الرئيسيةعيونفضاءات

السلطات الليبية تفتح ملفات الجرائم القديمة

العربي الجديد-

تنشط السلطات الأمنية الحكومية في ليبيا في متابعة قضايا جنائية سابقة واعتقال أصحابها بعد سنوات على ارتكابها، في وقت ما زال العديد من القضايا الجنائية الكبرى قيد المجهول.

وتعد قضية المقابر الجماعية في ترهونة (جنوب العاصمة طرابلس) من أكبر ملفات الجرائم في البلاد. وعلى الرغم من معرفة الأطراف التي تقف وراءها، إلا أن الحسابات السياسية تمنع الإعلان عن المتورطين فيها، وتكتفي بالكشف عن هوية الضحايا في بيانات متتابعة.
وفي وقت ما زال مصير أكثر من 130 مفقوداً في ترهونة مغيباً، أعلنت رابطة ضحايا ترهونة مؤخراً التعرف على هوية شقيقين فقدا منذ ثلاثة أعوام ضمن عشرات الجثث المنتشلة من المقابر الجماعية، والتي تنتظر التعرف على هوية أصحابها. في الوقت نفسه، كثفت السلطات الأمنية من جهودها لكشف مصير قضايا جنائية أخرى غامضة منذ سنوات.

ومؤخراً، كشفت السلطات عن خمس وقائع قيّدت ضد مجهول بعد التحقيق فيها. وأعلنت مديرية أمن طرابلس عن حل غموض جريمة تعود وقائعها إلى عام 2013. وأوضحت أن والد المتهم في القضية أبلغ مركز شرطة في طرابلس عن مكان ابنه الذي أقدم على قتل جار له عام 2013 إثر خلاف بينهما، ونقل جثته إلى خارج طرابلس لدفنها، مشيرة إلى أن المتهم اعترف بجريمته.
وأعلن جهاز البحث الجنائي في بنغازي القبض على متهم بمقتل امرأة وإصابة طفلها دهساً بسيارته وفراره بعد الجريمة، موضحاً أن الجاني نقل جثة الأم وطفلها الجريح إلى وسط المدينة وألقاهما قبل فراره. وفي أثناء سرد جهاز البحث الجنائي لاعترافات الجاني، تبين أنه باع سيارته للتخلص منها، لكن الجهاز وصل إليه بعد التعرف على السيارة والتحقيق مع مالكها الجديد الذي قاد إلى الجاني.
وتمكن جهاز البحث الجنائي بمنطقة النواحي الأربعة، جنوب شرق طرابلس، من القبض على متهم في عشر قضايا جنائية، وأوضحت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية أن هذه القضايا موزعة بين عدد من مراكز الشرطة، من بينها قضية قتل، اعترف الجاني بجميعها.
ومؤخراً، اعتقل أفراد مديرية أمن صبراته، غرب طرابلس، متهماً في العديد من قضايا الاتجار بالمهاجرين السريين، من بينها قضايا قتل مهاجرين وتعذيبهم. وأكدت أن المعتقل موجود في قوائم المطلوبين ومتهم في العديد من قضايا الهجرة السرية، وقد اعترف أثناء التحقيق معه بتعذيب مهاجرين وقتلهم.

وفي سياق إصرار السلطات الأمنية على الكشف عن المتورطين في القضايا الجنائية، قررت حكومة الوحدة الوطنية، منذ تسلم مهامها العام الماضي، تشكيل لجنة لمعالجة ملفات ومطالب أهالي مدينة ترهونة فيما يتعلق بالمقابر الجماعية والمفقودين، ما يعني اهتماماً رسمياً بالجرائم مجهولة الفاعل، وإن لم تحقق الحكومة أي خطوة بشأن مقابر ترهونة، بحسب الناشط المدني جمال دعيب. ويرى الأخير أن العديد من الملفات الجنائية في البلاد مرتبط بحسابات سياسية تتعلق بترتيبات البلاد لتجاوز أزمتها، كمجازر مدينتي بنغازي ودرنة التي ارتكبتها قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ومجزرة قاعدة تمنهنت (جنوب ليبيا) عام 2017 التي راح ضحيتها نحو 150 شخصاً، وأخيراً مقابر ترهونة. في الوقت نفسه، يرى أن حديث الحكومة عن أكبر هذه القضايا، وهي قضية مقابر ترهونة، شجع السلطات الأمنية على فتح ملفات الجرائم الصغرى، وخصوصاً الفردية منها، حتى وإن كان مرتكبوها يحتمون بالمليشيات.
في المقابل، يرى الناشط الحقوقي والسياسي خميس الرابطي أنه يصعب على السلطات التحقيق في ملفات الجنايات المجهولة، وخصوصاً أنها ما زالت منقسمة على نفسها. ويقول: “سيبقى الأمر مقتصراً على اعتقال مرتكبي الجرائم الصغيرة التي لا ترقى إلى مستوى فتح تحقيقات في ملفات شائكة كمجازر بنغازي أو ترهونة”.
ويذكّر الرابطي بالعثور على عشر جثث في بنغازي العام الماضي. ويقول: “أعلنت الحكومة فتح تحقيق فيها قبل أن تتوقف عن الحديث بشأنها. وإثر جدل واسع، ألزمت الغرفة الأمنية في المدينة المواطنين بتركيب كاميرات للمساعدة في الجهود الأمنية والكشف عن المجرمين. وفي الجانب الآخر، دعت وزارة الداخلية المواطنين إلى التعاضد والتكافل لمساندتها في أداء مهامها على أكمل وجه وتجاوز صفحة الماضي والتسامح، ونبذ خطاب الكراهية وتحييده عن كل المنابر الإعلامية”.

ويقول إن “الموقفين كانا متزامنين مع العثور على الجثث العشر في بنغازي، وهي خطوات لا تعكس شيئاً سوى عجز غير معلن من قبل السلطات”، لافتاً إلى أن “الموانع المتعلقة بالمتغيرات السياسية ومواقف الأطراف منها وقوة المليشيات التي تفوق قوة الحكومة ستقف في وجه أي خطوة في طريق فتح الملفات الجنائية الكبرى”. في الوقت نفسه، يثني على جهود السلطات في ملاحقة القضايا الجنائية مجهولة الفاعل، وخصوصاً تلك التي شهدتها البلاد قبل سنوات، والقبض على مرتكبيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى