العربي الجديد-
لجأ بعض الليبيين إلى وسائل التواصل الاجتماعي في محاولة لإيجاد شريك حياة، وخصوصاً النساء اللواتي اقتربن من بلوغ سن العنوسة كما هو متعارف عليه في ليبيا.
وتقول سمية التي تخرجت منذ سنوات من إحدى الجامعات في طرابلس، من دون أن تجد فرصة عمل، إنها تقضي معظم وقتها في المنزل. ولأنها تخشى العنوسة، عمدت إلى قبول طلب تعارف من قبل شاب على فيسبوك. وتوضح أن هذه الطريقة تتعارض مع تقاليد عائلتها المحافظة، وتدرك أن التعارف من خلال هذه المنصة يتطلب منها التروي قبل اتخاذ قرار الزواج في حال عرض عليها ذلك. تضيف: “حتى اللحظة، لم يتقدم إليها بطلب الزواج، لكن أسئلته وحديثه يدلان على أنه قد يقدم على هذه الخطوة قريباً. ما من خيار آخر غير اللجوء إلى هذه الوسيلة للتعارف قبل أن أبلغ سن العنوسة”. هذا ما تعتقده.
تتابع: “العمل هو الوسيلة الوحيدة التي تمكنني من الخروج من المنزل والتعرف على أشخاص جدد. إلا أن ظروفي الحالية تجعلني مجبرة على اللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي لعدم توفر فرص عمل”.
هرب من القيود
من جهتها، تقول نرجس كاشار التي تعيش في بنغازي إنها لا ترغب في الزواج فقط، إلا أنها ترى في وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة للتعرف على شاب قد تجمعها به أمور مشتركة والرغبة في بناء أسرة، بعيداً عن قيود وعادات المجتمع”. تضيف في حديثها لـ “العربي الجديد” أن هذه القيود “لم تترك لي مجالاً أكثر أماناً من وسائل التواصل الاجتماعي، ويتوجب علي البحث عن شريك حياة بمعزل عن العار الاجتماعي”.
لم تنجح نرجس بعد في إيجاد شاب مناسب للبدء بتأسيس عائلة معاً من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. في الوقت نفسه، تقول إن إحدى صديقاتها تزوجت قبل ثلاث سنوات من شاب تعرفت عليه من خلال “فيسبوك”، مؤكدة أنها تعيش حياة مستقرة برفقة زوجها وطفلهما.
في المقابل، لا يحبذ حسن صوفية تجارب الزواج من خلال العالم الافتراضي، وخصوصاً أنه مر بتجربة فاشلة كما يصفها. ويقول: “كنت مندفعاً بشدة للتعرف على فتيات ليبيات بقصد الزواج”، إلا أنه لم يصادف فتاة صادقة ومناسبة، بحسب ما يقول. ويشير إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي لا تتيح للطرفين التعرف أحدهما إلى الآخر بشكل وثيق.
وعن الأسباب التي دفعته للجوء إلى هذه الوسائل، يقول: “كنت مغترباً في إحدى الدول الأوروبية، وأردت الزواج من فتاة ليبية، الأمر الذي دفعني للجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي علّني أجد الفتاة المناسبة كوني بعيدا عن بلدي”. وفي وقت لاحق، قرر العودة إلى بلده لتختار له أسرته زوجة مناسبة.
حرية أكبر في المدن
إلى ذلك، تقول المتخصصة في علم الاجتماع في وزارة الشؤون الاجتماعية في طرابلس نادية عبد الهادي، إن التعارف من خلال العالم الافتراضي بهدف الزواج ينتشر بشكل كبير في الأرياف والمناطق المحافظة، موضحة أن “المدن تسمح بحرية أكبر للتعارف في الجامعات أو غيرها. إلا أن هذا الخيار ليس متاحاً للفتيات في الأرياف”. وتشير إلى أن السبب هو صعوبة التواصل بين الشبان والفتيات في الأرياف بسبب الضغوط الاجتماعية.
وتحذر عبد الهادي، في خلال حديثها لـ “العربي الجديد”، من احتمال فشل زواج مبني على التعارف عن بعد، أو من دون غطاء مجتمعي، مؤكدة على “أهمية الحاضنة الاجتماعية لبناء الأسر الجديدة، لاسيما خلال السنوات الأولى”. كما تعرب عن مخاوفها من العلاقات المتسرعة عبر العالم الافتراضي واحتمال استغلال الفتيات بسبب مخاوفهن من العنوسة. في هذا الإطار، تتحدث عن دور السلطات والجهات والمراكز البحثية، قائلة إنه “من الممكن أن يكون هذا الشكل من العلاقات أحد أسباب الطلاق. لذلك، يجب العمل على دراسة أسباب الطلاق للحد منها”.
تضيف: “غالباً ما يتحدث الناس على وسائل التواصل الاجتماعي عن أمور هامشية لا تتعلق بأساس الأسرة كالجوانب المادية أو توفير مسكن أو دخل مناسب لاستمرار الأسرة. لذلك، غالباً ما يفشل الزواج بسبب ظروف الحياة”. وتقترح أن تتوسع الحكومة في مبادرة المنح المالية التي أطلقتها قبل أشهر لتشجيع الزواج، من خلال إجراء دراسات وخطط كفيلة بتوفير ظروف أفضل وأيسر للزواج، مشيرة إلى أن أحد أسباب لجوء الشباب من الطرفين للتعارف هو الاتفاق على خفض تكاليف الزواج وإيجاد مسكن بالإيجار بعيداً عن قيود المجتمع.