الراي

رأي- بين ولاية السيف وسيف الجمهورية

* كتب/ هشام الشلوي،

 

لا أعرف نظاما سياسيا عربيا، يسمو على تنظيم القبيلة، فالدولة القطرية التي جاءت بعد الاستعمار الغربي، تعسكرت مبكرا، ومازالت مستمرة في هذا الطريق، بل لا أكون مبالغا إن قلت إن العرب لم يعرفوا تنظيما مدنيا خارج أطر العسكرة أو القبيلة أو ولاية السيف، صحيح أن أهل السنة لم يعرفوا ولاية الفقيه بصورتها الشيعية الفجة، إلا أنهم انغمسوا فيما هو أسوأ وأضل سبيلا، ألا وهي ولاية السيف.

الرافضون للتنظيم القبلي ليس لديهم نموذج واحد لحكم مدني ديمقراطي حقيقي، في عالم العسكرة الذي غاصوا فيه.

لذا أظن أن المقارنة يجب أن تكون بين نظامين سيئين، مع الاعتقاد بأن العسكرة أشد نكاية من نظام القبيلة الحاكم. على الأقل دول الخليج الست التي رزحت تحت حكم شرعية النظام القبلي والعائلي شهدت نهضة عمرانية واسعة، وهو الذي فشلت فيه الجمهوريات العسكرية في ليبيا ومصر واليمن والسودان والعراق والجزائر، وحالة الجزائر تدعو للتبصر أكثر، فرغم الثروات الهائلة البترولية التي تحظى بها الجزائر، إلا أن الفاشية العسكرية التي حكمتها على مدى أكثر من نصف قرن فشلت في صناعة نموذج عمراني حداثي قريب من النموذج الخليجي.

مع ملاحظة أن الجيل الثاني من حكام الخليج العربي مزجوا بين النموذج العسكري والقبلي، فمثلا حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة ملك البحرين، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد درسا العلوم العسكرية في بريطانيا،

لا أقصد بذلك تفضيل القبيلة على العسكرة أو الجمهوريات العربية، ولكن ما أقصده أن القبيلة تتفاعل مع النموذج السياسي الموجود وتصبح جزءا منه، أي أنها أداة وليست فاعلا في أكثر مراحل تجربتها السياسية.

 

لذا أظن أيضا أن عملية التشريح يجب أن تطال الفاعلين والأدوات معا، فليست مشكلة المجتمعات العربية تنظيمها القبلي أو العائلي، بقدر ما هو حرمانها على مدى قرون طويلة -رغم القيم السياسية التي جاء بها الإسلام- من التنظيم السياسي التشاركي، والارتكان وتبرير إما ولاية السيف أو سيف الجمهورية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى