الرئيسيةالراي

رأي- هل الوقت مناسب لرفع الدعم..؟؟!!

* كتب/ خالد الجربوعي

منذ سنوات وعقود وكل سلطة لا تأتي لحكم البلاد إلا ويكون موضوع رفع الدعم إحدى وسائلها لإذلال الشعب، وإخباره أنه يعيش على ما تقدمه له الحكومة من كرم وفضل، وكأنها تقدم ذلك من جيوب شخوصها الخاصة، وليس من أموال الشعب التي يمكن القول إنه من أصبح يدعم خزينتها، ويرفع من مخزون أموالها وليس العكس.

المهم أن كل سلطة وحكومة لا تنام وتصحو إلا على رفع الدعم، والذي لم يبق منه إلا دعم الطاقة والمحروقات، بعد أن تم رفع كل أنواع الدعم الأخرى طيلة السنوات والعقود الماضية بشكل أو بآخر.. ورغم أنني لست ضد رفع الدعم من حيث المبدأ بل ربما كنت ضد وجوده من الأساس واستمراره حتى هذا الوقت.. لأنه تحول إلى مجرد وسيلة استعملت لإذلال الليبيين طيلة عقود، خاصة في زمن  جعل كل مواطن لا يحصل على حاجته في ظل هذا الدعم إلا بشق الأنفس، والمعاناة حتى حد الإذلال في كثير من الأحيان حتى في أهم وأكثر حاجياته ضرورة، في يوم من الأيام وكل من عاش تلك الأيام يعرف ما أقصد، وما كان يحدث للمواطن من أجل الحصول على أبسط الأشياء أمام الأسواق والمنشآت، وطبعا لا ننسى أهم وسيلة، ألا وهي الجمعيات التي تحولت إلى مكان لمساومة المواطن للحصول عل حاجياته في كثير من الأحيان من قبل من يسيطرون عليها ويتحكمون في حاجيات الشعب.

المهم في الأمر أن موضوع رفع الدعم والحديث عنه من كل سلطة تجلس على الكرسي رغم أنه رفع عن السلع التموينية دون أي بديل في سنوات ماضية، رغم كل ما قيل عن استبداله بدعم مادي، ولكن كل ذلك لم يكون له وجود.

اليوم أصبح الحديث عن رفع دعم المحروقات وغيرها، كما قلت من حيث المبدأ أنا مع مثل هذا القرار.. ولكن يبقى السؤال الأهم.. هل الوقت مناسب فعلا لمثل هذا الرفع في ظل هذه الظروف المعاشة بكل معطياتها ومكوناتها..؟؟!!  بل هل كل السلطات التي جاءت بعد 2011 والتي يفترض أنها سلطات مرحلة انتقالية مهمتها كما يفترض محددة في ملفات وقتية لإخراج البلاد مما فيه لها الحق أصلا في اتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية، في ملفات مهمة تعني كل مواطن ليبي في طول البلاد وعرضها..؟؟!!  إضافة إلى ما تعيشه البلاد من أزمات سياسة وانقسامات مؤسساتية وحكومية تقسمها إلى مناطق جغرافية وسلطات متعددة، كل واحدة منها ترفض ما تقرره الأخرى بغض النظر عن شرعيتها جميعا من عدمه.

إن مثل هكذا قرار مهم لا يجب أن يتم التطرق إليه والحديث عنه وتحويله إلى واقع وحقيقة إلا في ظل ظروف مناسبة وسلطات حقيقية منتخبة، وفق دستور وقوانين عادلة وحكومة واحدة، وسلطة تقود كل البلاد بكل مناطقها ومدنها شرقا وغربا وشمالا وجنوبا دون أي انقسام، وفي إطار وضع اقتصادي مستقر ومنظم ومحدد المعالم والتوجه، لا اقتصاد فوضوي لا يعرف له نوع ولا هدف ولا طريق، ولا لون له ولا طعم.. إضافة إلى كثير من الأمور الأخرى المرتبطة بمثل هكذا قرار.. بداية من ضرورة وضع قانون حقيقي لعملية استبدال الدعم وليس رفعه دون أي بديل مناسب، بحيث يضمن مثل هذا القانون حق المواطن في البديل المناسب، الذي لا يكون بمجرد قرار حكومي يمكن أن يتغير مع تغير أي سلطة تنفيذية لا يعجبها ما اتخذته من كانت قبلها.

ويكون ذلك في ظل وضع مستقر ولو نسبيا، أمنيا واجتماعيا واقتصاديا.. وهو ما ينفي عن كل السلطات التي جاءت في السنوات الأخيرة الحق حتى في الحديث عن مثل هذه الملف، والانشغال بملفات واقعية تعيشها البلاد وتحتاج إلى حلول سريعة، وليس لملفات مستمرة من عقود، ويمكن أن تنتظر سنوات قادمة للحديث عنها واتخاذ القرار بشأنها ومن سلطات لها الحق في ذلك.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى