الرئيسيةالراي

رأي- توضيح بشأن حكم المحكمة العليا الليبية المتعلق بأعمال الهيئة التأسيسية

توضيح بشأن حكم المحكمة العليا الليبية المتعلق بأعمال الهيئة التأسيسية

 

كتب/ أنس أبوشعالة- محامي

بدايةً علينا أن نوضح أن المحكمة العليا هي أعلى درجة قضائية ولا يعلى على أحكامها حجةً وإلزاماً .

للمحكمة العليا دوائر تنظر الطعون المختلفة بجميع تخصصاتها القانونية “المدنية والجنائية والإدارية”  والجمعية العمومية للمحكمة التي تتكون من جميع الدوائر تشكل الدائرة الدستورية المختصة بالفصل في الطعون الدستورية التي تعرض عليها .

حكم الأمس صادر عن دائرة النقض الإداري وليس عن الدائرة الدستورية لأن الطعن المنظور ببساطة طعن إداري وليس دستوريا فالبعض اختزل عمل المحكمة العليا في رقابتها الدستورية متغافلاً عن رقابتها القانونية عن سائر الجوانب الأخرى .

الحكم القضائي في غير الطعون الدستورية ينتج أثره ويصبح حجة وملزما للكافة من تاريخ صدوره ولا يرتب إلغاء المراكز القانونية التي تكونت وتشكلت قبل الحكم …

بمعنى.. أن حكماً ما صدر بشأن ما من محكمة أدنى من المحكمة العليا ولم ينقض، يصير حكماً سليماً ومحلاً للتنفيذ وإن تم تنفيذه وتكونت مراكز قانونية بناءً عليه تظل قائمة وسارية… وفي مناسبة أخرى وفي مقام آخر أحيل في ذات الموضوع طعن ما في دعوى ما للمحكمة العليا وفصلت فيه وقضت بعدم اختصاص دوائر القضاء الإداري فهذا يعني أن المبدأ الذي سنته المحكمة العليا ينصرف على المراحل اللاحقة له وليس بأثر رجعي .

مسودة صلالة.. ألغتها دائرة القضاء الإداري ودون الطعن في الحكم قامت الهيئة طواعيةً “أي دون الطعن في الحكم” بسحب المسودة وإعادة النظر فيها وإعادة التصويت عليها بإجراءات مستقلة قائمة بذاتها ومنها تمخض عنها المسودة الأخيرة… وبالتالي فإن المسودة التي قضت دائرة القضاء الإداري حينها بإلغاء إجراءات التصويت عليها صارت معدومة وغير موجودة، ليس بموجب الحكم بل بموجب سحب الهيئة للمسودة وإعادة صياغتها وتحويرها والتصويت على مسودة مختلفة تماماً وإن شابت هذه المسودة ذات الشوائب لمسودة صلالة وطعن فيها أمام ذات الدائرة الأولى التي قضت فيها لما حكمت الآن؛ لأنها صارت مقيدة بمبدأ ملزم صادر عن المحكمة العليا، ألا وهو عدم ولاية القضاء الإداري “عدم الاختصاص” بالرقابة على أعمال الهيئة التأسيسية، وبالمناسبة فإن هذا النظر لم تبتدعه المحكمة العليا الليبية بل له سوابق قضائية في عديد الدول، باعتبار أن السلطة التأسيسية لا تخضع لرقابة القضاء، ناهيك إن كانت منتخبة فلا هي جهة إدارية تابعة للسلطة التنفيذية فتخضع لرقابة القضاء الإداري ولا هي سلطة تشريعية وإن كانت منتخبة فتخضع في تشريعاتها حصراً لرقابة القضاء الدستوري .

مقتضى هذا الحكم هو صلاحية المسودة لعرضها على الاستفتاء.. كيف ومتى فهذا خارج اختصاص القضاء.

المشكلة الكبرى عندما نتعاطى مع الأحكام القضائية بعين سياسية يغلبها الجنوح نحو المصلحة والهوى ورجم القضاء غيباً وغباءً وجهلاً بتهم التحيّز والجور، وهذا في رأيي خطأ كبير على النخبة الظاهرة ألا تقع فيه على الأقل ظاهرياً .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى