الرئيسيةثقافة

رحيل أمي..

* كتب/ خالد الجربوعي، 

رحلت أمي..

دفنت تحت الثرى

بقيت وحيدا

جافاني حتى البكاء

فقد كانت هي

الأرض والسماء

الفرش والغطاء

الماء والهواء

الصحة والشفاء

فهل بعدها

تحلو الحياة

ماتت أمي..

فقفل باب البر والدعاء

فتح باب الهم والشقاء

فقد كانت

البلسم والدواء

الزاد والغذاء

إنها نجمة الصباح المساء

 

..نوفمبر 2021

 

يوميات أمي ..

أمي رحمها الله لم تعرف أما ولا أبا منذ طفولتها، فلقد عاشت يتيمة وتكفل أخوها الأكبر بتربيتها مع أختها وأخيه الآخر، لهذا لم تشعر بمعنى حنان الأم ولا عطف الأب، فعاشت محرومة من كل ذلك، لهذا عندما تزوجت وأنجبت الأطفال عملت على عدم جعل أبنائها يحرمون مما حرمت منه، فأرادت أن تمنحهم كل العطف والحنان والحب الذي حرمت منه يوما، فأصبح أبناؤها منذ ولادتهم وحتى مماتها هم محور كل حياتها، وهم من لهم كل المكانة في قلبها وعقلها، وكل شيء تعيشه كبارا أو صغارا، فحتى من أصبح جدا أو أبا لم يخرج من دائرة اهتمامها كليا ولو بنسبة بسيطة، فالكل بقى لهم مكان واهتمام متواصل وبشكل يومي لا يتوقف ولا ينتهي، تتبع أخبارهم وأحوالهم، وتعمل على توفير ما قد يفتقده أحدهم بكل ما تستطيع، معنويا وماديا، فكانت تضحي بكل شيء تملكه من أجل قضاء حاجة أحد أبنائها في حاجة إلى ذلك، كانت تلك الحاجة تنزع ذهبها من رقبتها وأيديها لتبيعه وتمنح ثمنه لمن هو في حاجة إلى ذلك، ولمن يطلبه دون أهمية لما فقدت يوما.. بل إن كل من علاقاتها مع من حولها من البشر كانت ترتبط بمدى علاقات أبنائها بهم وتعاملهم معهم، فمن أحسن إليهم أصبح مقربا منها وعزيزا عليها، ومن فعل العكس تحول إلى خصم لها، مهما كانت علاقته بها، فكلهم لا وجود لهم أمام أبنائها مهما كانت علاقته بهم، حتى إن كل من يصل إلى أحد أبنائها بسوء ولو بكلمة أو فعل يتحول إلى خصم، بل إلى عدو لها في أكثر الأحيان. لا يمكن أن تنسى فعله مهما مرت السنون والأيام، حتى إنها قطعت علاقاتها بالكثيرين لمجرد أنهم تجرؤوا على أحد أبنائها يوما حتى في طفولتهم، وعملت جاهدة لكي تكون أما للجميع، تمنح كل واحد منهم ما يستحق من اهتمام حسب ظروفه والوضع الذي يمر به، بل لقد سخرت كل ما تملكه من إمكانيات حتى لو كانت محدودة لتمنحها لمن يستحق، ولو على حساب حاجياتها الضرورية، فكانت أما تقطر عطفا وحنانا، حتى أننا كنا في كثير من الأحيان نحاول أن تثنيها عن بعض الأفعال العاطفية جدا، التي قد تكون نتائجها عكسية، لكن عاطفتها كانت أقوى من كل شيء وأكبر من كل من موقف، ليتم تنفيذ ما تريده حتى لو كان فيه بعض الضرر، المهم أن لا ترى ابنا لها في مواقف سلبية أو ضعيف، وتقف دون تقديم المساعدة أو دفع الآخرين لفعل ذلك، رغبة أو غصبا، فكانت عاطفتها العالية جدا على أبنائها هي من تقودها في كل أفعالها اليومية، وكان أبناؤها هم كل حياتها حتى آخر لحظة قبل مماتها.. فرحم الله أمي وغفر لها وأسكنها فسيح جنانه يارب ..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى