الرئيسيةالراي

رأي- إنهم يزيفون التاريخ !!

إنهم يزيفون التاريخ !!

 

* كتب/ علي صوان

لعله من أهم الحقائق على الأرض أن العمارة تعتبر هي الشاهد الحي الوحيد على تاريخ الشعوب إلا أن الحفاظ على هذا الشاهد يعتمد أساسا على معماريين مثقفين يحترمون ذاكرة الشعوب وعلى مسؤولين واعين بهذه الحقائق.. فكما أن الشاعر النابغة بدون موقف هو وبال على أمته وشعبه فكذلك تماما المعماري بدون ثقافة..

 

ما جعلني أسوق هذه العبارات هو ما نشاهده اليوم من هذا التشويه المتعمد لصرح معماري كان من أهم الشواهد على صمود مدينة في وجه حاكم طاغية أراد أن يقتل إرادة شعب تطلع إلى الحرية والدولة المدنية.

إن ما يحدث اليوم لعمارة التأمين بوسط مدينة مصراتة من تغيير كامل لمعالمها وطابعها المعماري خاصة إزالة أقواسها الضخمة بدعوى صيانتها وتطويرها لهو جريمة معمارية وإنسانية بكل المقاييس يتحملها أولاً المعماري الذي قام بهذه التغييرات والتعديلات والتي مهما اعتبرت جميلة ومبهرة كما تظهر الصورة المرفقة للتصميم الجديد فهي في غير محلها تنم عن عدم ثقافة معمارية ويتحملها أيضاً المالك -وهو شركة ليبيا للتأمين- الذي اعتمدها وكذلك المقاول الذي يقوم بتنفيذها خاصة إذا ما علمنا أنه هو من كلف المكتب الهندسي الذي قام بهدة التغييرات!!.. ثم آخراً وليس أخيراً أحمل مسؤوليتها للمجلس البلدي مصراتة ولكل معماريي المدينة ومثقفيها على سكوتهم وعدم اعتراضهم على هذه الجريمة في حق مدينتهم وثورتهم!

 

قياسنا في ذلك أن المباني الرسمية أو تلك التي شهدت أحداثاً تاريخية كما شهدت عمارة التأمين لا يجب المساس بشكلها وطابعها الذي عرفها به الناس والعالم ثم أنها لا بد وأن تعبر عن الزمن الذي بنيت به.. وبالنسبة لعمارة التأمين فيزيد سبب آخر وهو موقعها الملاصق لمركز مدينة مصراته القديم أو ما يسمى تخطيطياً Down Town” “..
كم تأسفنا قبل ثورة فبراير لما حدث لمبنى البلدية عندما تم تغيير طابعه الخارجي بمساحات زجاجية جعلته وكأنه مول تجاري، وتناسى من قاموا بتلك الجريمة أن عراقة المدن في العالم المتحضر تقاس بمدى قدم مبانيها الرسمية وخاصة مبنى البلدية أو المجلس البلدي الذي لا يمس أبداً من الخارج ولو توشح كله بالأوساخ والسواد!!.. لكن ها هي نفس الجريمة تتكرر بعد فبراير وكأنك يا بوزيد ما غزيت !!

إن عمارة التامين تعتبر أيقونة ثوره 17 فبراير في مصراتة، كان لابد من الحفاظ على شكلها وطابعها الذي شاهدها به العالم وكانت ستكون قبلة السواح القادمين للمدينة من خارج البلاد وداخلها بعد أن تستقر الأمور وتتكون الدولة قريباً إن شاء الله..
فهل ننتظر أملاً في إنقادها مما تتعرض له اليوم من هذا التشويه بدعوى التجديد والتطوير؟!!.. نأمل ذلك. فلا يزال الأمل إذا توفرت الإرادة والوعي من قبل ملاك المبنى ومالكي القرار بالمدينة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى