الراي

رأي- لماذا فازت إعمار؟

* كتب/ عبدالعزيز الغناي،

مبدئيا ضمت انتخابات المجلس البلدي مصراته 15 قائمة للترشح، حُكم على بعضها الخسارة أو عدم المنافسة قبل بداية الانتخابات، وبالمقابل حُكم على البعض الآخر بالدخول في صراع مرير مع قوائم أخرى لأجل الانتصار في هذا السباق الانتخابي.

حسب الاستطلاعات فازت قائمة “إعمار” أمام “الساعة” و “المظلة” و “السفينة” و”المفتاح”، بطبيعة الحال كانت إعمار مرشحة للفوز ولكن ليس بهذه النتيجة التي تعد اكتساحا، فقائمة الساعة التي جاءت في ثاني الترتيب – بحسب الشبكة الوطنية للانتخابات – لن تتفوق على إعمار حتى إذا ضمت أصوات القوائم الفائزة بالتراتيب الثالث والرابع و الخامس، وهي المظلة والشمس والمفتاح على الترتيب.

والآن فمن المفترض أن يسعى رؤساء القوائم التي تلت القائمة الفائزة ومدراء الحملات الإعلامية للحصول على شرح مفصل وأسباب منطقية لما حدث، فحجم الهوة الكبيرة يبين أن القائمة الفائزة مثالية أكثر من القوائم الأخرى وهذا ليس مؤكدا، وإن حدث ففارق الكمال سيكون طفيفا، أو أن القائمة الفائزة احتوت وحدها على أسماء بارزة وهذا موجود لكنها ليست الوحيدة.

 

دون تصنيف أيديولوجي إذا افترضنا أن قائمة إعمار تمثل الشرق و قائمة الساعة تمثل الغرب، فإننا سنجد أن قائمتي المظلة والمفتاح تمثلان الوسط، ومع هذا ففارق كبير رغم أن لكل توجه جمهوره الخاص، ويستطيع أن يجعل قائمته تنافس بقوة، ولكن السؤال مجددا ماذا حدث، بحسب اعتقادي أن العدوان على طرابلس أثّر في النتائج إلى حد ما، فربما ستكون النتائج مغايرة إذا أجريت الانتخابات في موعدها أبريل 201‪9 ، أيضا أثر العزوف عن التصويت بشكل عام ولفئة الشباب بشكل خاص، فنحن نتحدث على نسبة تصويتٍ لن تتجاوز 30 ٪ في أحسن الحالات، فجمهور إعمار كان وفيا لقائمته، بينما سقطت القوائم الأخرى في فخ الوهم والوعود الزائفة.

 أين كتلة باقي القوائم؟

قائمة المفتاح تشكلت برؤية شبابية بعيدة عن التكتلات القبلية والإيديولوجية الفكرية، وهذا ما ينفيه الكل لكنه سيظل موجودا في أغلب القوائم وأقصد البعد القبلي والايديولوجي، وفي اعتقادي أن قائمة المفتاح حققت رقما جيدا منافسا لتيارات قوية في المدينة ولها وزنها، لكن السؤال يتجدد أين مناصري الساعة و المظلة ( أقصى الغرب والوسط)؟، المظلة مثلا امتلكت فريقا إداريا من أمهر الفرق، كما أنها احتوت على شخصيات لها قوتها ومكانتها وحظوتها في التكتلات الشعبية وعنصرا نسائيا، لكن النتيجة لم تكن مرضية أبدا، وفي نظري يرجع السبب لعدم عمل بعض المترشحين في القائمة بشكل فردي، وترك أمر التسويق للقائمة لمسؤولي الحملة الإعلامية الذين يمتلكون إمكانات محدودة في نهاية الأمر، ومن دون مواربة كان تجانس المظلة والمفتاح عالٍ جدا ولكنني شخصيا صدمت بالنتائج التي تحكم بها العزوف بشكل عام.

أيضا الدعاية السلبية لبعض الشخصيات أثرت على بعض القوائم فهناك شخصيات منبوذة أو لها توجهها وتيارها قد أعلنت تأييدا هذه القائمة أو تلك، مما أثر على حظوظ القوائم واتهامها ببعض التهم ونسبها لأطراف معينة.

لماذا فازت إعمار.. ؟

“إعمار” امتلكت قائمة متوازنة الأسماء وهذه ميزة موجودة في نخبة القوائم المشاركة، صحيح أنها امتلكت المهندس إسماعيل الجرو نقيب المهندسين الليبيين والذي كانت له بصمة مميزة في إشهار القائمة وتقويم برنامجها الانتخابي، لكنه ليس بتلك الشعبية الجارفة حتى في أوساط المهندسين وكثير من المهندسين لا يعرفون صفته بالنقابة، لكن الفارق بقي مهولا، أيضا امتلكت القائمة اسم الكاتب علي أبوزيد صاحب الظهور الإعلامي المميز لكنه في الاحتياط، أيضا حظيت القائمة بدعم المستشار خليفة الزواوي رئيس المجلس المحلي الأسبق للمدينة، وصاحب الرمزية فترة الثورة وحرب التحرير، لكن في ذات الوقت كانت دعوة الزواوي عن طريق مواقع التواصل والتي شهدت بدورها معركة حامية الوطيس بين كل القوائم.

بحسب اعتقادي أن قوة إعمار كمنت في وفاء ناخبيها لها، والذين كانوا من كبار السن الذين وفوا بالعهد، على عكس سياسات (الكولسة) وتجمعات القبلية والوفود التي أضناها السفر ذهابا وإيابا للفروع البلدية مترامية الأطراف، والتي استقبل سكانها كل مندوبي هذه القوائم وأعطوهم من طرف اللسان حلاوة، ولكن يوم الاقتراع كانت النتائج غير مرضية لكثير من القوائم.

بالتأكيد أيضا أن إعمار استغلت نسبة المشاركة الضعيفة الاستغلال الأمثل كما أنها عملت بشكل أفقي على تعميم التصويت لها في كل المناطق والفروع البلدية.

الدعاية في التواصل الاجتماعي ليست كل شيء.

بينما تركزت حركة القوائم بين التجمعات والقبائل والتواصل الاجتماعي، كانت كل هذه الكيانات تعطي قياسات مختلفة عن بعضها ومختلفة على أرض الواقع، فكانت أمام مدراء الحملات أمرين أصعب من بعضهما، تمثلا في حشد الأصوات لقوائمهم، والأمر الآخر هو إقناع الناخبين أصلا بالذهاب للتصويت، الأمر الذي سينعكس على عدم قدرة بعض القوائم المرشحة على توفير الحد الأدنى من الأصوات لكل مرشح، وهو نسبيا 400‪  صوت، ليصبح الإجمالي أكثر من 500‪0 صوت انتخابي، بينما توافرت هذه الشروط في التفاعلات بين النشطاء على التواصل الاجتماعي ولكنها لم تطبق على أرض الواقع.

هناك هوة حقيقية بين التواصل الاجتماعي والاقتراع السري والواقعية والاجتهاد هي أكثر العوامل التي تؤدي لتحقيق النتائج المخطط لها، أما الوهم والنرجسية في هكذا أمور فسوف تؤدي لنتائج وخيمة، ولعل هذه النقطة تجلت في نتائج قوائم تكرر ترشح رؤسائها لذات الانتخابات، فكانت النتائج لا تختلف عن تجاربهم الأولى.

نظام القوائم نظام شائك ومعقد ذابت فيه القبيلة وانقسمت فيه الكيانات، وبقدر ما قد يرفع أسهم قائمة ما انضمام ذلك الشخص، بقدر ما قد تهوي أسهمها بواسطة إضافة شخص آخر، أيضا أذابت القائمة فكرة الرجل الواحد، فذلك الرجل الخارق وإن وُجد فإمكاناته ستكون محدودة في انتخابات شهدت عزوفا كبيرا وضمت أكثر من 200‪ شخصية.

لن تكون مهمة إعمار سهلة أبدا، فالفوز بالانتخابات هو بداية الطريق وليس الهدف المنشود في مدينة من أهم مدن ليبيا وأقوى اقتصاديا وعسكريا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى