام أعداد الليبيين طالبي اللجوء بالاتحاد الأوروبي.

الدراسة نشرتها، في 22 فبراير الماضي، “وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء” (UEAA)، المتخصصة في النظر في طلبات اللجوء لأوروبا.

ـ عودة طلبات اللجوء للصعود

كشفت الدراسة أنه تمت الموافقة على 36 بالمئة من إجمالي طلبات اللجوء التي تقدم بها ليبيون في 2022، والبالغة 2450 طلب.

وأشارت وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء، إلى أنها أبقت 1433 ملفا معلقا لأسباب لم تذكرها.

ووفق المنحى البياني للدراسة، فإن طلبات لجوء الليبيين لإحدى دول الاتحاد الأوروبي الـ27، عادت إلى الارتفاع بعد انخفاضها لأدنى مستوى لها في 2020.

وارتفع عدد طلبات لجوء الليبيين إلى 2450 في عام 2022، بعدما سجلت 2071 طلب لجوء في عام 2021.

بينما كان 2020، أدنى عام تم فيه تسجيل طلبات لجوء الليبيين في دول الاتحاد الأوروبي، بواقع 1992 طلبا، منها 1812 لأول مرة.

وتزامن عام 2020، مع انسحاب قوات خليفة حفتر، قائد قوات الشرق الليبي من ضواحي العاصمة طرابلس، بعد هجوم عنيف شنته عليها في 2019، ثم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، في 23 أكتوبر 2020، ما جدد الآمال في عودة السلام للبلاد.

الدراسة التي تمتد بين عامي 2014 و2022، سجلت ذروة طلبات لجوء الليبيين عام 2015، عندما وصلت إلى سقف 4 آلاف و990 طلب، صعودا من 3 آلاف و393 طلب في 2014.

لكن طلبات اللجوء تراجعت بشكل حاد ما بين 2018 و2020، عندما تراجعت من 4 آلاف و660 طلبا إلى 1992 طلب، على التوالي. إلا أنها عادت للصعود في عامي 2021 و2022.

الوضع بالمقلوب

“الوضع أصبح بالمقلوب”، بحسب الباحث الاجتماعي الليبي محمد السعيطي، الذي علق في حديث مع الأناضول، على ارتفاع هجرة شباب بلاده للخارج.

السعيطي، قال: “بعدما كانت ليبيا وجهة الشباب العربي والإفريقي كافة، والذين كانوا يطلبونها لعدة أسباب، منها دينارها القوي أمام العملات الأجنبية، وخيراتها الكثيرة، إضافة لكبر حجم سوق العمل فيها، أصبح اليوم عكس ذلك، حيث أن الليبيين هم من يهربون منها إلى الخارج”.

وعن أسباب ذلك، أشار إلى “أننا في مارس، والليبيون لم يحصلوا بعد على رواتبهم لشهري يناير وفبراير”.

واعتبر أنه بالنظر إلى هذا المثال “سيكون فهم السبب أيسر”.

وتابع: “في دولة نفطية تتأخر الرواتب لشهرين كاملين، وحتى حينما تُصرف، لن يتمكن المواطن من الحصول عليها بسبب الأزمة المالية الخانقة، فالمصارف لا أموال لديها لتعطيها للمواطن”.

السعيطي، لفت إلى أنه قبل 12 عاما “كان نظام القذافي يحارب الرأسمالية، فكان المواطنون سواسية، لا غني ولا فقير، الجميع ينتمي للطبقة المتوسطة”.

وأضاف: “البلاد لم يكن فيها طبقة البروليتاريا (الطبقة العمالية) إلا القليل، بفضل نظام شركاء لا أجراء، كما لم يكن هناك طبقة البرجوازية، وذلك بفضل نظام من أين لك هذا؟ الذي كان مطبقا آنذاك”.

أما اليوم، بحسب السعيطي، فقد أصبحت البلاد “دولة رأسمالية، بمفهومها ومظهرها المخيف جدا”.

كل ذلك “يجعل الليبيين يبحثون عن دول أخرى تشبع جوعهم”، في ظل الصراعات المستمرة على السلطة في البلاد، وفق الباحث الاجتماعي.

ـ الأمن ليس الجوع

في الوقت الذي يرى السعيطي أن سبب هجرة الليبيين الأول هو “البحث عن لقمة العيش”، تعتقد مواطنته نور عبد السلام، أن البحث عن الأمان يأتي أولا.

نور، الناشطة في مجال حقوق الإنسان، قالت في حديثها للأناضول، إن “البحث عن الأمان ما يدفع الليبيين لمغادرة البلاد”.

وتابعت “إذا ما نظرنا لوضع البلاد المزرى، وعدد الشباب الذي قتل جراء الحروب، سواء بالمشاركة مع أحد الأطراف أو بسبب انفجار القذائف وتطاير الرصاص بشكل يومي، سنجد أن الأمن هو المفقود”.

الناشطة الحقوقية، لفتت إلى أنه “ما يزال التعليم مجانيا، والصحة مجانية.. أي أن الوضع المعيشي ليس كالموجود بباقي الدول الإفريقية”.

واعتبرت وفق ذلك أن الجوع ليس سبب الهجرة “بل فقدان الليبيين للأمن والأمان”.

ومضت قائلة: “إذا فرضنا أن الدافع هو الوضع الاقتصادي، فأوروبا وضعها الاقتصادي أيضا متأزم جدا، فكيف يهرب الليبيون من وضع اقتصادي سيء إلى وضع ربما أسوأ”.

نور، لفتت أيضا إلى أن “أوروبا أكثر جدية في عدم استقبال المهاجرين”.

وترى، أن بلادها “تكاد تكون الدولة الوحيدة التي لا تهتم بدراسة أسباب هجرة أبنائها للخارج، رغم خطورة الأمر”.

وقالت نور في هذا الصدد، “الأمر لا يتوقف فقط عند الهجرة الرسمية التي تمر عبر إجراءات مقننة، بل إن الأمر تعدى ذلك”.

وأردفت: “الليبيون أصبحوا يهاجرون بطرق غير نظامية عبر مراكب الهجرة المنطلقة من شواطئ غرب البلاد نحو أوروبا، وهو أمر لم يسجل إلا في السنوات الأخيرة”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى