اخبارالرئيسيةعربي ودولي

أزمة المياه… دول عربية في مرحلة اللاعودة

العربي الجديد-

حكَت الأساطير عن نيلٍ ورافدين ومياه وفيرة. ونُظّمت أشعار عن هذه الأنهر. فكان جمال المرأة جارفاً مثل النيل، أو كانت تحمل في عينيها دجلة والفرات فتُغرق عشّاقها، حتّى آمنت الشعوب العربية أنها في بلادٍ محاطة بالمياه، على الرغم من أن التاريخ مليء بحقبات جفاف عاشتها بعض الدول منذ القدم.
يذكر أستاذ التاريخ الإسلامي عمرو منير عبد العزيز أن المصريين الذين جعلوا من النيل إلهاً قبل اعتناقهم المسيحية والإسلام، ظلّوا يحتفظون له بعد ذلك بمكانة رفيعة في وجدانهم، وحاولت أساطيرهم أن تكسبه طابع القداسة وتجعله من أنهار الجنة.
وفي إِشارة إلى نهري دجلة والفرات، جاء في نص بابلي منقوش على لوح طيني: “كان النهر العظيم دافقاً وعرضه بعرض البحر على ضفافه بنيت مدينة أريدو وأساكيل في وسط الماء العذب العميق حيث يقيم الإله العظيم الممجد. خلق الإله مردوخ نبات القصب ليكون سداً لدرء الفيضان. وأنشأ سدوداً بمساند قضبان القصب والتراب. وبنى للآلهة مساكن تليق بمكانتها”.
ما حكته الأساطير وما قيل من أشعار لم يعد واقعاً. واليوم، تعدّ منطقة الشرق الأوسط من أكثر مناطق العالم افتقاراً للمياه. وعلى الرغم من أنّها تضم 6 في المائة من سكان العالم، لا يتوافر فيها سوى 1 في المائة من مخزون العالم من المياه. ومعظم مصادر هذه المياه (حوالي 60 في المائة) تقع خارج الحدود القطرية لمعظم دوله (مصر، سورية، العراق، فلسطين).
وكانت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم والمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة، قد توقعا ظهور عجز مائي في المنطقة العربية يقدر بحوالي 261 مليار م3 عام 2030.
وفي أغسطس 2021، أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” تقريراً بعنوان “على وشك الجفاف: تأثير شحّ المياه على الأطفال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، جاء فيه: “يعيش حوالي 9 من كل 10 أطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مناطق تعاني من إجهاد مائي مرتفع أو مرتفع للغاية مع عواقب وخيمة على صحتهم وتغذيتهم وتطورهم المعرفي وسبل عيشهم في المستقبل”.

ويشير التقرير إلى أن “منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي المنطقة الأكثر شحّاً في المياه عالمياً. فمن أصل 17 دولة تعاني من الإجهاد المائي في العالم، تقع 11 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويفتقر حوالي 66 مليون شخص في المنطقة إلى خدمات الصرف الصحي الأساسي. كما ويتم معالجة نسب منخفضة جداً من مياه الصرف الصحي بالشكل المناسب”.
وقبل ذلك، يظهر تقرير صادر عن البنك الدولي عام 2017 أن أكثر من 60 في المائة من سكان المنطقة يتركزون في الأماكن المتضررة من الإجهاد المائي الشديد أو الشديد جداً، مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ حوالي 35 في المائة. ويحذر التقرير من أن ندرة المياه المرتبطة بالمناخ قد تسبب خسائر اقتصادية تقدر بنحو 6-14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050، وهي أعلى نسبة في العالم. ويؤكد أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعتبر من أكثر المناطق في العالم توتراً في ما يخص الاستخدام غير المستدام للمياه؛ فحوالي 82 في المائة من المياه بتلك المنطقة لا يُستفاد منها بالشكل الفعال المؤثر.

وفي العام كما في الخاص، لا مؤشرات تدعو إلى التفاؤل. على سبيل المثال لا الحصر، فإنه وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة في اليمن، كان يبلغ متوسط نصيب الفرد من المياه النقية 198 متراً مكعباً. وتفاقمت أزمة المياه في المنطقة خلال السنوات الأخيرة حتى شهدت هبوطاً متوسطاً في نسبة توفير المياه بمقدار 25 في المائة، ومن المحتمل أن يبلغ متوسط نصيب الفرد في المياه بالكاد 500 متر مكعب بحلول عام 2025.
وفي لبنان، انخفضت الموارد المائية المتجددة المتاحة إلى ما دون عتبة الإجهاد المائي البالغة 1000 متر مكعب للفرد في السنة. وقدرت الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه لعام 2010 إجمالي الموارد المتجددة للفرد سنوياً بـ 926 مترا مكعبا/ للفرد في السنة ومن المتوقع استمرار هذا الانخفاض لتصل إلى حوالي 839 مترا مكعبا/ للفرد في السنة بحلول عام 2015. ومنذ ذلك الحين، أدت عوامل عدة مثل النمو السكاني وتقلب المناخ وتدفق اللاجئين إلى زيادة الضغط على الموارد المتاحة. تشير أحدث البيانات الصادرة عام 2017 إلى توافر المياه بحوالي 704 أمتار مكعبة للفرد سنوياً.

أما في ليبيا، فقد انخفض مخزون المياه الصالحة للشرب من حوالي 149 إلى 101 قناة توزيع مياه نتيجة تعرضها للتدمير بفعل التوترات الأمنية، ما جعل الأمم المتحدة تحذر من استخدام المياه كسلاح للصراع بين الأطراف المتقاتلة هناك.
إلى ذلك، حذر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من أن حالة ندرة المياه في المغرب مقلقة، لأن مواردها المائية تقدر حاليا بأقل من 650 متراً مكعباً للفرد سنوياً، في مقابل 2500 متر مكعب في 1960، وستنخفض عن 500 متر مكعب بحلول سنة 2030. أضاف أن الدراسات الدولية تشير إلى أن التغيرات المناخية يمكن أن تتسبب في اختفاء 80 في المائة من موارد المياه المتاحة في المملكة خلال الـ 25 سنة المقبلة.
كذلك، يؤدي تغير المناخ إلى فقدان ما بين 700 إلى 900 مليون متر مكعب من مياه البحر الميت سنوياً، وخصوصاً أن منطقة البحر الميت تشهد درجات حرارة مرتفعة تصل إلى أكثر من 40 درجة مئوية في الصيف.

بدورها، تشهد دول الخليج ظاهرة المد الأحمر التي، تحدث في المياه البحرية والمياه العذبة، عند ازدهار أنواع من الهائمات النباتية (العوالق)، مسببة الكثير من المشاكل والخسائر الاقتصادية للإنسان، مثل نفوق الأسماك والطيور والثدييات البحرية، مهددة بذلك الثروة السمكية التي تساهم بشكل حاسم في تحقيق الأمن الغذائي للمجتمع، وتتسبب في تعطيل محطات تحليه مياه البحر. وأظهرت الدراسات أن ارتفاع درجة حرارة المياه وزيادة التلوث وانخفاض مستوى الأكسجين وتغير نسبة الملوحة والتيارات البحرية تسهم في زيادة حدوث وانتشار المد الأحمر.
من جهة أخرى، تعتمد المنطقة العربية اعتماداً كبيراً على الموارد المائية المشتركة، فمعظم الدول المتجاورة فيها تتقاسم إمدادات المياه في ما بينها، أو مع بلدان من خارج حدودها حيث مصدر ما يفوق ثلث موارد المياه العذبة. وتتشارك 14 دولة عربية من أصل 22 موارد مائية سطحية، وتعتبر هذه المنطقة من أكثر مناطق العالم ندرة في المياه.
هذا الواقع المخيف الذي تعيشه الدول العربية ليس نتيجة لتغير المناخ وحده، بل نتيجة سنوات طويلة من سوء إدارة الحكومات للمياه والتلوث وغير ذلك.

نقطة ساخنة

في هذا السياق، يقول الصحافي والكاتب المتخصص بشؤون البيئة والمناخ خالد سليمان لـ “العربي الجديد”، إنه بحسب علوم المناخ، تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نقطة ساخنة مناخياً لأسباب عدة، منها أن غالبية مناطقها قاحلة أو شبه قاحلة، وفقدان الغطاء النباتي فيها بدرجة كبيرة نتيجة الجفاف المتواصل، بالإضافة إلى النسبة السكانية في مقابل كمية المياه المتوفرة (6 في المائة في مقابل 1 في المائة)، ما يعكس مدى التفاوت بين السكان والموارد المائية المتجددة. يضاف إلى ما سبق مسألة النمو السكاني السريع، إذ يوضح أن الاختلال بين الموارد الطبيعية المتوفرة والتكاثر السكاني يعود إلى ما قبل تأثيرات تغير المناخ. وهنا، يؤكد أنه بعيداً عن الرقابة اللغوية والدينية والسياسية، فإن تغير المناخ مرتبط بالتكاثر السكاني على الأرض. ويرى أنه لا يمكن فصل ما يحدث مناخياً وبيئياً عمّا يحدث بشرياً واقتصادياً وزراعياً، فالكميات الهائلة من الغازات الدفيئة هي نتيجة للنشاط البشري والاقتصادي والزراعي. يتابع أن فقدان الغطاء النباتي في المنطقة أدى إلى تناقص هطول الأمطار الموسمية، الأمر الذي أثّر على الزراعة والغذاء والمياه الجوفية.

ويؤكد سليمان أننا “نعاني من شح مائي كبير في المنطقة العربية. وخلال السنوات الأخيرة، شهدنا مواسم جفاف متواصلة عدة، ويظهر الجفاف في منطقة دون أخرى كل عام. مؤخراً، كان التأثير كبيراً على تونس والمغرب والجزائر. وقبل ذلك، كان الجفاف أكبر في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصاً سورية والعراق والأردن. وعلى الرغم من اختلاف المواسم المطرية، فالنتيجة واحدة: تعاني المنطقة برمتها من تناقص الأمطار الموسمية”.
وعن الأسباب التي تجعل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر تأثراً من غيرها، يقول سليمان إن كل منطقة تتأثر بتغير المناخ وفق معطياتها الطبيعية والجغرافية. على سبيل المثال، عندما تشهد منطقة معينة تدهوراً في الغطاء النباتي، وهي تعاني أساساً من التصحر، فستكون بطبيعة الحال أكثر تأثراً من غيرها في ما يتعلق بالأمطار الموسمية. ولا ننسى أن مناطق العالم كلها تأثرت بظاهرة النينيا لثلاثة مواسم متتالية، ما أدى إلى تناقص الأمطار.
ويعنى بظاهرة النينيا التبريد واسع النطاق لدرجات حرارة سطح المحيط في وسط وشرق المحيط الهادئ الاستوائي، إلى جانب التغيرات في دوران الغلاف الجوي المداري، مثل الرياح والضغط وهطول الأمطار. وعادة ما يكون لها تأثيرات عكسية على الطقس والمناخ مثل ظاهرة النينيو، وهي المرحلة الدافئة لما يسمى بظاهرة التذبذب الجنوبي (ENSO).

من جهة أخرى، يشدد سليمان على ضرورة الفصل بين التدهور البيئي وتغير المناخ. فآثار الأخير هي تناقص في كميات هطول الأمطار وارتفاع في درجات الحرارة وأحياناً فيضانات. في المقابل، فإن الأولى تعني تلوث الأنهار والتربة والمدن وعدم معالجة النفايات وغير ذلك. يضيف أن الصيد الجائر على سبيل المثال يؤدي إلى تدهور الموائل الطبيعية للحيوانات، كما أن التوسع العمراني الكبير في غالبية المدن العربية يتم على حساب الأنظمة الطبيعية والبيئية.
يتابع أن العراق كان يحتوي سابقاً على 50 مليون نخلة في ما مضى. أما اليوم، فبالكاد نتحدث عن عدة ملايين من أشجار النخيل، علماً أن بساتين النخيل كانت توفر الغذاء للناس وتساهم في امتصاص ثاني أوكسيد الكربون وتبريد الجو. وبالتالي، لا يمكن إلقاء اللوم على تغير المناخ في كل ما يجري.
بدوره، يقول المدير التنفيذي للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة جواد الخراز، لـ “العربي الجديد”، إن “منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أكثر المناطق في العالم تضرراً بآثار تغير المناخ. كما أن أكثر الموارد تأثراً هي الموارد المائية. بالتالي، يواجه الواقع المائي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديات كبيرة، وتعاني المنطقة برمتها من ندره المياه. يتابع أنّ تغير المناخ أدى إلى توالي سنوات الجفاف ونضوب الفرشة المائية (موارد مائية باطنية ناتجة من تسرب مياه التساقطات الى طبقات القشرة الأرضية أو تلك الموروثة عن أزمنة غابرة)، فضلاً عن الأنشطة الاقتصادية والسكانية التي أدت إلى استنزاف الثروات المائية، لنصل إلى معدل استهلاك منخفض جداً للفرد.

وهنا يتطرق إلى دور الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها العديد من البلاد العربية خلال العقد الأخير في شح المياه، وذلك استناداً إلى تقارير عدة. ويشدد على ضرورة القيام بالمزيد من التدابير لإدارة أكثر رصانة للموارد المائية لتوفير مياه بديلة، والتحكم بنجاعة أكبر في الطلب على المياه.
وعن الأنهر التي تعاني من جرّاء الجفاف، يشير إلى أن غالبية الأنهر في المنطقة العربية تُعاني من الجفاف، من بينها نهرا دجلة (ينبع من مرتفعات جنوب شرق هضبة الأناضول في تركيا ليدخل بعد ذلك أراضي العراق عند بلدة فيش خابو) والفرات (أحد الأنهار الكبيرة في جنوب غرب آسيا)، وأنهر وادي درعة وأم الربيع وأبي رقراق وملوية في المغرب وغيرها. في الوقت نفسه، يشير إلى أن غالبية الدول تعتمد على المياه الجوفية، منها دول الخليج.
إلا أن فترات الجفاف ليست جديدة على المنطقة، بحسب الخراز. فقد شهدت العديد من البلدان على مرّ التاريخ سنوات جفاف من بينها مصر على سبيل المثال. لكن الجفاف الكبير الذي نشهده في الوقت الحالي هو أحد تأثيرات تغير المناخ، والتي لم نكن نشهدها قبل الثورة الصناعية.
ويوضح الخراز أن هناك اختلافاً في تأثر الدول العربية بتغير المناخ. فبعضها مثل لبنان يتمتع بموارد مائية إلا أنها انخفضت بشكل كبير في العقد الأخير. في المقابل، فإن معاناة الأردن وفلسطين كبيرة. كما أن سورية والعراق يعانيان بدورهما على اعتبار أن المياه تأتي من خارج حدودهما أو ما يسمى بالمياه العابرة للحدود، وبالتالي هما عرضة لتأثير تدابير دول المنبع وتغير المناخ. الأمر ينسحب على مصر التي تعتمد على مياه النيل التي تنبع من جنوب السودان، ويؤثر توالي بناء السدود على كمية المياه التي تصل إلى المصب. دول الخليج تعاني مائياً بدورها، وقد انخفضت حصة الفرد من المياه بشكل كبير، إلا أنها تعتمد على تحلية المياه كأحد الحلول الناجعة.

حلول

يقول سليمان إنه “يجب على المنطقة نسيان الماضي، واعتبار الموارد المائية موارد لا متناهية ومتوافرة إلى الأبد. بدلاً من ذلك، يجب التأقلم مع ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه، وإعادة التفكير بسبل وأنماض العيش والاستهلاك”. ويوضح أن مجتمعاتنا اعتادت على استهلاك كميات كبيرة من اللحوم والغذاء علماً أن كيلوغرام اللحم يحتاج إلى 15 ألف لتر من المياه. من هنا، من الضروري إعادة التفكير في نظم الغذاء والطاقة والبناء والمياه الثقيلة وغير ذلك”. يتابع أن الدول مطالبة بحوكمة المياه. فبعد سنوات، سيكون سعر المياه أعلى بكثير من سعر البترول. يجب الاستثمار في المياه والتفكير بتخزينها والبحث عن وسائل جديدة. في السابق، كانت إقامة السدود مفيدة لإدارة مياه الفيضانات. إلا أنها لا تفيد اليوم لأن ما بين 20 إلى 30 في المائة من مياهها تتبخر في الصيف في ظل درجات الحرارة المرتفعة. لذلك، يجب إعادة التفكير في كيفية جمع المياه، وقد تكون السدود أو الخزانات الصغيرة شبه المغطاة إيجابية  لتجنب العطش.

ويرى أن “محاولات البلدان المتضررة في هذا الخصوص شبه منعدمة، باستثناء الأردن الذي لديه تجربة ناجحة في إعادة استخدام المياه الثقيلة. في المقابل، وبدلاً من التفكير في إدارة المياه في لبنان، علينا النظر في تلوث تلك الموجودة على غرار ما حدث لنهر الليطاني، والحال نفسه ينسحب على كل من العراق وسورية وتونس والمغرب. مشكلة المياه الملوثة كبيرة”.
يتابع: “في ظل غياب أي برنامج مستدام لمواجهة آثار تغير المناخ، سترتفع نسبة الهجرة إذ إن الناس يذهبون إلى مصادر المياه، الأمر الذي سيؤدي إلى حدوث المزيد من الصراعات، وقد أصبحنا في قلبها.  يضيف: “إذا لم نبدأ العمل اليوم فالوقت متأخر جداً. كنا نتحدث عن أمور ستحصل بعد 40 سنة، لكنها حصلت بعد عشر سنوات من جراء تسارع الأحداث المناخية. لذلك، الوقت متأخر جداً. ولا يمكن فصل ذلك عن الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة”.
ويشدّد الخراز على أن إنقاذ الوضع يجب أن يبدأ أمس وليس اليوم، وخصوصاً أن مرحلة اللاعودة بدأت في بعض الدول مثل الأردن وهي أفقر دولة مائياً، وفلسطين التي لا تتحكم بمواردها المائية في ظل الاحتلال الإسرائيلي. وفي حال لم تتخذ دول شمال أفريقيا وسورية والعراق التدابير اللازمة وبدء إدارة أكثر صرامة للموارد المائية، وخلق بدائل لتخفيف الضغط على مياه الأنهار، واعتماد دبلوماسية المياه (التفاوض والتعاون بشأن تقاسم وإدارة وحماية الموارد المائية العابرة للحدود بين الدول أو الجهات المختلفة)، وتقنين مياه الأمطار والأنشطة الزراعية، وتخفيف الضغط على الموارد غير المتجددة، وخلق بدائل مثل تحلية المياه واستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، فإنها ستحذو حذو الأردن وفلسطين.

وفي ما يتعلق بالخطط الوطنية، يقول إن هناك مشاريع جيدة في معظم الدول لكنها لا تنفذ. وفي هذا الإطار، يشدد على أهمية مراجعة السياسات الاقتصادية.
بحسب دافيد فو الذي أعد رسالة ماجستير في إدارة الكوارث والمخاطر الطبيعية في جامعة “بول فاليري مونبلييه”، بعنوان “الضعف الهيكلي لمدينة جنوبية تواجه الفيضانات: الإسكندرية نموذجاً (مصر)”، انبعث من كوكب الأرض 34 مليون كيلو طن من ثنائي أكسيد الكربون في عام 2019، وتعود 7 في المائة فقط من هذه الانبعاثات، أي 2.5 مليون كيلو طن، إلى دول منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط. يتابع أنه بالنسبة إلى منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، بدأ تغيّر المناخ يُظهِر بالفعل تأثيراته. فبين عامي 1960 و1990، ارتفعت درجة الحرارة بمقدار 0.2 درجة مائوية في العشرية، ثمّ تسارع النسق منذ ذلك الحين. تميل العواقب على المنطقة، التي تعرف مناخات وطبيعة متنوعة على النطاق المحلي رغم أنّ الجفاف هو سمتها الأساسية، نحو: ارتفاع عالمي في درجات الحرارة، ضغط متزايد على الموارد المائية، وزيادة، إن لم يكن في العدد، فعلى الأقل في شدة الأحداث المناخية القصوى (جفاف، موجة حر، فيضانات)، وارتفاع متوسط مستوى سطح البحر.
لا تحمي نسبة المشاركة الضئيلة في الانبعاثات المنطقة من آثار كارثية. كما لا تحمي الحكومات شعوبها على الرغم من إدراكها للسيناريوهات الكارثية المنتظرة من عطش وفقر وهجرة. والآتي أعظم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى