الرئيسيةالراي

رأي- دراميات الحوار الليبي

* كتب/ حسين المرابط،

يحتل الشأن الليبي اليوم المركز الأول في الميديا الفرنسية، خصوصا فيما يتعلق بموضوع الحوار، وفي هذا الخصوص استضافني يوم أمس راديو BBC في مقره في باريس، في حوارية/مناظرة في برنامج المناظرة أو الحوارية الكبرى  (GRAND DÉBAT)، كانت بمشاركة السيد إيمانويل دوبوي، رئيس المركز الأوربي للأمن والسلامة، من فرنسا، والسيد عبدالنور التومي، الباحث الأكاديمي في شؤون دول المغرب العربي، من دولة الجزائر الشقيقة.

 

بالمختصر المفيد، كانت الحوارية تتمركز حول إمكانية نجاح أفريقيا، ودول المغرب العربي، في الوصول بليبيا إلى بر الأمان من خلال الحوار الليبي-الليبي، بعد أن فشل المجتمع الدولي (أوروبا) في هذه المهمة.

كانت وجهة نظري المتواضعة، تتمحور حول أن الفشل في الحوار بين الليبيين ليس مرتبطا بالمكان الذي يلتقي فيه الفرقاء ويعقد فيه الحوار؛ فمخرجات الحوار في جنيف وفي بوزنيقة وفي موسكو وفي برلين وغيرها، لن تختلف عن مخرجات الحوار لو أنه عقد في الكليبة أو في تاورغاء أو في وادي الجِيّف، أو في القداحية أو في جخرة أو في تكركيبة أو في أم الأرانب، أو حتى في نيكاراغوا..

الفارق الوحيد، هو أن فاتورة حوار جنيف وبوزنيقة وموسكو وبرلين تكلف ذلك الشعب المسكين رقما كبيرا مما تبقى من رزقه، إضافة إلى إهدار الوقت، بينما توفر الكليبة وتاورغاء ووادي الجِيّف والقداحية وجخرة وتكركيبة وأم الأرانب، على الليبيين الكثير من المال والجهد والوقت، لكن لن تختلف المخرجات عن بعضها في شيء، لأن القضية في المتحاورين وليس في مكان الحوار، خصوصا أن الوجوه المتصدرة للمشهد هي نفسها الوجوه التي تتبادل الأدوار، منذ أن علقت ليبيا في نفق المحاصصة والصراعات الجهوية.

نقطه أخرى كانت ضمن مواضيع الحوار: كيف هي العلاقة ما بين سكان المنطقة الغربية، وما بين سكان المنطقة الشرقية، بعيدا عن التجاذبات السياسية؟ كانت إجابتي؛ لم يكن هناك أي خلافات ما بين أهلنا في المنطقة الشرقية، وما بين أهلنا في المنطقة الغربية، بل على العكس من ذلك تماما؛ يرتبط أهلنا في المنطقة الغربية بأهلنا في المنطقة الشرقية بعلاقة حميمية منذ القدم، ولعل ظاهرة التصاهر ما بين المنطقتين، التي تعتبر من المحبذات عند الطرفين، دليل على ذلك. أما ما نراه اليوم من صراعات جهوية، فأساسها ليس الشعب، بل المتصدرين للمشهد السياسي من كلا المنطقتين؛ يشعلون الحرب عندما يشعرون بخطر فقدان مناصبهم، ويركنون للصلح والحوار عندما يضمنون كراسيهم. القضية أنهم جعلوا من الشعب المسكين وقودا لنار هذه الحرب اللعينة، فقدنا فيها أهلنا وأحبابنا من المنطقتين، وربح فيها هؤلاء الانتهازيين كراسيهم ومستلزماتها؛ من مرتبات وعهد وسفريات وإقامات هم وأسرهم في أكبر عواصم العالم.

لهذا، فالحوار فاشل، مادام يقوده نفس الزمرة التي أوصلت ليبيا إلى هذا المنعرج الخطير، الذي لم نخرج منه منذ أكثر من سبع سنوات…

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى