اخباراقتصادالرئيسية

رغم الاضطرابات السياسية.. هل ليبيا الورقة البديلة التالية لأسواق النفط؟

عربي 21-

نشر موقع “أويل برايس” الأمريكي تقريرًا، تحدث فيه عن حقيقة ما إذا كانت ليبيا ستصبح الورقة البديلة التالية لأسواق النفط العالمية، حيث تؤثر الاضطرابات السياسية والأزمة الأمنية في ليبيا بشكل كبير على إمدادات النفط العالمية، كما تتسبب النزاعات الداخلية والتوترات الجيوسياسية في تقليل إنتاج النفط في ليبيا وتعطيل الصادرات.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته “عربي21″، إنه بالنظر إلى الفوضى الاقتصادية التي تسبب فيها التضخم الناتج عن أسعار الطاقة للحكومات الغربية منذ الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم، فإن آخر ما يرغبون به هو تعطل إنتاج النفط في ليبيا، الذي من شأنه أن يساهم في ارتفاع أسعار النفط مرة أخرى.

ووفق الموقع، فقد أمر حفتر قواته الأسبوع الماضي بالتأهب حتى يتم الاتفاق على التوزيع العادل للثروة النفطية بين قادة الجيش الوطني الليبي والفصائل المتحاربة الرئيسية. وفي المرة الأخيرة التي أصدر فيها مثل هذا التحذير، تراجع الإنتاج النفطي في ليبيا بأكثر من 1.2 مليون برميل يوميًا، ما ساهم في ارتفاع أسعار النفط

لهذا السبب، يجب على الفصائل السياسية الرئيسية الأخرى في ليبيا وأسواق النفط العالمية أن تأخذ تحذير حفتر على محمل الجد، بسبب ما وقع في 18 سبتمبر 2020م عندما وافق على إنهاء الحصار الوطني للمنشآت النفطية الرئيسية. ففي ذلك الوقت الذي تم فيه الاتفاق على الصفقة بين حفتر وعناصر من حكومة الوفاق الوطني في طرابلس المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، قال إن رفع الحصار لم يكن ساري المفعول إلا لمدة شهر واحد ما لم يتم التوصل إلى اتفاق آخر يوضح بالضبط كيف تم تقسيم عائدات النفط. وفي نهاية كل حصار، كان يقول الشيء نفسه، لكن لم يتم إحراز أي تقدم نحو هذا الهدف، على الرغم من الوعود المقدمة.

وأوضح الموقع أنه ومن أجل معالجة حقيقة أن حكومة الوفاق الوطني تسيطر فعليًا على المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي، تم تكليف اللجنة أيضًا بـ”إعداد ميزانية موحدة تفي باحتياجات كل طرف، وتسوية أي خلاف على مخصصات الميزانية. وسيُطالب البنك المركزي في طرابلس بتغطية المدفوعات الشهرية أو الفصلية المعتمدة في الموازنة دون أي تأخير”.

ونقل الموقع عن مصدر قانوني يتخذ من واشنطن مقرا له ويعمل عن كثب مع الإدارة الرئاسية بشأن مسائل الطاقة؛ أن المؤسسة الوطنية للنفط كانت تعمل على “ترتيبات مصرفية بديلة لعائدات النفط التي قد تتضمن أو لا تتضمن المدخلات على التفريق النهائي لمزيد من اللاعبين”. ومع ذلك، لم يتم العمل على تفاصيل هذا، ولم يتم طرح أي أفكار بديلة منذ ذلك الحين.

وبدلاً من ذلك، انزلقت ليبيا إلى مزيد من الفوضى والمزيد من الحصار. وأبرز مثال على ذلك كان سلسلة الحصار واسع النطاق لمختلف الموانئ والمنشآت في السنة الماضية. كما توقف إنتاج النفط في حقل أبوالطفل والانتصار والنافورة.

وقبل ذلك بقليل؛ تم إغلاق حقل الشرارة في غرب البلاد، والذي ينتج حوالي 300 ألف برميل يوميًا، وقبله أيضًا تم إغلاق حقل الفيل النفطي، الذي ينتج 70 ألف برميل يوميًا. وتعتبر هذه المواقع المورد الرئيسي للنفط الخام الخفيف عالي الجودة في الغالب. وبشكل عام، خلال تلك الموجة من الحصار والإغلاق، كانت ليبيا تخسر حوالي 550 ألف برميل يوميًا من إنتاجها النفطي.

وأكد الموقع على أن تأطير هذه الحصار كان بمثابة اضطراب سياسي بدرجة غير عادية، حتى بالمعايير الليبية. فمن الناحية النظرية؛ كان الهدف من ذلك يكمن في إنشاء إطار عمل أكثر استقرارًا لاتفاق طويل الأمد من النوع الذي كان يفكر فيه حفتر في الأصل في سبتمبر 2020. ومن الناحية العملية، أدى ذلك إلى استقرار الوضع والذي يخدم مصلحة المستثمرين الغربيين المحتملين.

وفي شهر يوليو 2022، استبدل رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد دبيبة، رئيس مجلس إدارة مؤسسة النفط الليبية، مصطفى صنع الله، وفرحات بن قدارة، الذي كان محافظًا لمصرف ليبيا المركزي من سنة 2006 إلى سنة 2011. وقد رفض مصطفى قرار رئيس الوزراء بإقالته، وفي ظهور تلفزيوني ناري، حذر الدبيبة من المساس بالمؤسسة الوطنية للنفط أو عائدات النفط والعقود التي تديرها.

وجاء كل ذلك في أعقاب المحاولة الفاشلة التي قام بها فتحي باشاغا – رئيس وزراء “الحكومة البديلة” في شرق البلاد قبل ثلاثة أشهر – للاستيلاء على السلطة في طرابلس. وقد طُرد باشاغا وميليشيات كتيبة النواصي التي رافقته في نهاية المطاف من المدينة من قبل العديد من الفصائل المتقاتلة هناك. وحدث هذا وسط الرفض المستمر للدبيبة – الذي تم تعيينه من خلال عملية بقيادة الأمم المتحدة في سنة 2021 – لتسليم السلطة حتى يحين الوقت الذي ينتخب فيه الشعب الليبي حكومة بشكل صحيح. وشهد شهر مايو من هذه السنة تصويت البرلمان الليبي في شرق ليبيا على تعليق باشاغا كرئيس للوزراء المعين وتكليف وزير ماليته أسامة حمادة بمهامه. وبالنظر إلى أن باشاغا قاد ثلاث محاولات انقلابية من هذا القبيل في ثلاثة أشهر، فمن العدل الافتراض أنه لا يرى أن مستقبله السياسي قد انتهى للتو.

وأضاف الموقع أنه من الصعب حاليًا تصديق ذلك، فقبل الإطاحة بالزعيم السابق، معمر القذافي، في سنة 2011، لم تكن ليبيا دولة فاشلة كما هي اليوم؛ حيث تمكنت البلاد بسهولة من إنتاج حوالي 1.65 مليون برميل يوميًا من النفط الخام الخفيف عالي الجودة في الغالب، وكان الإنتاج في اتجاه تصاعدي محققًا ارتفاعا بقيمة 1.4 مليون برميل يوميًا في سنة 2000. وعلى الرغم من أن هذا الإنتاج كان أقل بكثير من مستويات الذروة التي تم تحقيقها في أواخر الستينات، فقد كان لدى المؤسسة الوطنية للنفط خطط قبل سنة 2011 لطرح تقنيات الاستخلاص المحسن للنفط لزيادة إنتاج النفط الخام في حقول النفط المستحقة.

وبالنظر إلى هذه الخطة، يبدو أن هناك مجالًا لزيادة إنتاج النفط الخام إلى 2.1 مليون برميل يوميًا التي كان يستهدفها وزير الغاز والنفط الليبي آنذاك، محمد عون، والوصول إلى الهدف المؤقت غير الرسمي البالغ 1.6 مليون برميل يوميًا بنهاية سنة 2023. ومن المناسب أيضًا أن نتذكر في هذه المرحلة أيضًا أن ليبيا لا تزال لديها حوالي 48 مليار برميل من احتياطيات النفط الخام المؤكدة، وهي الأكبر في أفريقيا.

ويرى الموقع أن هذا هو السبب في أن العديد من كبرى الشركات الغربية لا تزال ناشطة في البلاد. ففي الآونة الأخيرة نسبيًا، كان هناك إعلان من ليبيا بأن شركة “إيني” الإيطالية قد وقعت اتفاقية مع المؤسسة الوطنية للنفط من شأنها أن تستثمر حوالي 8 مليارات دولار أمريكي لإنتاج حوالي 850 مليون قدم مكعب يوميًا من حقلي غاز بحريين في البحر الأبيض المتوسط. ولا تزال شركة “إيني” تنتج الغاز في ليبيا من حقل الوفاء وحقل بحر السلام الذي تديره شركة “مليتة” للنفط والغاز، وهو مشروع مشترك بين الشركة الإيطالية والمؤسسة الوطنية للنفط

وقبل ذلك، ذكر فرحات بن قدارة أيضًا أنه يتوقع أن يبدأ برنامج منفصل للتنقيب البحري والبرية في غضون الأشهر المقبلة، تحت قيادة شركة “إيني” و”بريتيش بتروليوم” و”توتال إنيرجي”. وبالعودة إلى أبريل 2021، في اجتماع بين رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط آنذاك، مصطفى صنع الله، والرئيس التنفيذي لشركة “توتال إنيرجي”، باتريك بويان، وافقت الشركة الفرنسية على مواصلة جهودها لزيادة إنتاج النفط من شركة “الواحة” للنفط وشركة “الشرارة” وشركة “مبروك” العملاقة بما لا يقل عن 175 ألف برميل يوميا.

واختتم الموقع التقرير بالقول إن محاولة التنبؤ بكل الألاعيب المحتملة التي قد تحدث في الأيام القليلة المقبلة ليست سوى تمرين غير مجدي. ويبدو احتمال حدوث المزيد من الحصار الكبير مرتفعًا للغاية، حيث لا يضع حفتر قواته في وضع الاستعداد إلا إذا كان ينوي استخدامها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى