اخبارالرئيسيةعيون

اتفاق المنفي مع صالح وحفتر: التفاف على باتيلي؟

العربي الجديد-

على نحو مفاجئ، أعلن أول من أمس السبت عن لقاء جمع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وقائد مليشيات شرق ليبيا خليفة حفتر، في مدينة بنغازي، تخلله الاتفاق، بحسب بيان مشترك صادر عقب الاجتماع، على “الملكية الوطنية للعملية السياسية”، وعدم التعاطي من اللجان السياسية غير الوطنية، وتكفُّل مجلس النواب بإصدار القوانين الانتخابية الصادرة عن لجنة 6+6. ويثير هذا الأمر تساؤلات عما إذا كان الهدف الرئيس الالتفاف على جهود المبعوث الأممي عبدالله باتيلي.
وذكر البيان أنّ المنفي وصالح وحفتر اتفقوا على “التأكيد على الملكية الوطنية لأي عمل سياسي وحوار وطني وعدم المشاركة في أي لجان إلا بالإطار الوطني الداخلي دون غيره”.

كما اتفقوا على أن “يتولى مجلس النواب اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة باعتماد القوانين الانتخابية المحالة إليه من لجنة (6+ 6) بعد استكمال أعمالها واجتماعاتها لوضعها موضع التنفيذ”. وفيما نقل بيان المنفي إشادته وصالح وحفتر بـ”دور رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبد الله باتيلي، الداعم للتوافقات المحلية وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية”، أكد دعوتهم له لـ”عدم اتخاذ أي خطوات منفردة في المسار السياسي”. ولفت البيان إلى أن الاجتماع أكد “أهمية دعوة رئيس المجلس الرئاسي لاجتماع رئاسة كل من مجلسي النواب والدولة، للتشاور لاستكمال المسار السياسي الوطني لتحقيق أكبر قدر من التوافقات بهدف إنجاز القوانين الانتخابية”.

وأعقب الاجتماع اتصال المنفي برئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، إثر عودته إلى طرابلس، لاطلاعهما على نتائج اللقاء، وما توصلوا إليه من “ثوابت وطنية تضمن الملكية الوطنية للحوار الوطني وضمان الاستقرار وإنجاز الانتخابات في أقرب الآجال”.

من جهته، قال باتيلي إنه أجرى اتصالاً هاتفياً بالمنفي، وتبلغ منه بنتائج اجتماعه مع صالح وحفتر في بنغازي. وأضاف في تغريدة أنه جدد التزام البعثة الأممية “بدعم الليبيين في مساعيهم للتوصل إلى اتفاق يمهد الطريق لإجراء انتخابات شاملة وسلمية”.

استباق خطوات باتيلي

ورأى الناشط السياسي خميس الرابطي، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن البيان، الذي أعلن عنه من جانب المنفي فقط، “يتناقض أساساً مع شرعية وجود المنفي في السلطة، فقد جاء المنفي بناء على حوار سياسي لم يكن ليبياً خالصاً، بل برعاية أممية ودولية، فكيف يرفض المنفي ما يصفه بالحوارات غير الوطنية وقد وصل بسببها إلى السلطة؟”.

وأضاف الرابطي: “ما علاقة حفتر بالعملية السياسية؟ فالمفترض أن يكون اتفاق المنفي مع صالح وتكالة إذا كان الأمر متعلقاً بالعملية السياسية والانتخابات وقوانينها، فهما كانا طرفي الحوار طيلة الفترة الماضية”. وتابع: “أما غياب تكالة فيبدو لأنه لا يسير في ركاب صفقة التقارب بين صالح و(الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة) خالد المشري في مشروع القوانين الانتخابية، وعليه، فوجود المنفي محاولة من صالح لتعويض غياب المشري، لكن المنفي في الحقيقة لا يملك ثقلاً سياسياً في غرب البلاد”.

ووفقاً لهذه القراءة، رأى الرابطي أن الاتفاق “خطوة لاستباق ماقد يعلن عنه باتيلي في إحاطته اليوم الثلاثاء أمام مجلس النواب حول المسار التفاوضي الجديد وشكل اللجنة السياسية الجديدة، بهدف عرقلته، وهو ما توضحه العبارة التي جاءت في بيان الاتفاق بعدم اتخاذ باتيلي خطوة منفردة”. لكنه اعتبر أن الاتفاق “خطوة منقوصة بسبب غياب مجلس الدولة، الشريك الأساسي لمجلس النواب، وبالتالي، لن تقطع طريق باتيلي، خصوصاً إذا حصل على الدعم دولي الكافي في مجلس الأمن”.

وإثر اعتماد مجلس النواب، نهاية الشهر الماضي، خريطة طريق المسار التنفيذي لقوانين لجنة 6+6 الانتخابية، أبدت البعثة الأممية تحفّظها من إصدار مجلس النواب خريطة الطريق قبل الوصول إلى التعديلات اللازمة على القوانين الانتخابية.

وأكدت البعثة، عقب إعلان مجلس النواب اعتماد خريطة الطريق، أن باتيلي يقود جهوداً للتحضير لإطلاق مسار تفاوضي شامل تشارك فيه أطياف سياسية ومجتمعية من مجلسي النواب والدولة، لإجراء تعديلات على القوانين الانتخابية التي أصدرتها لجنة 6+6 لتصبح قابلة للتنفيذ. وشددت على ضرورة إجراء تلك التعديلات قبل المضي في تشكيل حكومة موحدة في البلاد.

وعقّب عقيلة صالح على بيان البعثة الأممية برفضه إطلاق باتيلي حواراً سياسياً جديداً، مؤكداً أن المبعوث الدولي لا صلاحيات لديه لتشكيل لجان للحوار، وأنّ مهمة البعثة الأممية “هي الدعم فقط”. لكن باتيلي مضى في لقاءاته مع القادة الليبيين، بمن فيهم صالح نفسه، في إطار جهوده للتحضير لمسار تفاوضي شامل يوسع دائرة الحوار حول القوانين الانتخابية.

تخلٍّ عن الدبيبة؟

ويوافق الباحث في الشأن السياسي عيسى همومه على أن هدف الاتفاق الذي أعلن عنه المنفي قطع الطريق أمام خطة باتيلي لتشكيل لجنة سياسية موسعة تضم أطرافاً أخرى غير مجلسي النواب والدولة، إلّا أنّه رأى في حديث لـ”العربي الجديد” أنّ الاتفاق ينطلق من خلفيات تتجه لبناء تحالفات جديدة في المشهد السياسي.

وعلى الرغم من غياب تكالة عن لقاء المنفي مع صالح وحفتر، إلّا أنّ همومه اعتبر أنّ تكالة على وفاق مع المنفي وصالح وحفتر، لافتاً إلى أنّ تكالة لم يُصدر أي بيان يعلن فيه عن رفضه، معتبراً أن ذلك “مؤشر على وجود تنسيق غير معلن بين المنفي وتكالة”.
وذكّر همومه بأن تكالة أبرز ملامح من رؤيته السياسية في خطابه الوحيد إثر توليه رئاسة مجلس الدولة، من بينها ضرورة توحيد مؤسسات الدولة قبل إجراء الانتخابات، معتبراً أن تكالة “يشير إلى مسألة توحيد الحكومة بشكل غير مباشر، وهو الهدف الذي يسعى إليه صالح وحفتر”.

ورأى همومه أنّ الأحداث الدامية التي شهدتها طرابلس أخيراً سرّعت الإعلان عن الاتفاق، موضحاً أن “مواجهات طرابلس الأخيرة تختلف عن سابقاتها من الحروب التي نشبت بين التشكيلات المسلحة، فقوتها ودمويتها وظهور الدبيبة بموقف العاجز عن وقفها، بل ولجوؤه إلى الأعيان والحكماء متوسلاً وقف القتال، كلّ ذلك زعزع وضع الدبيبة بشكل كبير، ومن المؤكد أنه لم يعد بإمكانه إقناع المجتمع الدولي الذي يحتمي باعترافه بأنه لا يزال قادراً على السيطرة على طرابلس”.

وأعرب همومه عن اعتقاده بأن “المنفي قفز من مركب الدبيبة الغارق، وذهب للاتفاق مع صالح وحفتر، وقبلها مع تكالة، للحفاظ على بقائه ووجوده، بعد أن فقد الدبيبة الأدوات السياسية، والاجتماعية أيضاً، وقبل كل شيء ظهيره العسكري الذي استطاع السيطرة به على طرابلس طيلة السنوات الماضية ومنع خصمه فتحي باشاغا من دخول العاصمة عدة مرات”.

وأضاف: “اليوم أصبحت كلمة الكتلة العسكرية في طرابلس مفتتة، وبإمكان أي فصيل قوي أن يمنح ولاءه لخصوم الدبيبة المحدقين به، خصوصاً في مدن ذات ثقل عسكري وسياسي كالزاوية أو الزنتان”. واعتبر أن لجوء الدبيبة إلى أعيان وحكماء طرابلس لوقف الحرب يشير إلى فقدانه الظهير الاجتماعي في قاعدته الأصلية في مصراتة، التي بدأت تتنامى فيها معارضة اجتماعية ليست في صالحه.

وجملة تلك العوامل، وفق همومه، “جعلت التوقيت مناسباً لخصوم الدبيبة للإجهاز عليه، وهو ما دفع المنفي للقفز من مركب الحكومة الغارق للحفاظ على وجوده، والذهاب إلى تأييد تحالف يضغط في اتجاه تشكيل حكومة بديلة”.

وفيما رأى همومه أن إعلان المنفي انبثق من واقع تحالفات جديدة أفرزتها أحداث طرابلس المسلحة أخيراً، أعرب عن مخاوفه من خطورة تزايد قوة هذه التحالفات بانضمام أطراف أخرى إليها. وقال: “يبدو أن الحشد لهذه التحالفات، إن نجح، سيقف عقبة حقيقية أمام خطط باتيلي لإجراء انتخابات، خصوصاً أنّ أحد مساراتها، وهو المسار الأمني، لم يعد مقنعاً بالنسبة للمجتمع الدولي، فأحداث طرابلس الأخيرة أظهرت خطورة انخراط المسلحين وتشكيلاتهم في عملية التحضير للانتخابات أو المشاركة كأطراف في أي عملية حوار سياسي”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى