الرئيسيةالراي

رأي- أين يتجه الصراع على السلطة في ليبيا؟

* كتب/ السنوسي بسيكري،

أزمة تغيير الحكومة التي أصر عليها البرلمان ما تزال قائمة، ومظاهر تأزمها أكثر تتجلى كل يوم، وهي أزمة بعدة أوجه، وجه دستوري قانوني، ووجه سياسي، وآخر اجتماعي، ذلك أنها تنشب بين كتلتين يقودهما رأسان من مدينة مصراتة.
قد يكون هناك رابح وخاسر بالمفهوم المادي وعلى الصعيد الشخصي، إذ لا ينفك كلا الرأسين يعبر عن دوافع مصلحية وأهواء شخصية وهما ينافحان لنيل المنصب أو البقاء فيه، أما بمعيار قوة الموقف السياسي وتماسك الجبهة واستقرار المنطقة فإن كلا طرفي النزاع خاسر، وهو ربما أحد أهداف من صمم هذه المقاربة في طبرق والرجمة ومن خلفهما من ظهير خارج الحدود الليبية.

باشاغا مشغول بتشكيل الحكومة، وتشكيلها ليس أمرا يسيرا في ظل التدافع والنزاع الراهن، ومع إدراك محركات الأزمة الراهنة نفهم لماذا ستكون مهمة باشاغا عسيرة، فحفتر قبل هذا التنازل على مضض، وبالتالي سيكون المقابل الذي يطلبه غاليا، وهو وزارات سيادية ومناصب حيوية تعزز ثقله في صناعة القرار المالي والأمني العسكري، فهما من أهم الركائز التي يقوم عليها مشروعه، وقد اعتمد في تعزيز نفوذه عبرهما على الداعمين الإقليميين وخزانة الحكومة المؤقتة وأموال المصارف التجارية وطباعة العملة، ولأن هذا المعين قد شارف على النضوب فإن البديل هو نفوذ الشراكة مع باشاغا والجبهة التي تناصره.

بالمقابل، فإن تحدي الرفض والتخوين اللذين يواجههما باشاغا في الجبهة الغربية سيدفعه إلى استرضاء هذه الجبهة بغرس عناصر مبرزين منها في الحكومة، وهي مقاربة صعبة التكييف في ظل الاستقطاب الحاد وخطاب التخوين، وقد يقود هذا الاستقطاب إلى تعثر إقرار الحكومة.

ادبيبة يستفيد من حالة الغضب والرفض ضمن الجبهة الغربية، فالسخط والمعارضة النشطة أثرت في توجه المجلس الأعلى للدولة الذي بدا في موقفه الأول منحازا للتوافق مع البرلمان، ومع اشتداد موجة الرفض وارتفاع نبرة التخوين ارتبك الأعلى للدولة، وانقسم على نفسه، وكان العنوان الأكبر في الاضطراب تصريحات رئيسه التي تلونت بألوان عدة وعكست ما يواجهه هو والغالبية التي تناصره من ضغوط. وقد وصف أحد قيادات المجلس الأعلى للدولة الموقف في المجلس بأنه أكبر تحد يواجهه مذ تأسيسه.

من المهم التنويه إلى أثر الموقف الشعبي والحراك النشط على الأرض، فالجولة على هذا المستوى لصالح ادبيبة، ولا فعل مشابها لصالح باشاغا يكافئ الحراك الذي ظاهره تأييد الأول، إلا أنه حراك بلافتات متنوعة ومطالب عدة، منها رفض الدخول في مرحلة انتقالية جديدة، وإنهاء البرلمان والأعلى للدولة، والتعجيل بالانتخابات، والاحتجاج على حلف باشاغا مع حفتر، والرغبة في استمرار ادبيبة على رأس السلطة، ويكسب هذا التنوع ادبيبة زخما، ويزيد التحدي أمام باشاغا.

أمام المواجهة المكبوتة فيقف المجتمع الدولي متفرجا ولا أبالغ إن قلت حائرا، فهذه الأطراف تقدر الفعل والحراك على الأرض، وهي بالمقابل لا تستطيع أن تعارض البرلمان خاصة إذا اقترب منه الأعلى للدولة، ويعكس هذه الحيرة موقف ستيفاني ويليامز التي كانت ضد تغيير الحكومة وأعلنت هذا صراحة مرات عدة بل حاولت التأثير على عقيلة صالح وثنيه عن السير في هذا الاتجاه، ثم أقرت التغيير بعد أن بدا لها أن المجلس الأعلى للدولة يوافقه عليه، وسيكون لتراجع المشري عن موقفه الداعم للتغيير والانقسام الحاد الذي يواجهه المجلس الأعلى للدولة تأثيره من خلال استمرار حالة الترقب دوليا والبحث عن مخرج توافقي جديد.

وأكرر أن الزخم الشعبي على الأرض بات مؤثرا، وما لم ينجح باشاغا في تنشيط حراك مكافئ، فليس أمامه إلا الاعتماد على القوة العسكرية، وهي غير كافية لفرض أمر واقع، والحصول على تأييد المصرف المركزي، فالقوة العسكرية بلا سلطة المال لن تجدي كثيرا، وهو بالمناسبة التحدي نفسه الذي سيواجهه ادبيبة في حال منح الثقة لحكومة باشاغا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*منقول عن موقع عربي 21

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى