الراي

رأي- “كف” غريان والأوهام الفرنسية

* كتب/ خليفة البشباش،

 

في بداية الحرب على طرابلس، راهنت فرنسا –مثل كثير من الدول التي تقف وراء العدوان- على أن دخولهم لطرابلس وتنصيب دميتهم حفتر سيكون سهلا ولن يأخذ أياما، في ابريل قاد الدبلوماسيون الفرنسيون حملة في أوساط الاتحاد الأوروبي للتقليل من هجوم حفتر وتبعاته، أحد الصحفيين التقى بمسؤول فرنسي نقل وصفه للهجوم بقوله (إنها ليست حربا حتى!)، بينما لم يتوقف لودريان عن التقليل من شأن قوات الوفاق والتشكيك في تماسكهم ودوافعهم.

 

بعد فترة وجيزة، استفاقت فرنسا –مثل كثيرين أيضا- على صدمة الحسابات الخاطئة، هب مائات الشباب الليبيين ممن لا يرون بديلا لحريتهم سوى الموت، وبدون حتى تنسيق يذكر تمكنوا من تحطيم أوهام المتمردين وإيقاف الموجة الأولى من هجوم حفتر على طرابلس، رغم العدد الهائل من مقاتليه ومرتزقته وطيرانه الإماراتي، هذا الإحباط دفع بالفرنسيين كما يبدو إلى أخذ دور قيادي أكبر فأرسلوا قوات فرنسية خاصة على الأرض في غريان ربما للإشراف على العمليات بشكل مباشر.

وبالرغم من أن أسطول الطيران الإماراتي المسير كان يقصف قوات بركان الغضب على مدار الساعة لأشهر متواصلة ولا يزاحمه في الجو سوى الطيران المصري الحربي الذي يدعمه بين الحين والآخر، وبقوات روسية في محاور طرابلس وضباط وقوات فرنسية في غريان، وشحنات الجنجويد التي لا تتوقف، بالرغم من كل هذا واصلت قوات الوفاق بدون أي دعم ولا غطاء جوي ولا حتى مضادات طيران صمودها وتماسكها، وليس هذا فقط، بل في لحظة إقدام هاجمت غريان مركز عمليات حفتر وسيطرت عليها وغنمت كل ما فيها من عتاد، بما في ذلك صواريخ جافلين المتطورة والتي حيرت المراقبين لبضع ساعات.

بسبب فضيحة “الجافلين” اضطرت الخارجية الفرنسية ووزارة الدفاع الفرنسية إلى الاعتراف بأن هذه الصواريخ الأمريكية المتطورة كانت في يد القوات الخاصة الفرنسية التي كانت متواجدة على الأرض هناك، تشرف على العمليات وتعطي أوامرها لأمثال بن نايل وسحبان وباقي ضباط “الشعب المسلح!” الذين لطالما وصفوا خصومهم بالعمالة، ليكتشف الجميع أنهم كانوا يتلقون أوامرهم من “دومينيك” و “فرانسوا” وينتظرون طيران “الشيخ طحنون” ليفتح لهم طريقا ظلّ مسدودا في وجوههم رغم كل ما تلقوه من دعم.

 

في مثل هذا اليوم، طرد الفرنسيون من غريان تاركين خلفهم كل عتادهم الثقيل والمتطور، وفقد الحاسي وظيفته ومكتبه وحتى وجبة غذائه، ولم يفلح الطيران الإماراتي والمصري في إنقاذ مركز عمليات حفتر من السقوط، وتم تحرير غريان رغم أنها حصينة جغرافيا.. كل هذا حدث بدون أن تملك قوات الوفاق غطاء جويا ولا دفاعات أرضية، وقبل أن يكون هناك أي دعم تركي بأشهر طويلة، لذلك كان من المنطقي أن يطلق عليه الناس اسم “كف غريان”، صفعة لا يزال بإمكانك أن تلاحظ وجعها في وجه المسماري كلما ذكر اسم غريان..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى