اخبارالرئيسيةعيون

الحوار الليبي مهدد واختلال التوازن يعيد سيناريو الحرب (تقرير)

الأناضول-

تلويح أعضاء من لجنة الحوار السياسي الليبي بالانسحاب من جلسات الملتقى، يهدد بنسف العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة برمتها، بالتزامن مع التحركات العسكرية لمليشيات الجنرال الانقلابي خليفة حفتر.

ففي 14 ديسمبر الجاري، هدد 30 عضوا من ملتقى الحوار السياسي بالانسحاب من الحوار، متهمين بعثة الأمم المتحدة بـ”تصميم” مناصب لأشخاص محددين، في إشارة إلى عقيلة صالح، رئيس مجلس نواب طبرق الموالي لحفتر.

حيث تقدمت البعثة الأممية بمقترحين لخفض نسبة التصويت داخل الملتقى واعتماد نصاب جديد لتمرير آلية اختيار السلطة التنفيذية، لكنهما لم يحظيا بالتأييد الكافي.

فاعتماد أي قرار يتطلب موافقة 75 بالمئة من أعضاء لجنة الحوار التي تضم 75 عضوا، ولصعوبة الوصول إلى هذه النسبة قدمت البعثة الأممية للملتقى اقتراحين للتصويت عليهما:

الأول: ثلثا الأعضاء (66.66 بالمئة) بالإضافة إلى 50 بالمئة+1 من كل إقليم (طرابلس وبرقة وفزان). أما الثاني 60 بالمئة من الأعضاء، بالإضافة إلى 50 بالمئة+1 من كل إقليم.

وعدم إقرار أي من هذين الاقتراحين وتلويح قوى التيار المدني بالانسحاب ينذر بتعثر الحوار وفشله في تشكيل حكومة وحدة وطنية ومجلس رئاسي جديد.

** مجلس النواب يتعثر ثانية

مجلس النواب بشقيه فشل هو الآخر في الاجتماع ثانية بمدينة غدامس (450 كلم جنوب شرق طرابلس)، في 21 ديسمبر الجاري، كما كان مقررا لانتخاب رئيس برلمان جديد.

فبعد الاجتماع الأول بغدامس في 8 ديسمبر، بحضور 127 نائبا، في سابقة ضمت نوابا من برلماني طبرق وطرابلس، تم الاتفاق على إرجاء اجتماع النواب بسبب إصابة 3 نواب على الأقل بفيروس كورونا، توفي منهم النائب عمر قريميل، عن مدينة الزنتان (غرب) في مستشفى بمدينة طنجة المغربية.

لكن متابعين للوضع الليبي يعتقدون أن الأمر مرتبط بأسباب سياسية بالدرجة الأولى، متعلقة بالضغوط التي يمارسها عقيلة صالح، رئيس مجلس برلمان طبرق، ومليشيات حفتر على نواب المنطقة الشرقية.

بالإضافة إلى الصراع بين الأقاليم الثلاثة (طرابلس، برقة وفزان) حول رئاسة البرلمان، فالمنطقة الشرقية لا تريد أن يضيع منها هذا المنصب.

أما المنطقة الغربية، والتي تضم أكبر عدد من النواب (100 من إجمالي 200 نظريا)، فتملك الأفضلية في حالة الاحتكام لانتخاب رئيس البرلمان عبر الصندوق.

بينما يطالب نواب المنطقة الجنوبية بانتظار نتائج ملتقى الحوار السياسي، حيث من المرتقب اختيار رئيس المجلس الرئاسي من المنطقة الشرقية، ورئيس الحكومة من المنطقة الغربية.

ويأمل نواب المنطقة الجنوبية أن يعود منصب رئيس البرلمان لهم، بناء على مبدأ المحاصصة، وعدم الدخول في مسار موازي من شأنه التأثير على ملتقى الحوار.

** تحركات مشبوهة لحفتر

منذ الاتفاق على وقف إطلاق النار في 23 أكتوبر الماضي، رصد الجيش الليبي عدة تحركات مشبوهة لمليشيات حفتر، بالقرب من خطوط التماس، خاصة في محافظتي سرت (450 كلم شرق طرابلس) والجفرة (650 كلم جنوب شرق طرابلس) والجنوب.

وقال الناطق باسم “غرفة عمليات تحرير سرت – الجفرة” التابعة للجيش، الهادي دراه، للأناضول، إن “طائرة شحن عسكرية روسية هبطت في قاعدة القرضابية بسرت”.

ويضيف دراه، أن قوات الجيش رصدت أيضا “رتلا مسلحا يضم 6 سيارات من نوع تايغر، و17 سيارة مسلحة، وشاحنتين محملتين بالذخائر توجهت من الجفرة إلى الجنوب”.

ويعتبر أن “كل هذا التحشيد يدل دلالة واضحة على أن مليشيات حفتر لا تريد الاستقرار في ليبيا، بل تريد الحرب، ليصل (الجنرال) المتمرد إلى السلطة”.

ففي 7 ديسمبر الجاري، هددت وزارة الدفاع، بالانسحاب من اتفاق وقف إطلاق النار في البلاد، جراء “تهور” حفتر، وذلك بعد محاولة مليشياته اقتحام معسكر يتبع للحكومة الليبية على أطراف مدينة أوباري (964 كم جنوب طرابلس).

وقال وزير الدفاع صلاح الدين النمروش، “نحذّر الأمم المتحدة والدول الداعمة للسلام والحوار في ليبيا إن لم تكبح مجرم الحرب حفتر، وتوقف تهوّره، فسننسحب من اتفاق 5+5 العسكري”.

وأضاف: “سنعتبر اتفاق وقف إطلاق النار كأن لم يكن إن أقدم حفتر على أي عمل عسكري”.

** إذا اختل التوازن اندلعت الحرب

وأمام وصول الحوار السياسي إلى مفترق طرق صعب، وتحركات مليشيات حفتر المشبوهة التي تناور لإخفاء نواياها ونوايا الأطراف الخارجية التي تدعمها، لم يعد مستبعدا وقوع أي تحول ميداني إذا اختل التوازن السياسي والعسكري على الأرض.

وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي فرج دردور: “لا توجد عملية سياسية في الأساس، وإنما إدارة لفوضى يستغلها الجميع للقفز على السلطة، منها طرف عسكري يقوده حفتر، وأطراف تريد المحاصصة بعيدا عن الديمقراطية”.

ويوضح دردور، في حديثه للأناضول، أن البعثة الأممية تحاول إيجاد قواسم مشتركة بين هذه الفوضى لتخرج منها بذرة ديمقراطية والمحاصصة ستولد فشل إضافي ولن تؤدي إلى أي حل للأزمة أو تحسين حال المواطن.

وأوضح دردور، أن “التحركات العسكرية الأخيرة لحفتر لها وجهان؛ أولاً يخشى في حالة فشل المفاوضات السياسية من تقدم قوات الحكومة الليبية باتجاهه”.

ويضيف: “حفتر والروس يتخندقون ويقيمون سواتر في سرت والجفرة، وهذا يدل على أنهم في حالة دفاع من أي معارك”.

أما الوجه الثاني للتحركات العسكرية، بحسب دردور، فتتمثل في أن “فرنسا والإمارات وحفتر ينتظرون تطور الشقاق وحصول مواجهات بين بعض الكتائب في المنطقة الغربية”.

ويلفت دردور، إلى أنه “إذا حصل هذا الشقاق طبعا، ستكون لحفتر فرصة مواتية للانقضاض وبالتالي هو جاهز للدفاع والهجوم في حالة فقدت ليبيا توازن الرعب، والقائم به الحليف التركي وقوات الوفاق”.

ويتابع أن إيقاف الحرب ليس له علاقة بالحوارات التي ترعاها الأمم المتحدة، وإنما أُوقفت بناء على توفر توازن الرعب، بدليل أن حفتر عندما كان ينفرد بالرعب رفض الحوار وتعالى على الجميع.

وخلص دردور، إلى أنه إذا اختل هذا التوازن سوف تندلع حرب جديدة.

وبيّن أن السيناريو المتوقع في حال فشل العملية السياسية؛ الإبقاء على فائز السراج، على رأس المجلس الرئاسي، وتكوين حكومة وحدة وطنية يكون رئيسها من المنطقة الشرقية، وفق مبدأ المحاصصة، وتبقى الأمور على ما هي عليه؛ “لا سلم لا حرب”.

وسيجد المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا البلغاري نيكولاي ملادينوف، على طاولته ملفات معقدة خاصة على الصعيد السياسي، مع إصرار عقيلة صالح على تولي رئاسة المجلس الرئاسي دون التنازل عن رئاسة البرلمان وتلويح أنصاره بتقسيم البلاد، بينما ترفض قوى التيار المدني الرضوخ لهذه التهديدات.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى