اخبارالرئيسيةعيون

هل تعرقل تحركات حلفاء القائمة الخاسرة عمل السلطة الجديدة في ليبيا؟

العربي الجديد-

في الوقت الذي يتزايد فيه الدعم الدولي للسلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا، تتواصل المواقف والتصريحات الغامضة لقادة البلاد الحاليين تجاهها، ما قد يخلق عراقيل أمام مضي البلاد إلى فترة سياسية جديدة.

وفي الوقت الذي لم يصدر فيه عن قادة السلطة الجديدة المنتخبة أي تصريحات أو ظهور إعلامي حتى الآن، ذكرت بيانات وزارات خارجية العديد من الدول أنها وجهت الدعوة إلى قادة السلطة الجديدة لزيارة عواصمها، من بينها موسكو وروما وباريس وأنقرة، وسط وعود بدعمها وتقديم التسهيلات لها في مهمتها الجديدة.

وبعد حشد من المواقف الدولية المرحبة والداعمة للسلطة الجديدة المنتخبة، أبدى مجلس الأمن الدولي، في إعلان تبناه بالإجماع، أمس الثلاثاء، دعمه للسلطة الجديدة المنتخبة في ليبيا، مرحّباً بـ”الانجاز” الذي تحقق على صعيد المسار السياسي.

وجاء في الإعلان الذي صاغته بريطانيا: “يدعو مجلس الأمن السلطة التنفيذية الانتقالية إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة وجامعة”، مشدداً على ضرورة التزام وقف إطلاق النار، و”انسحاب كلّ القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا من دون مزيد من التأخير”.

ولا تزال الأمم المتحدة مهتمة بتقديم المزيد من الدعم للمسار السياسي. ففي أول يوم لتوليه مهامه الأممية الجديدة، ناقش المبعوث الأممي، يان كوبيتش، خلال اجتماع بواسطة تقنية الفيديو، مع رئيس المجلس الرئاسي الجديد، محمد المنفي، آلية عمل المجلس الرئاسي الجديد وسبل إيجاد توافق بين كل الأطراف الليبية، في الوقت الذي يشرف فيه موظفو بعثته على اجتماع جديد لأعضاء اللجنة الدستورية في الغردقة المصرية، لإيجاد قاعدة دستورية وقانونية لإجراء الانتخابات الوطنية نهاية العام الجاري

 

وفي الأثناء، برز عديد المواقف التي يبدو أنها تتقاطع مع مساعٍ لخلق عراقيل أمام المرحلة السياسية الجديدة؛ فقد هدد عضو مجلس النواب المشارك في اجتماع الغردقة، زياد دغيم، بالانسحاب من المسار الدستوري، بل ومعارضة الاستفتاء على الدستور في برقة، شرقيّ البلاد، حال إقراره.

وتزامن تهديد دغيم مع تصريحات صحافية للمتحدث باسم مجلس النواب المجتمع في طبرق، عبد الله بليحق، اعتبر فيها أن عملية الاستفتاء على الدستور “خلال المدة الباقية قبل موعد إجراء الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر المقبل”، غير ممكنة، زاعماً أن الإمكانات المادية والفنية غير متوافرة، بالإضافة إلى أن الاستعداد للاستفتاء “يحتاج إلى مدة تبلغ 7 أشهر”.

 

في الأثناء، قال وزير الداخلية بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا، في كلمة خلال اجتماع عقده مع مسؤولي وزارة الداخلية بطرابلس مساء أمس، إنه ينوي زيارة المنطقة الشرقية “في إطار المصالحة الوطنية”.

وأكد باشاغا أنه مستمر في عمله إلى حين تسليمه للسلطة الجديدة التي اشترط نيلها ثقة مجلس النواب، وأشار إلى أنه ليس حريصاً على منصبه، فــ”رجل الأمن رجل دولة وليس رجل حكومة”.

واستُقبلت كلمة باشاغا في الأوساط الليبية بالكثير من الريبة، واعتبرت تقارير إعلامية ليبية أنها كلمة حملت الكثير من الرسائل التي تعكس عدم رضاه عن إزاحته من منصبه، وهو ما يوافق عليه المحلل السياسي الليبي مروان ذويب، ويقول إن “تأكيد الوزير استمراره في منصبه إلى أن تنال الحكومة الثقة، وأنه رجل دولة وليس رجل حكومة، كلها رسائل تدل على عدم رغبته في مغادرة للمشهد”.

ويلفت ذويب، خلال حديثه لــ”العربي الجديد”، إلى أن توقيت الزيارة التي قال باشاغا إنها ينوي إجراءها للمنطقة الشرقية، ومكانها، “مريبان ولا يعكسان شيئاً سوى فرضية التحالف التي ربطت باشاغا بعقيلة صالح، وانخراطهما في قائمة واحدة تترشح للانتخابات”.

وأوضح ذويب أن “غياب الرادع الدولي أتاح هامشاً للشخصيات المتشبثة بمناصبها، والبدء ببناء تحالفات من أجل ذلك”، لافتاً إلى أن ظهور شخصيات من مثل دغيم يشير إلى أن هذه التحالفات بدأت في التوسع حول باشاغا وصالح.

أما شرط نيل الحكومة الجديدة ثقة مجلس النواب قبل تسليم السلطة لها، فقد سبق واشترطه رئيس الحكومة الموازية شرقيّ البلاد، عبد الله الثني، لأنه، بحسب ذويب، “شرط صعب المنال وسط استمرار تشظي مجلس النواب وفشله في توحيد شقيه، في طرابلس وطبرق، من جانب، ومن جانب آخر فإن هذا الشرط قد يخلق انقسامات جديدة في مجلس النواب، إذ قد ينضمّ إلى من طرحوا الشرط، مثل الثني وباشاغا، طيف نيابي واسع”.

لكنها مواقف لن تزيد عن حد المناورة بهدف الحصول على مراكز في السلطة الجديدة تقف وراءها أطراف إقليمية ضالعة في الفوضى الليبية، وفق رأي الأكاديمي الليبي ياسين العريبي، موضحاً أن “حلفاء القائمة الخاسرة، وتحديداً باشاغا وعقيلة صالح، يحاولون استخدام ما بقي لديهم من أوراق قوة لعرقلة السلطة الجديدة”، ويتابع العريبي: “أعتقد أن صفقات حدثت ما قبل الجولة الأخيرة للانتخابات، ولذا انسحبت شخصيات بارزة مثل خالد المشري ضمن تلك الصفقات. أما باشاغا وعقيلة، فكانا مضطرين إلى المواجهة، لأن قائمتهم صاحبة الحظ الأوفر وقتها”.

ويرى العريبي، في حديثه لــ”العربي الجديد”، أن “البعثة، ومِن ورائها عواصم كبرى، دفعت باتجاه إفراغ المشهد من جميع الوجوه القديمة التي كانت أقطاباً في الصراع السابق قبل تشكل قائمة موحدة للبقاء في مشهد الحكم الجديد”، مشيراً إلى أن “استمرار تحرك المعرقلين يظهر شواهد على أن الحكومة المقبلة لن تخرج إلا بعد مخاض عسير يتطلب ترتيبات واسعة بين دوائر الصراع، من قبيل إرسال طمأنات للطرف الخاسر ومنحه مراكز في الصف الثاني من السلطة”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى