الرئيسيةالراي

رأي- من أين استوردت مصطلحات قانون تجريم السحر في ليبيا؟

* كتب/ عصام الماوي،

يناقش مجلس النواب هذه الأيام مشروع قانون يجرم (أعمال السحر والشعوذة والكهانة وما في حكمها)، المقدم من الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية بحكومة الوحدة الوطنية.

وبغض النظر عن مدى اتساق هذا المقترح من حيث المضمون مع سياسة التجريم والعقاب والتي لابد أن ترد على وقائع ذات طبيعة مادية محسوسة، وسلوك إجرامي محدد، فإن الملاحظ على هذا المشروع:

أولا: هو ما تضمنه من مصطلحات مغايرة للمصطلحات المعمول بها في القانون الجنائي الليبي، مثل ما جاء في المادة (5) من مشروع القانون والتي تنص على أنهُ (يعاقب الساحر بالقتل) فلفظ (القتل) هو مصطلح غريب عن القانون الجنائي الليبي، والذي كان يعبر دائماً عن هذه العقوبة بمصطلح (الإعدام) وهي عقوبة من العقوبات الأصلية، (م 17) من قانون العقوبات الليبي.

ثانياً: إنكار مشروع القانون لفكرة العدول عن الاعتراف، والذي سماه في المادة (4) من المشروع (الإقرار)، أي أن اعتراف المتهم أمام مأمور الضبط كافي لوحده لأثبات وقوع هذه الجريمة، ولو عدل المتهم عن ذلك فيما بعد أمام سلطات التحقيق تحت أي مبرر. وهذا التوسع والتساهل في توفير أدلة الإدانة هو أمر لا يتناسب مع جسامة العقوبة المقدرة عن تلك الأفعال والتي تدور بين (الإعدام والسجن المؤبد والسجن).

ثالثاً: أخل مشروع القانون بمبدأ التفريد العقابي، وسلب القاضي حقه في إنزال العقوبة وتقديرها بحسب ما يتراءى له من ظروف عامة وخاصة، سواء بالواقعة أو بشخص مرتكبها، حيث تنص المادة (16) من مشروع القانون على أنهُ (لا يجوز الأمر بإيقاف تنفيذ أي عقوبة منصوص عليها في هذا القانون ولا استبدالها ولا تخفيفها ولا العفو عنها).

رابعا: نص مشروع القانون في المادة (13) على أن (يتم تشكيل لجنة مختصة بقرار من وزير العدل بالتنسيق مع الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية، تختص بتحديد مدى اعتبار الفعل من أعمال السحر أو الشعوذة أو الكهانة).

وكأن هذا النص يتحدث عن إنشاء (لجنة من الخبراء) توكل إليهم تقدير تحديد مضمون الفعل المسند للمتهم من حيث ما إذا كان من قبيل السحر والشعوذة أم لا، وبعيداً عن أحكام الخبرة كدليل جنائي، وما نظمه المشرع من أحكام تخص ذلك في قانون الإجراءات الجنائية، فإن السؤال يثور عن (معايير) تشكيل تلك اللجنة ونوع (الخبرة) المتطلبة في أعضائها؟، ومن ناحية أخرى يثور التساؤل لماذا أسند تشكيلها لوزير العدل؟.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى