العربي الجديد-
قال رئيس البعثة الأممية في ليبيا المنتهية ولايته عبد الله باتيلي إنه لا يمكن التوصل إلى حل في ليبيا “طالما استمر اللاعبون الرئيسيون في البلاد في التحرك لاحتكار العملية السياسية” وحذر مما وصفه بالاهتمام الدولي والإقليمي الجديد بالموقع الجيوسياسي لليبيا.
كلام باثيلي جاء في حوار أجراه الموقع الرسمي للأمم المتحدة معه، الثلاثاء (14 مايو 2024م) واعتبر فيه أن الاهتمام الدولي والإقليمي الجديد في ليبيا جاء نتيجة مستجدات الأزمات الدولية والإقليمية بما فيها الحرب في أوكرانيا، مشيراً إلى أهمية موقع ليبيا من الناحية الجيوسياسية. وأشار باتيلي إلى تأثير الأوضاع الإقليمية الأخرى على الوضع في ليبيا “هناك الأزمة في منطقة الساحل التي تفاقمت خلال الأشهر الماضية، بما في ذلك في مالي وبوركينا فاسو، وبالطبع وضع اللاجئين في تشاد، وأثر كل هذا كثيراً على الوضع الداخلي في ليبيا”.
ومن بين القضايا المؤثرة على الوضع الأمني في ليبيا ولها سياقات إقليمية ودولية أشار باثيلي إلى ملف الهجرة غير الشرعية، التي رأى أنها أحد عوامل أنشطة التهريب التي ازدهرت على يد المجموعات المسلحة. ووصف باتيلي الأوضاع في ليبيا بلهجة متشائمة ورأى أن البلاد تكاد تكون “متجراً” مفتوحاً للأسلحة التي تستخدم في التنافس السياسي الداخلي بين مختلف الأطراف، مشيراً إلى وجود صفقات وسباق للتسلح بين الأطراف الداخلية الليبية معتبراً أن ليبيا تكاد تكون “دولة مافيا” تهيمن عليها أعداد من المجموعات المسلحة “المتورطة في الكثير من عمليات التهريب بما فيها الاتجار بالبشر والمعادن مثل الذهب وتهريب المخدرات”.
واتهم باثيلي القادة السياسيين في ليبيا بأنهم “استمروا في التنافس ولم يكونوا مهتمين فعلياً باستقرار ليبيا” ورأى أنه لا يمكن التوصل إلى حل “طالما استمر اللاعبون الرئيسيون في البلاد في التحرك لاحتكار العملية السياسية”. وفي سياق انتقاده للطبقة السياسية الحاكمة أضاف باتيلي متحدثاً عن القادة الليبيين “رأينا كم هم سعداء بالوضع الذي يمكن من خلاله أن يتقاسموا ثمار الحكم فيما بينهم، ليبيا ليست دولة فقيرة، بل في الواقع هي بلد غني جداً، وعلى الرغم من هذه الأزمة لا تزال تنتج 1.3 مليون برميل نفط يومياً، وهناك ما يكفي من الموارد ليعيش كل ليبي في رخاء، لكن ما رأيناه هو أن الليبي العادي جرى إفقاره في العشر سنوات الماضية”، مشيراً إلى تعرض قطاعات خدمية كالتعليم والصحة إلى “الدمار الذي خلفته الحروب”.
وأضاف باتيلي أن “الوضع الأمني أصبح مثيراً للقلق أكثر للمواطنين لأن كل هذه المجموعات تتنافس على المزيد من السلطة، والمزيد من السيطرة على ثروة البلاد، ومن ثم زادت الخصومات التوترات في جميع أنحاء ليبيا خاصة في غرب البلاد”، مشيراً إلى أنه لا يوجد أمل “على المدى المتوسط أو حتى على المدى الطويل، لنفكر في أن هذا الوضع سيتحسن”. ورغم تمنياته لليبيا بـ”السلام والازدهار” ختم تصريحاته بلغة متشائمة حول المستقبل “مساحة الديمقراطية تتقلص أكثر فأكثر مع الخصومات بين القادة، والتوترات المتزايدة، والمنافسة بين الجماعات والعناصر المسلحة المستعدة لقمع أي أصوات معارضة في البلاد”.
وعاد باتيلي إلى ليبيا مطلع الأسبوع الماضي وعقد لقاءات القادة السياسيين الليبيين، ضمن لقاءات “التوديع” بحسب وصف البعثة الأممية، إذ يستعد لمغادرة منصبه وتسليم مهامه بعد أن قدم استقالته منتصف إبريل الماضي، ولم يسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، خلفاً لباتيلي حتى الآن، فيما يرجح أن تتولى نائبته ستيفاني خوري مهامه قريباً.
وفشل باتيلي على مدى عامين في تنفيذ عدد من مبادراته السياسية وآخرها طاولة حوار خماسية أعلنها في نوفمبر الماضي ودعا إليها رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، إلا أن اختلاف شروط موافقة القادة على القبول بالجلوس حول الطاولة أفشلها.