* كتب/ هشام الشلوي،
أسس الغرب الدولة الليبية بعد الحرب العالمية الثانية، وهندس أركانها ونظامها السياسي اعتمادا على شخصية الملك إدريس رحمه الله الرجل الوفي وقتها لبريطانيا، هذه الأخيرة تراجعت قوتها بفعل الحرب المدمرة التي كانت أوروبا مسرحا لها.
وجاء انقلاب أيلول سبتمبر في خضم الأحلام العربية بالقومية والوحدة تأثرا بالدعاية السمجة لعبد الناصر ومن سار على نهجه، لتنتقل ليبيا إلى المعسكر الشرقي الذي حمى نظام القذافي ومده بالحياة.
ثم جاءت مرحلة فبراير أيضا بمساعدة سياسية حاسمة من الغرب وأخرى عسكرية من حلف النيتو الذراع العسكري للغرب الأوروبي والولايات المتحدة، ولولا هذه المساعدة لبقي نظام القذافي يتنفس.
في التأسيس الأول كان الخلاف بين الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من جهة والاتحاد السوفيتي من جهة أخرى.
بعد فبراير اتسعت دائرة الدول التي لها مصالح في ليبيا ذاتية أو متعلقة بمصالح في دول أخرى، فإضافة إلى المؤسسين الأربعة الكبار دخلت الإمارات وقطر ومصر وتركيا كدول لها دور مباشر قل أو كثر نصيبه، مع تأثيرات غير مباشرة لدول أخرى كالسودان والجزائر والنيجر وتشاد.
اتساع دائرة التدخل الرئيسية أو الثانوية انعكست على الداخل الليبي وإدارة الصراع بين مختلف الأطراف، حيث أنه في التأسيس الأول حققت بريطانيا وفرنسا وأمريكا مصالحها دون ضغوط مذكورة من دول أخرى مع حرمان الاتحاد السوفيتي من مصالحه الجيوسياسية في المياه الدافئة.
تحتاج ليبيا حتى تستقر إلى توافق كل الدول ذات التأثير المباشر أو غير المباشر على سيناريو محدد لليبيا، حتى تنصاع الأطراف الداخلية لهذا التوافق. فمن وجهة نظري ما نراه من صراعات داخلية هو تمثيل لخلافات الدول العديدة وعدم استقرارها على معادلة محددة.
ولا يبشر الوضع الدولي وما تنتابه من هزات بين القوى الكبرى بقرب الاستقرار في ليبيا. إذ أن ليبيا بسبب ضعفها وهشاشة متحدها السياسي ستظل دائرة صغيرة تتأثر بشكل رئيسي بما يجري على تخوم ودواخل الدول الأخرى.
استبشرنا بوصول إدارة بايدن إلى الحكم وتغير خريطة العلاقات وإعادة ترتيبها بين دول الخليج وتركيا ومصر وتغير خطاب هذه الدول السياسي، إلا أن الانفجارات الدولية التي دخلت على خطها إدارة بايدن ستترك فرصا عظيمة لعودة اللاعبين الرئيسيين والثانويين إلى الملف الليبي وخضه مجددا.