اخبارالرئيسيةعيون

هل يجعل حفتر من ليبيا بوابة الروس إلى دول الساحل؟

عربي 21-

سلطت صحيفة “جون أفريك” الضوء على زيارة صدام حفتر، إلى واغادوغو في التاسع من يوليو كانت تهدف إلى تعزيز العلاقات الأمنية مع دول الساحل.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إنه من خلال تقربه من الأنظمة القائمة في منطقة الساحل مثل قربه من موسكو يلعب صدام على عدة جبهات، ولكنه يسعى قبل كل شيء إلى تعزيز سلطته في مواجهة السلطات الغربية ووضع نفسه كشريك لا غنى عنه بما في ذلك بالنسبة للغربيين.

لم تمر زيارة صدام حفتر، إلى واغادوغو في التاسع من يوليو، مرور الكرام على الرغم من جو التكتم الذي ميزها. لقد تم بالفعل تكليف الوريث المفترض لممتلكات والده بمهام دبلوماسية، تماما مثل إخوته الآخرين. ولكنه يتمتع بالهيمنة في المجال العسكري، لأنه تمت ترقيته في الخامس عشر من مايو إلى منصب رئيس أركان القوات البرية التابعة لميليشيات الرجمة.

وبينت الصحيفة أن التوقيت ليس مصادفة؛ حيث تأتي الزيارة بعد ثلاثة أيام من إنشاء اتحاد دول الساحل بين الأنظمة العسكرية التي استولت على السلطة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر. ومن بنغازي إلى باماكو؛ تجمع بين كبار الضباط الذين يتولون القيادة نقاط مشتركة، حيث استولوا على السلطة من حكومات مدنية اعتبروها تحت السيطرة وعاجزة عن مواجهة الحروب التي تشعل المنطقة، أو صراعات يغذيها سقوط القذافي منذ نهاية سنة 2011.

التعاون الأمني المنطقي

وأوضحت أنه من النقاط المشتركة بين هؤلاء الضباط أن السياسيين والصحفيين والناشطين.. وكل من يعارضون رؤيتهم وأساليبهم يجدون أنفسهم في قبضة “الإرهاب مع الأعداء المعلنين للجيش: الجهاديين والإسلاميين المتطرفين. وهؤلاء، المتنقلون، والمنظمون في شبكات، يعرفون كيفية الاستفادة من البيئة الشاسعة والعدائية في منطقة الساحل وكذلك الفجوات الحدودية التي زادت بسبب عدم الاستقرار السياسي في الدول الأربع: بالتالي، يبدو إنشاء تعاون أمني فعال منطقيًّا، بل وضروريًّا. وفي الواقع، تم تعيين صدام لإبرام هذه الصفقة مع كونفدرالية دول الساحل”.

ونقلت الصحيفة عن جليل حرشاوي، أستاذ العلوم السياسية المتخصص في شؤون ليبيا قوله إن “أبناء حفتر جميعهم يخدمون دبلوماسيته، لكن صدام هو رئيس الأمن وهو المسؤول عن منطقة الحدود الجنوبية حيث تحاول مجموعات مسلحة متعددة التسلل. وكان مسؤولًا عن الملف السوداني، وكان قد التقى بشكل خاص بالتشادي إدريس ديبي قبل وفاته”.

ومن بنغازي إلى باماكو؛ يواصل هذا الخط الروسي تأكيد نفسه بشكل أسرع وأعلى وأقوى في مواجهة أعدائه الغربيين المعلنين: فرنسا، التي تم طرد جيوشها من المنطقة، والولايات المتحدة التي بدأت بالانسحاب بالفعل. وهكذا يصبح ميناء طبرق ذو المياه العميقة، شرق بنغازي، الخاضع لسيطرة حفتر، بوابة الكرملين لطموحاته الأفريقية وفيلقه الأفريقي، التابع لوزارة الدفاع، التي حلت محل مجموعة فاغنر شبه العسكرية.

الممر الروسي

وبحسب الصحيفة؛ يعد ميناء طبرق، الذي يمكن الوصول إليه بسرعة من البحر الأسود، محورًا أكثر ملاءمة بكثير مما كانت عليه جمهورية أفريقيا الوسطى المحاصرة، والتي كانت أول هدف روسي يتم ضربه في سنة 2018. ويشتبه منذ فترة طويلة في أن موسكو تسعى لفتح قاعدة بحرية في طبرق كما فعلت في سوريا، في طرطوس، وهي تتصرف الآن هناك كما لو أن الاتفاق قد تم إبرامه بشكل سري، حيث تتناوب سفنها الحربية على الميناء بوتيرة منتظمة. وفي أبريل، تم تصوير العديد منهم هناك، أثناء تفريغ آلاف الأطنان من الأسلحة دون أي مراعاة للسرية.
وتقول البروفيسورة فيرجيني كولومبييه، رئيسة منصة ليبيا في جامعة لويس جويدو كارلي في روما: “لقد تساءلنا لمن خُصِّصت هذه المعدات. فربما بقيت كمية معينة في ليبيا، لكن جزءًا كبيرًا منها تم إنزاله ليتم نقله نحو بوركينا فاسو، على طريق بوركينا-النيجر-مالي المهم وعلى الجانب الآخر نحو السودان. لدى روسيا بالفعل مصلحة في استخدام ليبيا كمنصة ونقطة انطلاق نحو دول الساحل، ولا شك أن زيارة صدام إلى واغادوغو مرتبطة بها أيضا”؛ فهل سيصبح حفتر خادمًا لبوتين؟

في كثير من النواحي، تعتبر الدبلوماسية التي يستخدمها خليفة حفتر متناقضة: ففي السودان؛ يدعم قوات الجنرال المنشق حميدتي ضد قوات الجنرال البرهان، رئيس الدولة المدعومة من مصر، الداعم الرئيسي لبنغازي. وقد استضاف الجنود الفرنسيين وكذلك مرتزقة فاغنر الروس السابقين في قواعده، ويسعى إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع باريس بينما يتقارب مع موسكو.

وأضافت الصحيفة أنه في الآونة الأخيرة، بدأ يتقرب من الأتراك، الذين يدعمون منافسيه في طرابلس، لكن مغريات عقود واعدة لإعادة الإعمار والتنمية في المنطقة تجذبهم.

وأنشأت فرنسا “القيادة من أجل أفريقيا” التي عُهد بها، في 26 يونيو، إلى الجنرال باسكال لاني. وتتمثل مهمتها في إقامة “شراكات أمنية مع الدول التي تطلب ذلك”، من أجل جمع المعلومات الاستخبارية أولا لمكافحة الإرهاب، حسبما ذكرت صحيفة “‘لو كانار انشينيه'” في عددها الصادر في 14 يوليو.

إذًا، هل ستجعل إعادة توجيه فرنسا نحو أفريقيا من حفتر إحدى أوراقها الرابحة في النصف الشمالي من القارة؟

ولفتت الصحيفة إلى أن عمل الموازنة المعقد الذي يقوم به المشير، والذي يوسع جغرافيته السياسية المحلية من الشراكات الانتهازية والذي نجح حتى الآن، لا يخلو من المخاطر، لأن الرغبة في سماع الجميع قد تجعلك مشتبهًا به من الجميع.

وبينت الصحيفة أن حفتر قد أثار غضب القاهرة، التي ترى في هذا الموقف نقصًا في الولاء، وكذلك من موسكو التي ترغب في وجود حاكم أكثر طاعة: فقد تميل هذه العواصم إلى إيجاد بديل له.

على الجانب الآخر؛ شجع تحالفه الاستراتيجي مع بوتين مؤيديه السابقين في الغرب، وفي المقام الأول فرنسا، على الابتعاد عنه منذ إعادة تنشيط الصراع الأوكراني في سنة 2022. لكن حفتر يحمل ورقة رابحة، وهو مقتنع بأنه لن يتمكن أحد من إيجاد بديل له في الساحة الليبية الحالية.

وبالتالي فإن زيارة صدام حفتر إلى واغادوغو تهدف إلى جعل والده همزة الوصل في تحالف أمني من موسكو إلى كوناكري، والوسيط الذي لا غنى عنه في المنطقة للقوى الدولية التي لها مصالح هناك، كما تهدف إلى بناء شرعية سلطة حفتر بين رؤساء الدول الانقلابيين، الذين هم أيضًا في بحث عن نفس الشرعية الدولية، مع بسط نفوذه إقليميا.

وحسب فيرجيني كولومبييه: “منذ سنة 2011، فقدت ليبيا النفوذ الخارجي الذي كانت تتمتع به في عهد القذافي. ويشعر العديد من محاوري الليبيين بالحزن بسبب ذلك، وقد فقدت الجهات الفاعلة فيها القدرة على فهم بيئتها الإقليمية والتفاعل معها، سواء في شمال أفريقيا وخارجها في القارة، وهو ما يعتبر فجوة كبيرة. ومع ذلك، في هذه الحلقة، هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها إسقاطا دبلوماسيا إقليميا من هذا النوع”.

وأكدت الصحيفة على أن المسؤولين الليبيين، من الشرق والغرب، يكثفون من الزيارات الدولية ويستقبلون أعدادًا من الدبلوماسيين. لكن الحسابات ذات طبيعة داخلية، بهدف ضمان الشرعية السياسية وتكوين شراكات اقتصادية والحفاظ على الدعم المستمر لرعاتهم الأجانب، مصر وروسيا والإمارات العربية المتحدة من جانب بنغازي، وتركيا، وبدرجة أقل الجزائر وقطر من جهة طرابلس.

وتذكر الصحيفة أن الباحثة فيرجيني كولومبييه ترى أن “احتلال هذا الفراغ هو خطوة من إستراتيجية حفتر الشاملة التي تهدف إلى ضمان السيطرة على عدد من رافعات القوة الأساسية. وهكذا، وبعد أن كانت يده على رافعة الأمن لفترة طويلة، جعل من جيشه الركيزة الأساسية للاقتصاد سيرًا على خطى النموذج المصري”.

ولفتت إلى أن الاقتصاد السري يقع تحت سلطته، بل إنه يشارك في العمل الإنساني، حيث تم تعيين ابنه بلقاسم على رأس “صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا” بعد الفيضانات الكارثية التي اجتاحت درنة في سبتمبر 2023، التي خلفت رهانات اقتصادية ضخمة. وفي سياق يتوقع فيه الجميع رؤية العجوز البالغ من العمر 80 سنة، والذي أصيب بجلطة دماغية في سنة 2018، يختفي بين عشية وضحاها، وحيث لا يستطيع أحد معرفة ما سيحدث في اليوم التالي، يحاول الأب وأبناؤه إغلاق أكبر عدد ممكن من الآليات الأساسية للسيطرة على أجزاء البلاد التي تقع تحت سيطرتهم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى