(الناس)- قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن المرتزقة الأجانب يشكلون خطرا استراتجيا على جنوب ليبيا.
وذكرت الصحيفة حركات التمرد السودانية والتشادية كمحور لقضية الجنوب الليبي، مشيرة إلى أن وجودها يغذي التوترات الإقليمية في المنطقة، واصفة تمركزهم في مناطق جنوب ليبيا بـ “الاحتلال”.
ونقلت الصحيفة عن عميد بلدية سبها (1000 كم جنوب العاصمة طرابلس، تأكيده لوجود هذه الجماعات المسلحة في المنطقة.
وقالت إن من وصفته بالرجل القوي في (برقة) خليفة حفتر، يسعى لاستغلال التوترات، ويقوي وجوده ببطء في المنطقة الجنوبية، وبينما يتصاعد المأزق السياسي العسكري بين سلطتي طرابلس والبيضاء يصبح الجنوب مسرحا للنزاع أكثر وأكثر، وما يزيد من أهمية موقعه الاستراتيجي هو وقوعه في المنطقة الحدودية مع النيجر وتشاد والسودان.
في 13 أكتوبر –تقول الصحيفة- قصفت قوات حفتر الجوية بدعم مصري إماراتي فرنسي مواقع للمعارضة التشادية في الجنوب الليبي، وبعدها بثلاثة ايام زار “حفتر” أنجامينا لمقابلة الرئيس التشادي “ادريس ديبي” ليعقدا صفقة مهمة للتعاون بينهما، حيث تتقاطع مصالحهما، حيث يسعى “ديبي” لعزل فصائل المعارضة الذي لجأوا إلى جنوب ليبيا، وأخذوا يشنون الهجمات على شمال تشاد.
وتتابع لوموند: “في 11 أغسطس ادعى مجلس القيادة العسكرية للخلاص، وهو يمثل أحد فصائل المعارضة التشادية، مسؤوليته عن هجوم على بلدة تيبستي في المنطقة الحدودية، ووصف الهجوم بأنه الأكثر من نوعه منذ 2009، وقالت إن الطيران التشادي ضاعف ضرباته منذ ذلك الحين على الحدود.
وأتاح هذا الأمر لحفتر تبرير وجوده في هذه المنطقة، وهدفه البعيد وفق تقرير الصحيفة هو الإسقاط المستقبلي إلى طرابلس.
وقالت الصحيفة إن المارشال حفتر لا يعترف بشرعية حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، ولم يخف نيته السيطرة على العاصمة طرابلس، ولتحقيق هذه الغاية يسعى وفق محللين إلى الانزلاق التدريجي صوب شمال غرب البلاد، وأضافت: “في الأصل إن استهداف حفتر لجماعات المعارضة التشادية في ليبيا لأنهم كانوا متحالفين مع ميليشيات قريبة من مصراتة”.
وحول أعداد هذه القوات ذكرت لوموند أنها تتراوح ما بين (2000- 3300) ألفين إلى ثلاثة آلاف وثلاثمائة فرد، مستندة في ذلك على تقرير صادر عن فريق خبراء الأمم المتحدة بشأن ليبيا نشر في أوائل 2018.
وقالت إن المقاتلين التشاديين شاركوا في عديد العمليات إلى جانب القوة الثالثة وسرايا الدفاع عن بنغازي، التي تدخلت في مارس 2017 في الهلال النفطي وفي هجوم آخر على قاعدة براك الشاطئ في مايو 2017 أدلى إلى (75- 141) قتيل. وأضافت أنه بانسحاب القوة الثالثة من فزان فقدت الجماعات التشادية حام ثمين، ما اضطر الحركات التشادية إلى التعاون مع حفتر في منطقة الجفرة، حيث سمح لها بالبقاء شريطة أن تبقى هادئة حسب تعبير مراقب دولي، غير أن بقاءها يتطلب المشاركة في شبكات التهريب.
يلاحظ صحفي ليبي من مكون التبو يعيش في المنطقة الحدودية بين تشاد وليبيا والنيجر عصابات وإرهابيين ومجرمين، مكن لهم التدهور الأمني الأخير في الجنوب الليبي، ما يفسر تكاثر عمليات الاختطاف للمطالبة بفدية.
وتسعى قوات حفتر للاستفادة من سخط السكان المحليين لتدعيم عملياتها في هذه المرحلة، بحيث يمكنها الاعتماد على القوات المساندة، مثل لواء خالد بن الوليد، التي نشطت في الأسابيع الأخيرة في مناوشات ضد المتمردين التشاديين.
وتم في مايو الماضي توقيع اتفاق للتعاون الأمني بين السودان وتشاد وليبيا والنيجر، يسمح بالمطاردة لتكثيف الضغط على المرتزقة التشاديين، ويعطي الشرعية لغارات محتملة للجيش التشادي على الجنوب الليبي، فيما يواجه المعارضة التشادية وضعا أكثر حساسية حيث أن التبو الليبيين الذين تربطهم بهم روابط عرقية وثيقة، ليسوا راغبين بالضرورة في تبني قضيتهم.
وكتب “جيروم توبيانا وكلاوديو” في تقرير إن حفاظ تبو ليبيا على علاقات جيدة مع الليبيين يضعهم في حالة اضطراب مع تبو تشاد،
كما أن الخطاب الإعلامي الذي يتركز حول الاحتلال الأجنبي الذي يهدد السيادة الوطنية يلقى صدى متناميا في المجتمع الليبي، سواء في سبها أو الكفرة، الذين يسوقون لأن التبو يسعون لإنشاء جمهوريتهم بين ليبيا وتشاد والنيجر على غرار النموذج الكردي، في حين أن التبو أنفسهم لم يعلنوا عن ذلك، ما يبعث على الارتياب لدى البعض حول وجود مثل هذا المشروع الانفصالي.
والمفارقة –تقول الصحيفة- أن حفتر الذي يسعى لرفع هذا الشعار، لايتردد في استخدام المرتزقة الأجانب، بما فيهم متمردون من دارفور الذين يقاتلون ضد النظام الحاكم في السودان، حيث سبق وأن استعان بقوات “ميناي ميناوي” لتحرير السودان، لحراسة المنشآت النفطية بعد أن استولى عليها في خريف 2016.
ودلل تقرير لخبراء الأمم المتحدة نشر في سبتمبر استحداث معسكر تدريب لصالح مجموعة من دارفور وقع عليه من قبل قائد من الجيش الوطني على الطريق الممتدة من الجفرة إلى سبها.
نقل غير حرفي عن صحيفة لوموند (التقرير نشر في 01 نوفمبر 2018)