الاخيرة

أسير بزي مشير

* كتب/ عبدالوهاب الحداد

في الثاني والعشرين من يونيو 2019 أدرجت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا خبر لقاء غسان سلامة مع خليفة حفتر في الرجمة، وأرفقت الخبر بثلاث صور، إلا أنها حذفت إحدى الصور بعد دقائق!

 

الصورة التي حُذفت كان فيها وجه حفتر قريبا ومواجها للكاميرا، وظهر فيها متعبا ومريضا، مترهل الوجه يحيط السواد بعينيه، أو لنقل كان بشع المنظر.
لَفت حذْف الصورة انتباه المتابعين، وانهالوا في تعليقاتهم يسألون البعثة عن سبب حذفها، دون أن يجدوا إجابة أو تبريرا!

رَجّح بعض المتابعين أن يكون حذف الصورة راجع إلى طلب من أتباع حفتر والمحيطين به، وهو ما يُبرز مدى حرص حفتر وأتباعه على الشكل الذي يظهر به في كافة صوره.

يرجعنا ذلك لصورة حفتر أسيرا في تشاد بعد هزيمة معركة وادي الدوم قبل ثلاثة عقود، ولك أن تتصور الظروف التي صاحبت التقاط تلك الصورة، وكيف أُمر حينها بالاصطفاف، ثم أُمر بالوقوف في المنتصف، ثم بالنظر اتجاه العدسة، كل ذلك و حفتر يبدو مطيعا ذليلا ينفذ الأوامر. لك أن تتصور الأثر النفسي الذي خلفه كل ذلك، حتى صار أسيرا لتلك الصورة وذكراها، كما لك أن تتصور حالة حفتر كلما خطرت بباله تلك اللحظات، أو شاهد الصورة الآن بشكل عرضي.

عقدة حفتر من صورته أسيرا تظهر اليوم في تحوله إلى ما يشبه عارض أزياء عسكرية، ففي كل كلمة له أو احتفال يحرص على ارتداء بزة عسكرية جديدة بكامل نياشينها وزركشتها، ولك أن تجري بحثا بسيطا لصور حفتر عبر الانترنت لتشاهد الكم الكبير لصوره مستعرضا في كل صورة زيا جديدا.

في حادثة أخرى عدلت إحدى المواقع المؤيدة لحفتر صورته “فلترة رقمية” عبر برنامج “سناب شات” لتظهره صغير السن، إلا أن حفتر بدا فيها مضحكا، ونالت الصورة سخرية واسعة من الليبيين.

هوس حفتر وأتباعه بصورته بدت كذلك يوم قرصنة تردد قناة معارضة لحفتر، واختيار القراصنة صورة حفتر تحديدا لبثها زمن الاختراق، معتبرين ذلك انتصارا ساحقا احتفوا به كثيرا، أما تعليق صورة لحفتر خلسة في إحدى شوارع المدن المعارضة له، يستحق فاعلها نجمة العبور.

وتعليقا على انتشار صور حفتر في بعض المدن الليبية، وصف بعض الناشطين الأمر بأن شوارع ليبية تحولت لحساب “إنستغرام” خاص بحفتر، وهذا مالفت انتباه مراسل نيويورك تايمز عند زيارته لبنغازي، وافتتح تقريره قائلا (يحدق المارشال من اللوحات الإعلانية إلى حطام مدينة بنغازي الليبية بزيه الرسمي مزركشا بالكتّافيات وأوسمة الشرف) مضيفا (صور وجه حفتر موجودة في كل مكان).

ولعلنا نذكر أيضا خروج أنصار النظام السابق في سرت حاملين صور “القذافي” يوم دخول قوات حفتر، وكيف عوقبوا على ذلك، وخاطبهم بلعيد الشيخي قائلا: زمن تمجيد الأشخاص قد ولى! لنرى بعدها صور حفتر تنتشر في شوارع سرت ومكاتب المؤسسات الحكومية بها، ولسان الحال يقول “لا صورة اليوم إلا صورة حفتر”.

لكل ذلك فإننا نجد المبرر الوحيد لحرص حفتر على صوره وانتشارها بهذا الشكل الساذج، هو عقدة الصورة القديمة له في الأسر، ومحاولة لمحو تلك الصورة من أذهان الناس بإغراقهم بصوره الحديثة، فالرجل لازال أسيرا لصورته أسيرا..
ولعل ما زاد من العقدة هو تخليد تلك الذكرى في قصيدة شعبية شهيرة ربطت هزيمة المعركة بخليفة حفتر وذكره في افتتاحية القصيدة ومواقع أخرى منها:-
– خذا سوك “حفتر” والدوم.. أطناشر يوم .. وهي قوم تزرزر في قوم
– خذا سوك “حفتر” شدوه .. الدوم خذوه .. يروزوا في القطرون شهوه
– خذا سوك “حفتر” لأسير .. وكيف أدير .. وشن بتقول لها الحمير .. اللي طاعوه بلا تفكير..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى