اخبارالرئيسيةعيون

شهران على دعوة باتيلي.. ماذا يعرقل اجتماع الليبيين؟ (تقرير)

الأناضول-

بعد 60 يومًا على دعوة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي الأطراف الليبية للاجتماع بهدف إنهاء أزمة الانقسام السياسي الذي تشهده البلاد، ما زال تحديد موعد انعقاد الاجتماع غير متاح.

وعلى مشارف دخول دعوة باتيلي شهرها الثالث، أثيرت العديد من التساؤلات حول الأسباب التي قد تكون عائقا لتنظيم الاجتماع المنشود، خاصةً أن المبادرة كانت قد حظيت بترحيب دولي ومحلي.

وفي 23 نوفمبر 2023، وجّه باتيلي دعوات إلى الأطراف المؤسسية الرئيسية في ليبيا، للمشاركة في “اجتماع سيُعقد خلال الفترة المقبلة”، بغية التوصل إلى تسوية سياسية بشأن القضايا ذات الخلاف السياسي، المرتبطة بتنفيذ العملية الانتخابية.

والمقصود بالأطراف المؤسسية في ليبيا: المجلس الرئاسي، ومجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة، وحكومة الوحدة الوطنية، وحفتر.

ورغم الترحيب بها، غير أن مبادرة باتيلي واجهت منذ البداية عدة عوائق، كالشروط المسبقة التي أبدتها بعض الأطراف، والتي رجّح العديد من المراقبين بأنها ستكون سببًا أساسيا في إفشالها.

من هذه الشروط ما صدر عن اجتماع العاصمة المصرية القاهرة في 16 ديسمبر 2023، الذي ضمّ رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح وقائد قوات الشرق الليبي خليفة حفتر.

المجتمعون بالقاهرة أكدوا آنذاك ترحيبهم بالمشاركة في الاجتماع الذي دعت إليه البعثة الأممية، شريطة عدم إقصاء أي طرف، ومراعاة تحفظات ومطالب المجتمعين والأخذ بها، ودعم الحل الليبي-الليبي المتوازن بما يحقق تطلعات وآمال الشعب لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.

نجاح الضغوط الدولية “وارد

أشرف بلها، رئيس “تجمع تكنوقراط ليبيا”، قال إن “اجتماع الأطراف الخمسة يواجه عدة عراقيل تمنع انعقاده، منها الشروط المسبقة، وانقسامات مواقف، منها رفض الجلوس مع حكومة الوحدة الوطنية بشكل قاطع، بالإضافة إلى انعدام الأرضية المشتركة للحوار بينهم”.

وأضاف بلها في حديث للأناضول: “ربما تكون هناك بعض الأطراف قد رفعت من سقف شروطها لتحقيق مكاسب معينة، وتعثر انعقاد الاجتماع حتى الآن يعود كذلك لاعتماد باتيلي في خطته على الأطراف المتنازعة لوضع حل، وهذا غير متاح حاليًا نظرًا للتباعد في مواقفها، ولأنه ليس لديها نوايا حسنة أو ثقة متبادلة”، وفق رأيه.

بلها اعتبر أنه “لا يمكن الحكم المسبق على مبادرة باتيلي بالفشل لأن احتمال نجاح الضغوط الدولية على الأطراف الليبية الخمسة والمستهدفة في الاجتماع ما زال واردًا، وهناك احتمالية أخرى في لجوء المبعوث الأممي إلى اللجنة رفيعة المستوى والتي ذكرها في السابق”.

وأضاف: “لا يمكننا كذلك تبرئة كل الأطراف الإقليمية والدولية من عرقلة مساعي باتيلي، لأن بعضها قد يخشى على حليفه الليبي من الخسارة عند إجراء الانتخابات، وبالتالي يفقد ما في يده من سلطة ونفوذ وتموضع سياسي في المشهد الليبي الحالي”.

باتيلي “تُرك وحيدًا

من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي فرج فركاش، إنه “رغم اللقاءات الدولية والبيانات الداعمة لباتيلي من قبل الاتحاد الأوروبي وواشنطن والدول المتدخلة بصورة مباشرة أو غير مباشرة في ليبيا، إلا أنه تُرك وحيدًا لمحاولته جعل دائرة المأزق الليبي مربعًا”.

وتابع فركاش في حديث للأناضول: “ما يفتقده باتيلي بعد تخلّيه عن فكرة اللجنة رفيعة المستوى، هو الدعم الدولي الحقيقي والفعلي والمتمثل في عصا دولية في وجه المعرقلين، وليس مجرد بيانات ولقاءات”.

وأضاف: “بدلا من التلويح بعقوبات فعلية منها عدم التعامل سياسيا مع الأطراف المتعنّتة، نرى استمرارا للمجاملات لبعض الأطراف التي لم تلتزم بتعهداتها بخصوص مخرجات الاتفاقات التي أبرمت في السابق”.

وفي هذا السياق أشار فركاش إلى “الاتفاق السياسي الذي رفض رئيس مجلس النواب عقيلة صالح تضمينه في الإعلان الدستوري، ومنع الحكومات التي خرجت من رحم التوافقات والاتفاقات من العمل في جميع أنحاء ليبيا”.

كما شدد على أنه “ما لم يكن هناك موقف دولي موحّد يصبّ في هذا الاتجاه، سنستمر في المراوحة في المكان نفسه دون التقدم خطوة للأمام، وسيتم إفشال مساعي باتيلي كما أفشل سابقوه وبالعامل المشترك نفسه المتمثل في أغلب الأجسام والوجوه الحالية للأسف”، وفق تعبيره.

ورأى فركاش أن “المجتمع الدولي الآن ورغم انشغاله بقضايا أخرى مثل الحرب الأوكرانية الروسية والحرب الإسرائيلية على غزة، عليه الانتباه إلى ما قد يحصل في ليبيا التي تمثل ساحة استراتيجية ومحورية لأمن واستقرار أوروبا، من ناحية الطاقة والتهديدات المستمرة بإغلاق مصافي وحقول النفط والهجرة غير القانونية، وخاصة مع تنامي النفوذ الروسي في إفريقيا”.

وأشار إلى أن “استقرار ليبيا وأمنها سيخدم أوروبا بالدرجة الأولى، لذلك عليهم إن كانوا جادّين في حل الأزمة الليبية أن يستخدموا ويضعوا ثقلهم السياسي وراء باتيلي لتحقيق اختراق سياسي يضمن إجراء انتخابات على الأقل تشريعية، والتزام كل الأطراف بمخرجاتها والتلويح بعقوبات سياسية صارمة ضد المعرقلين، بدلا من استمرار المجاملة”.

عامان من الانقسام السياسي

ومنذ مطلع العام 2022، يوجد في البلد الغني بالنفط حكومتان، يرأس إحداهما أسامة حماد بتكليف من مجلس النواب، والأخرى معترف بها من الأمم المتحدة، وهي حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.

ورغم الدعوات المتكررة داخليا وخارجيا لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، إلا أن هذه الدعوات لم تتحقق نتيجة اصطدامها بالعديد من المعوقات ومن أبرزها الخلافات المستمرة بين مجلسي “النواب” و”الأعلى للدولة”.

وأصدر مجلس النواب في 4 أكتوبر 2023 قوانين انتخابية قال إن اللجنة المشتركة (بين النواب والأعلى للدولة) “6+6” أقرتها في 6 يونيو الماضي عقب مباحثات في مدينة بوزنيقة المغربية.

إلا أن المجلس الأعلى للدولة اتهم مجلس النواب بإجراء تعديلات (لم يوضحها) على القوانين التي تم إقرارها ضمن اللجنة، وأعلن تمسكه بالقوانين المقرة من اللجنة.

ولم يكترث مجلس النواب برفض المجلس الأعلى للقوانين التي أصدرها حيث قام بنشر القوانين الانتخابية في الجريدة الرسمية ما يعني بأنها صارت تشريعات نافذة وفق القوانين الليبية، فيما لم تتمكن المفوضية العليا للانتخابات من تنفيذ هذه القوانين نظرا للخلافات السياسية القائمة.

وتتمثل تلك النقاط الخلافية بين الجانبين في شروط الترشح للانتخابات الرئاسية حيث يصر مجلس الدولة وبعض الأحزاب السياسية على منع العسكريين ومزدوجي الجنسية من الترشح للرئاسة في حين يصر مجلس النواب على عكس ذلك.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى